31-10-2020 03:37 PM
بقلم : م. أحمد نضال عوّاد
ساءني اليوم ظهراً واقع الحال في إحدى المراكز الصحية المعتمدة لإجراء فحص كورونا، حيثُ ذهبتُ وبشكل احترازيّ لإجراء فحص فيروس كورونا للتأكد من(إصابتي / عدم اصابتي) بهذا الفيروس، خاصّة أنني مُخالط لأحد المصابين شافاه الله، حيث قمتُ بعزل نفسي احترازيا بعد معرفتي بذلك في غرفة بالمنزل منذ عصر الأربعاء الماضي. إلّا أنّني صعقت عندما وجدت الناس في تقارب غير اعتيادي أبداً وكأنّنا أمام كرفان لتوزيع المساعدات بدلاً من كونه لفحص فيروس مجهول!
ما المانع من الاستعانة بالمدارس كونها مغلقة حالياً لهذه الغاية وجعلها مراكز لسحب العينات؟!
جهودٌ كبيرة يتم بذلها دائماً من قبل كافة الجهات المعنية، وفي مقدمتهم الكوادر الطبية والصحية والأجهزة الأمنية وكلّ في اختصاصه لتسهيل مهمّة فرق التقصي الوبائيّ وتنظيم عمليات التباعد في الكثير من الأماكن، والمراقبة على إجراءات السلامة العامة وغيرها.
ما صدمني أكثر، أنه وبعد دقائق سألت أحد الشباب الخارجين من المركز الصحيّ، ويرتدي كمامته على رقبته، هل قمت بإجراء الفحص؟ فأجابني "أه"، فقلتُ له " هل شايف إنه عادي يكون الناس هيك متقاربين في منطقة الفحص؟ مش خايف على حالك"، فقال لي " ليه أخاف، والدتي مصابة بالبيت ونتيجتها إيجابية!".
هُنا ذُهلت للأمانة، ووجدت أنني وغيري من يجب أن نخشى على أنفسنا من مثل هذا التفكير، فللأسف ما زال الوعي ينقص الكثير منّا، ولا أُعمّم. وما دفعني للكتابة اليوم هو أنّنا في المملكة قمنا بالكثير من الإجراءات وتحمل المواطنين جميعاً الكثير منذ آذار الماضي ولا نريد أن تضيع هذه الجهود الكبيرة التي تمّ بذلها سدىً!
ولأنّنا يجبُ أن نشعر بالمسؤولية دائماً، حاولتُ مع المواطنين المتواجدين داخل المركز الصحيّ وأخبرتهم بأهمية التباعد لكن الاستجابة كانت قليلة جداً،وتحدثت بعدها مع أحد الكوادر الطبية العاملة وأخبرني أنه منذ الصباح يحاول التنظيم لكن لا يوجد استجابة. فغادرت لأنني أعتقد إذا كان الذي يريد الفحص غير مُصاب فإنّه سيتحول إلى مُصاب بفعل هذا التقارب واللامبالاة المتواجدة عند البعض! وكما أخبرني بعد ذلك بعض أصدقائي الشباب الناشطين وأرسلوا لي صوراً لوجود اكتظاظ في مراكز أُخرى أيضا وهذا ما يؤكد أهمية اتخاذ إجراءات جديدة تضمن تحقيق التباعد الجسدي والالتزام بالتعليمات.
وبعد حصول ذلك بدقائق وصلت دورية الأمن العام في محاولة لإجراء التنظيم اللازم، فجهودهم مشكورة ومحطّ التقدير دائماً.
وفيما يلي عدد من الحلول المقترحة التي بالإمكان دراسة تطبيقها من قبل خلية الأزمة للحدّ من هذه التجاوزات غير المسؤولة ولضمان الحفاظ على صحة المواطنين.
أولاً :
أهمية تنظيم طريقة لفحص المخالطين الراغبين بالفحص بالمراكز الصحية والأماكن المعتمدة ومنح مواعيد إلكترونية لكلّ منهم.
ثانياً:
أهمية وجود كوادر طبية وأمنية أيضاً لتنظيم التباعد الجسدي المطلوب بشكل دائم، ومن الممكن كذلك الاستعانة بكوادر القطاع العام من المؤسّسات المختلفة بشكل دوريّ خاصّة وأن الدوام للكثير من الموظفين والمؤسسات بنسبة 50% في مراكز عملهم.
ثالثاً:
أهمية تغليظ العقوبات على المخالفين وغير الملتزمين فــ " من أمِن العقوبة أساء الأدب"، وفرض غرامات مالية كبيرة جداً على كلّ شخص غير مسؤول ولا يشعر بأهمية التزامه بهذه التعليمات، وإلى كلّ شخص غير مهتمّ بنفسه ولا يلتزم بالتعليمات نقول: "ينتهي حقك وحريتك عندما تقوم بإيذاء الآخرين والاعتداء عليهم" والمصاب أو المشتبه إصابته تحديداً عليهم مسؤولية أكثر من الآخرين.
رابعاً:
تشديد الرقابة وتعزيز التعاون والتشاركية، ما بين المؤسسات المعنية المختلفة، حيث أنّ عدم الالتزام بتعليمات التباعد ولبس الكمامة حسب الأصول مُمارسات نشاهدها في العديد من الأماكن وليس فقط في الحالة التي ذكرتها أعلاه، فالأسواق ووسائط النقل العام وغيرها شاهدةٌ على ذلك يومياً، وعلينا استشعار الخطر الحقيقي من آلاف الإصابات التي نسمع عنها يومياً والتي حسب قوانين الإحصاء تخبرنا بخطورة المرحلة المقبلة لا سيما إذا ما بقينا دون إجراءات رادعة بشكل أكبر.... ويهمنا سماع رأي أصحاب القرار والمختصين حول ذلك دائماً وتطميننا باستمرار!
خامساً:
نحنُ مقبلون على استحقاق دستوريّ هامّ الأسبوع المقبل إن شاء الله، داعياً اللّه أن تمضي الأمور على خير عند عقد هذه الانتخابات، وأن نُشاهد إلتزام حقيقي من قبل الأخوة المواطنين وليس التزاماً شكلياً أمام الكاميرات أو عند وجود المسؤول فقط!
سادساً:
أضعُ اقتراحاً أمام الهيئة المستقلة للانتخابات، ولا أعلم مدى دستوريته أو إمكانية تطبيقه والمتمثل بجعل الانتخابات على أكثر من يوم بدلا من يوم واحد "ثلاثة أيّام مثلاً" ووفقاً لنهاية الرقم الوطنيّ لكل مواطن مثلاً، وإذا تعذر ذلك فإنّني أرجوكم رجاء المحبّ لحبيبه اتخاذ كافة إجراءات السلامة والتدابير التي تلزم لتحقيق التباعد الجسدي المطلوب وإلزام الناخبين إرتداء الكمامة ومنع التجمعات إطلاقاً.
أرجوكم لا نريد أن نفجع بأحد، والحلّ الأفضل رغم كلّ ما سبق هو أن يكون الالتزام طوعياً منّا جميعاً، وأن نتعامل مع كل شخص على أنه مصاب ونخشى على أنفسنا وأحبابنا نقل العدوى لهم، وبنفس الوقت نعتبر أنّنا مصابون ونخشى إلحاق الضرر بالنّاس جميعاً.
فلا يؤمنُ أحدكم حتى يحبّ لأخيه ما يحبُّ لنفسه. فلنأخذ بالأسباب وكأنّها كلّ شيء، ولنتوكل على اللّه وكأنها لا شيء. ودرهمُ وقاية خيرٌ من قنطار علاج!