04-11-2020 10:47 AM
بقلم : يوسف رجا الرفاعي
حتى نُصدِّق ان ترامب هو صاحب القرار المنفرد ووحده فقط من يملك القرار ، علينا ان نُصدق ان امريكيا ليست دولة مؤسسات ولا يحكمها قانون ، وعلينا ان نُصدق ايضاً ان الكونجرس الأمريكي بمجلسيه ، الشيوخ والنواب هما مجالس دواوين ومجالس حديث الذكريات وممارسة قضاء الوقت في اوقات عمل رسمي ، وعلى العالم بعد ذلك ان يتهم شخص الرئيس بأنه اعظم ديكتاتور على وجه الارض ، يا من تُوهِمون الناس بأن ما يَصدُر عن هذا الرئيس هو قرار فردي ، أيُعقلُ هذا ؟
لم يكن إنتخاب الرئيس الأمريكي محض الصدفه ، بل جاء إختياره بمنتهى الدقة وبواسطة صناديق الاقتراع الامريكيه متلائما مع المرحلة التي يعيش العالم اجمع كامل تداعياتها ،
العالم الان منضبط ويسير طواعية او بالإكراه وفق ما رَسَمَته وخططت له الدولة العالمية العميقه التي كان اختيارها للرئيس الامريكي اختياراً بِحدِّه الادنى صحيحاً وفق إفرازات المرحلة التي يعيش العالم احداثها المتسارعة على جميع الاصعده ،
لم يكن باستطاعة الرئيس الامريكي ولو كان معه ثلاثة ارباع الأرض ان يُعطِّلَ جميع المؤسسات والمنظمات والهيئات الدولية ويعطل قراراتها ، ولم يكن باستطاعته ان يُصدر قرارات نافذة بحق كامل دول العالم وشعوبها دون مرجعية تُذكر لو لم يكن وراء هذا التعطيل ووراء هذه القرارات من يجعلها نافذة دون مرجعية ولا حتى اعتراض ، اللهم ربما يكون هناك صوت خافت لا يتجاوز مداه ابعد مِن قائله ،
المشهد الذي يعيشه العالم باسره انما هو ارهاصات ومقدمات لتطورات قادمة لا محاله ، وهذا ليس رجماً بالغيب ولا ضرباً بالرمل ، ونحن العرب واصدق ما قالته العرب هي امثالها ، فيقول العرب ؛
" إن الأثر يدل على المسير وإن البعرة تدل على البعير " فهذه البدايات تنُذر باحداث، وكما ان مقدماتها لم تكن تخطر على بال ، ستكون إفرازاتها ونتائجها ايضاً غير متوقعة وربما ستكون ضربا من الخيال .
خيار الرئيس ترامب ليس منروكاً لرهانات او مزاجية ناخب ، فمَن تمكَّنَ من ظبط ايقاع العالم بأسره لن يَصعُب عليه ضبط اختيار شخصية القيادة العالميه وبطريقة منضبطة مقبولة ومُرضية للشارع والناخب الامريكي،
المرحلة تقتضي هذه الشخصية وهذه الكاريزما التي تَعَوَّد العالم عليها وتم تطبيعه وترويضه عليها ، والنهج الذي مورس على العالم كله طوال المرحلة السابقة ، إنما كانت المقدمة لما هو آتٍ ،
لا مجال للمغامرة في اختيار شخص يقود ألعالم بهذا الأسلوب الذي تم ترسيخه بل واستمرأه العالم ، غربيه وشرقيه ،
ولن تغامر الدولة العميقة فيما ارست قواعده ليكون منطلقا لتحقيق اهدافها بشخصية تنكفىء على الداخل الامريكي وعلى تخفيض الضرائب للطبقة المتوسطة والفقيرة من الشعب الامريكي، وتترك المخطط الذي يشمل الكرة الارضية بارياحها الاربع لرجل لا يملك الادوات التي يملكها الرئيس الحالي وليس مهيأ أو " لم يُهيؤوه لها "،
لن يكون قادرا على جباية الاموال وأخذها بطريقة لم يفعلها رئيس امريكي منذ نشأت امريكا كما فعلها ويفعلها الرئيس الخالي ،
ولن يُسمح ان تنكشف امريكا على حقيقة وضعها المالي الاكثر مديونية وصعوبة ربما في تاريخها لرجلٍ لا يملك الاساليب والادوات ولا التفويض والدعم الذي يملكه الرئيس الحالي لتمرير هذه الازمة الغير معلنة إن بطريقة الجباية او طباعة النقد التي ليس لها ضوابط او حدود وليس عليها رقيب .
معظم دول العالم الغربي وكثير من الدول الشرق اسيويه منكفئة على نفسها وتمارس الديمقراطية الى حد كبير على شعوبها وداخل حدودها ، وهي غير مُعتَدى عليها ولا تشعر بظلم ، وعليه فهي ترقب المشهد الانتخابي الامريكي وهي مهيأة للتعامل مع نتائج هذه الانتخابات بكل الظروف .
أخيرا ً ، هناك من يُصوِّر ان نجاح ترامب سيكون حتميا وذلك لعدم إحداث فوضى لانه لن يكون هناك تسليم سلمي للسلطة في حال لم يفز ، وكأنه اذا لم يَفُز فسوف يُشهر مسدسه ويطلق النار عشوائياً بمشهد يحاكي ويذَكِّر بمسلسلات الغرب الأمريكي ،
الواقع والحقيقة أن هذا الرئيس ومنذ بدء حملته الانتخابية الى هذه اللحظه لم يستطع ان يجعل مُصوِّر النقل التلفزيوني الرسمي ان يُحرِّك الكاميرا لِتُظهر صور داعميه في الولايات التي يذهب ليلقي فيها خطاباته الانتخابية ، وفي كل ولاية يشتكي من هذا الوضع ، وهذه الشكوى على الهواء مباشرة لعلهم يفعلوا ،
ولكن دون جدوى !! ،
"علماً بأنه يحكم العالم بأسره وباقتدار ، وكل ما يلزمه كلمة قرار "!!
فماذا أنتم قائلون ؟