10-11-2020 08:56 AM
بقلم : الدكتور يعقوب ناصر الدين
منذ يوم الثلاثاء الماضي والعالم يحبس أنفاسه على وقع الانتخابات الأميركية، التي تهتم بها الدول على مدى تاريخ طويل، نظرا للمكانة التي تحتلها الولايات المتحدة الأميركية منذ الحرب العالمية الثانية وحتى يومنا هذا، كقوة سياسية واقتصادية وعسكرية لا تنافسها أي قوة أخرى حتى الآن.
على مر التاريخ الحديث ظهر معظم رؤساء أميركا كشخصيات ذات قدرات فائقة وميول استثنائية، ولكن شخصية الرئيس دونالد ترامب فريدة من نوعها لا تشبه أحدا من أولئك الرؤساء إلا في حدود ضيقة جدا، فعلى مدى أربع سنوات من ولايته صدر عنه من الأقوال والأفعال ما ليس مألوفا لا في الولايات المتحدة ولا في غيرها من الدول العظمى.
طوال الوقت أشعر ترامب الجميع أنه يخوض حربا من أجل أن يمكث في البيت الأبيض أربع سنوات أخرى، بدل أن يخوض الانتخابات بالطريقة المعتادة والمعروفة بتعقيداتها الكثيرة، ولم يتردد بدفع مؤيديه إلى إظهار قدر من القوة والتهديد، مما أثار المخاوف من إمكانية حدوث صدامات في عدد من الولايات، بل إن بعض تصريحاته وتغريداته كادت أن توصل رسالة مفادها إما أن أكون أنا الرئيس وإما لا رئيس غيري!
هذه من عجائب الزمان حين نرى نموذج دول دكتاتورية يمكن أن يجد طريقه إلى بلد ديمقراطي بامتياز، يدعي أنه معني بنشر الديمقراطية في العالم كله، وحين رأينا بعض أنصار الحزب الجمهوري يحملون الأسلحة وهم يحيطون بمراكز فرز الأصوات، أو عندما سمعنا عبارات مثل التزوير والسرقة والفساد، كل ذلك يدعونا إلى التساؤل عن مستقبل أميركا، بل ومستقبل النظام العالمي كله!
جائحة كورونا الآخذة في التصاعد، وتحذيرات منظمة الصحة العالمية من وباء آخر سيظهر قريبا، وحالة أميركا على خلفية الانتخابات الرئاسية، وأزمة الاقتصاد العالمي، وطبول الحرب التجارية، وغيرها من أزمات تتقد نيرانها تحت الرماد تدفعنا كل يوم نحو مزيد من الحيرة والاستغراب، لكنها تدفعنا أكثر بكثير للعودة إلى حصننا الوطني، نأوي إليه ونحتمي به، ونصونه ونخدمه ونحميه.