حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
السبت ,23 نوفمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 1046

عرس ديمقراطي

عرس ديمقراطي

عرس ديمقراطي

11-11-2020 05:40 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم : لينا جرادات
منذ بواكير صباح الأمس ارتدى ابو العبد هندامه المخصص للمناسبات بعد ان تشبع بمصطلح "عرس ديمقراطي" متوجها إلى المركز الانتخابي الذي بدا خاليا من الحشود البشرية باستثناء المكلفين بالعمل هناك ... مهمة الوصول إلى الصندوق البلاستيكي الشفاف تمت بسلاسة ليقذف به صوته لمرشحه الذي يشبهه ويحمل همومه...ابو العبد التقط صورة لاصبعه المكسو بالحبر الانتخابي ليفاخر به عبر صفحته على "الفيس بوك" بعد أن لبى نداء الانتخابات واحتفى ب"العرس الوطني" ضاربا عرض الحائط توسلات زوجته بعدم المشاركة خوفا عليه من التقاط فيروس الكورونا لارتباط الحدث بتجمعات بشرية.

بعد ان أنهى أبو العبد مهمته بنجاح مقرون بنشوة انتصار على" أم العبد" التي عاكس الواقع توقعاتها بخلو المكان من الناخبين وخطر الكورونا ..عاد إلى منزله لاستبدال هندام عرس ديمقراطي لم يلفت احد غير زوجته التي رمقته بنظرة اعجاب مع تذكيره مرارا وتكرارا بشراء الخبز حتى لا يحتاجونه كتجربة الحظر الشامل السابقة ..

يواصل أبو العبد مسيرة العمل اليومية بكمامته الزرقاء نحو لقمة العيش على امل متجدد بغلة يجنيها آخر يومه الديمقراطي توفر لعائلته قوت اربع ايام الحظر المرتقبة ...

استقل الحافلة إلى مقر عمله بالمياومة في أحد المحال التجارية بوسط البلد .. وتعجب منها كونها بدت خالية من الركاب ليتذكر ان اليوم عطلة رسمية لانجاز "العرس الديمقراطي" ولم يستمع مجبراً كعادته لأعنيات التلوث السمعي ..بعد اختيار السائق لمحطة اذاعية ترصد الانتخابات.

استحقاق دستوري ...حق انتخابي ...أمانة الصوت ..واجب وطني...نائب وطن... مصطلحات كثيرة كررها مذيع احدى المحطات على سمع ابو العبد الذي لم يهتم لمعناها بعد أن أدى واجب "العرس الديمقراطي" ...

ابو العبد استقر جالسا بجانب نافذة الحافلة مجمداً نظره دون ان يرى اي من المشاهد الخارجية كون كل أفكاره تدور حول كيفية تدبير قوت ابنائه اليومي بعد قلقه من قلة الزبائن الذين تراجعوا بشكل كبير منذ بدء الجائحة... خبر غير سار يتلوه المذيع ليقطع خلوته مع أفكاره بتزايد حالات الكورونا إلى ما يقترب من 6000 حالة وأكثر من 90 وفاة ...

بين "العرس الديمقراطي" وفاجعة أرقام الكورونا وكساد الوضع الاقتصادي ..هجوم كاسح يجتاح كيان أبو العبد لكن ما يزال لديه الامل بمن انتخبه عله يحمل همه كونه خير من يدرك احوال البسطاء.

يوم طويل ممل بدون عمل قضاه كعادته اليومية منذ آذار وساعة بدء الحظر الشامل اقتربت رغم تمديدها ...وابو العبد لم يجني من يومه سوى تبادل الحديث مع اصدقائه العاملين في المحال المجاورة حول هموم الحال والكساد الذي اصاب أعمالهم .. وينهي يومه متوجهاً نحو مخبز قريب لشراء الخبز الذي اوصته به زوجته ..

سيول بشرية غير محسوبة تصب في المخبز..استذكر ابو العبد صباحه بالمركز الانتخابي الذي اتخذت فيه كل الاجراءات الوقائية لحماية الناس من الفيروس بينما جميع الناس في المخبز دون أدنى اجراءات او اهتمام بالكورونا أمام رغيف الخبز ..

يعود ابو العبد إلى منزله بكف خالية لمواجهة حظر مدقع مع عائلته ..يحاول اقناع نفسه بأمل قادم بمن انتخبه ويتابع النتائج الانتخابية حتى ساعات الفجر التي بدأت تتجلى بفرز أصحاب السلطة والمال وكل من هم الأبعد عن هموم ابو العبد وجيرانه ..يدرك ابو العبد ان العرس الذي ذهب لتأدية واجبه بكامل اناقته هو لأصحاب مقاعد العبدلي وله التفكير بكيفية تدبير رغيف الخبز لعائلته في الحظر الشامل.








طباعة
  • المشاهدات: 1046
برأيك.. ما خيارات ترامب للتعامل مع إيران بعد فوزه بانتخابات الرئاسة الأمريكية؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم