16-11-2020 12:19 PM
بقلم : حنين معلا الزيود
اَلتَّنْمَرْ اَلْإِلِكْتِرُونِيَّ ، اَلتَّنْمَرْ اَلْمَدْرَسِيَّ ، اَلتَّنْمَرْ اَلِاجْتِمَاعِيَّ ، اَلتَّنْمَرْ اَللَّفْظِيَّ ، اَلتَّنْمَرْ اَلْجَسَدِيَّ ، تَعَدَّدَتْ اَلْمُسَمَّيَاتُ وَالْوَجَعُ وَاحِدٌ .
اَلتَّنْمَرْ هُوَ شَكْلُ مِنْ أَشْكَالِ اَلْإِيذَاءِ وَالْعُنْفِ وَالِاعْتِدَاءِ اَللَّفْظِيِّ وَالْبَدَنِيِّ وَالتَّحَرُّشِ بِجَمِيعِ أَشْكَالِهِ ، وَتَسْتَخْدِمَ كَثِيرٌ مِنْ اَلْأَسَالِيبِ اَلْمُعَنِّفَةِ لِتَحْكُمَ وَإِلْحَاقِ اَلْأَذَى بِالْآخَرِينَ .
فِي اَلْآوِنَةِ اَلْأَخِيرَةِ رَأْينَا اَلتَّنْمَرْ يَجْتَاحَ مُجْتَمَعُنَا بِكُلِّ مَكَانٍ ، فَأَسْبَابُ اَلتَّنْمَرْ كَثِيرَةً فَمِنْهَا : قَدْ يَكُونُونَ اَلْأَشْخَاصَ اَلْمُتَنَمِّرِينَ لَدَيْهِمْ اِضْطِرَابَاتٌ شَخْصِيَّةٌ وَانْعِدَامُ اَلثِّقَةِ وَالْإِدْمَانِ عَلَى سُلُوكِيَّاتٍ عُدْوَانِيَّةٍ وَأَمْرَاضٍ نَفْسِيَّةٍ وَظُرُوفٍ أُسَرِيَّةٍ غَيْرِ مُسْتَقِرَّةٍ تُؤَدِّي بِهُمْ إِلَى تَفْرِيغِهَا عَلَى اَلْأَشْخَاصِ بِطَرِيقَةِ إِيذَاءَهُمْ بِكَلَامٍ غَيْرِ لَائِقٍ وَوَصَفَهُمْ بِأَبْشَع اَلْعِبَارَاتِ مِمَّا يُسَبِّبُ لَهُمْ عَدَمَ اَلثِّقَةِ بِأَنْفُسِهِمْ وَالتَّقْلِيلُ مِنْ شَأْنِهِمْ .
فَأَنْوَاعُ وَأَشْكَالِ اَلتَّنْمَرْ مُخْتَلِفَةً فَمِنْهَا :
( اَلتَّنْمَرْ اَللَّفْظِيَّ ) تَوْبِيخُ اَلْأَشْخَاصِ وَوَصَفَهُمْ بِالْأَلْقَابِ غَيْرِ اَلْمُحَبَّبَةِ وَقَوْلِ تَعْلِيقَاتٍ غَيْرِ جَيِّدَةٍ وَتَهْدِيدِهِمْ بِإِلْحَاقِ اَلْأَذَى هُمْ.
( اَلتَّنْمَرْ اَلْمَدْرَسِيَّ ) فِقْدَانُ اَلطَّالِبِ لِثِقَتِهِ بِنَفْسِهِ وَعَدَمِ اَلتَّرْكِيزِ وَظُهُورِ عَلَامَاتٍ اَلْكَئَابَهْ عَلَيْهِ .
( اَلتَّنْمَرْ اَلْإِلِكْتِرُونِيَّ ) إِرْسَالُ رَسَائِلِ غَيْرِ مُحَبَّبَةٍ عَبْرَ وَسَائِلِ اَلتَّوَاصُلِ اَلِاجْتِمَاعِيِّ .
( اَلتَّنْمَرْ اَلْمُجْتَمَعِيَّ ) فَهُوَ هَجْرُ اَلشَّخْصِ عَنْ قَصْدِ وَعَزْلِهِ عَنْ اَلْمُجْتَمَعِ وَنَشْرِ اَلْإِشَاعَاتِ وَإِحْرَاجِ اَلْأَشْخَاصِ أَمَامَ اَلْجَمِيعِ.
( اَلتَّنْمَرْ اَلْجَسَدِيَّ ) إِلْحَاقُ اَلْأَذَى اَلْجَسَدِيِّ عَبْرَ اَلضَّرْبِ وَالْخَدْشِ وَالتِّنْمَرْ عَلَى اَلْآخَرِينَ بِالشَّكْلِ أَوْ اَللَّوْنِ أَوْ اَلْعِرْقِ .
وَأَصْبَحَتْ ظَاهِرَةٌ اَلتَّنْمَرْ أَزْمَةً أَخْلَاقِيَّةً مُهِينَةً وَمُنْتَشِرَةً بَيْنَنَا بِكَثْرَةٍ ، فَالْمُتَنَمَرِينَ نَوْعَيْنِ اَلْغَيْرَ مَقْصُودٌ يُعْتَبَرُوا بِتَوْجِيهِ اَلْكَلَامِ غَيْرِ لَائِقٍ وَالْأَلْفَاظُ بِالْكَلَامِ اَلْجَارِحِ تَحْتَ مُسَمَّى اَلْمِزَاحِ وَالْبَعْضِ اَلْآخَرِ اَلتَّنْمَرْ اَلْمَقْصُودُ فَهْم يَسْتَمْتِعُونَ بِإِيذَاءِ اَلنَّاسِ بِكَلَامِهِمْ غَيْرُ اَللَّائِقِ وَالتَّقْلِيلِ مِنْ شَأْنِهِمْ ، فَالْتِنْمَرْ وَتَجْرِيحُ اَلْأَشْخَاصِ لَيْسَ مِزَاحُ فَالْتِنْمَرْ مِنْ أَبْشَعَ مَا يُمْكِنُ أَنْ يَتَعَرَّضَ لَهُ اَلْإِنْسَانُ ، وَبَعْضَ اَلْأَشْخَاصِ قَدْ يُحَارِبُونَ وَيُحَارِبُونَ تَصَرُّفَاتِهِمْ لَكِنَّ بَعْضَ اَلْاَشْخَاص تَخْضَعَ لِلِانْكِسَارِ وَتَخْضَعُ لِكَلَامِهِمْ وَيَسْتَسْلِمُوا ، فَالْمُتَنَمِّرُ يَسْتَقْوِي عَلَى اَلضَّعِيفِ وَاسْتِمْرَارِ تَوَابِعِهِ يُؤَثِّرُ سَلْبًا عَلَى اَلْأَشْخَاصِ ، فَهَذَا جَهْلٌ وَتَخَبُّطٌ وَلَنْ يُؤَدِّيَ بِنَتِيجَةٍ إِلَّا إِيذَاءَ اَلْأَشْخَاصِ بِأَمْرَاضِ عَدِيدَةٍ ، فَأَسْبَابُ اَلتَّنْمَرْ اَلْجَهْلِ فَقَطْ ، وَبَعْضَ ضَحَايَا اَلتَّنْمَرْ يَنْتَحِرُونَ بِسَبَبِ اَلتَّعَرُّضِ بَعْدَ اَلسُّكُوتِ لِأَوْقَاتٍ كَبِيرَةٍ ثُمَّ يَنْفَجِرُوا بِوَجْهِ اَلْوَاقِعِ لِلْأَسَفِ ، فَهُنَا يُوجَدُ قَاعِدَةً مُهِمَّةً فَمِنْ أَمْنِ اَلْعُقُوبَةِ أَسَاءَ اَلْأَدَبُ ، فَيَجِبُ أَنْ تَكُونَ رَدَّتْ فِعْلَنَا إِلَيْهِمْ إِيجَابِيَّةً وَلَيْسَ اَلْعَكْسُ فَالْعَالَمُ اَلْعَرَبِيُّ يَحْتَاجُ تَوْعِيَةً أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ فَالِاهْتِمَامُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ أَكْبَرَ وَالتَّوْعِيَةُ أَكْبَرُ .
يَجِبَ عَلَيْنَا تَغْيِيرُ نَمَطِ اَلْحَيَاةِ وَانْقِلَابٍ بِالْمَفَاهِيمِ وَالْأَفْكَارِ بَعْد صَدَمَاتِ اَلْمُجْتَمَعِ مِنْ أَسَالِيبِ اَلطَّاقَةِ اَلسَّلْبِيَّةِ ، وَعِلَاجَ وَإِيقَافَ أَحَدِ أَبْشَعِ اَلتَّنْمَرْ بِاتِّجَاهَ اَلْآخَرِينَ اَلَّذِي يُؤَثِّرُ عَلَيْهِمْ بِطَرِيقَةٍ سَلْبِيَّةٍ ، وَأَنْ نُعَزِّزَ وَنَزِيدُ اَلْوَعْيَ اَلْمُجْتَمَعِيَّ وَنَزِيدُ ثَقَافَةً لَا لُتْنُمُرَ مِنْ أَجْلِ تَغْيِيرِ نُفُوسِهِمْ وَصُنْعِ أَجْيَالٍ رَائِعَةٍ ، وَنَشْرَ رُوحِ اَلْمَحَبَّةِ وَأَنْ نُعَزِّزَ اَلثِّقَةُ بِالنَّفْسِ لَدَى اَلْفِئَةِ اَلصَّغِيرَةِ بِشَكْلٍ عَامٍّ وَالشَّبَابِ بِشَكْلٍ خَاصٍّ وَالتَّعَرُّفِ عَلَى نِقَاطِ اَلضَّعْفِ وَالْقُوَّةِ وَالْعَمَلِ عَلَى عِلَاجِ نِقَاطِ اَلضَّعْفِ لَدَيْهِمْ .
وَيَجِبَ اَلِالْتِفَاتُ لِلنَّفْسِ وَإِعَادَةِ بَرِيقِهَا ، وَوَضْعَ خُطَطٍ فَعَّالَةٍ لِلْحَدِّ مِنْ تَصَرُّفَاتِ اَلْمُتَنَمِّرِ . فَجَمِيعُ أَشْكَالِ اَلتَّنْمَرْ سَتُؤَدِّي إِلَى اِسْتِهْلَاكِ اَلْأَشْخَاصِ نَفْسِيًّا وَعَقْلِيًّا وَفِكْرِيًّا وَجَسَدِيًّا وَالتَّسَبُّبِ بِوَضْعِهِمْ بِمَعْزِلِ عَنْ اَلْعَالَمِ اَلْخَارِجِيِّ وَالتَّسَبُّبِ لَهُمْ بِعَقْدِ نَفْسِيَّةٍ فَالْكَلَامِ اَلَّذِي يُؤَثِّرُ سَلْبًا عَلَى اَلْآخَرِينَ فَهُوَ ( تَنَمَّرَ ) وَلَا يُوجَدُ أَيُّ مُبَرِّرٍ لِذَلِكَ .
فَلَا بُدَّ أَنْ نَتَعَامَلَ مَعَ اَلْمُتَنَمِّرِينَ بِطَرِيقَةٍ صَحِيحَةٍ وَأَنْ نُقَدِّمَ لَهُمْ اَلْإِرْشَادُ ، وَأَنْ نَزْرَعَ بِقَلْبِ أَبْنَائِنَا اَلْمُسَاوَاةَ وَاحْتِرَامَ اَلرَّأْيِ وَالرَّأْيِ اَلْآخَرِ وَتَقَبَّلَ آرَائِهِمْ ، وَالتَّعَامُلُ مَعَ اَلْأَنْفُسِ كَطِفْلِ وَإِعَادَةِ نَشْأَتِهَا وَمُقَاوَمَةِ اَلتَّنْمَرْ وَالْإِيذَاءُ اَلنَّفْسِيُّ ، لَكِنْ دُونَ أَنْ تُؤَثِّرَ سَلْبًا عَلَيْهِمْ حَتَّى نَحِدَّ مِنْ اِنْتِشَارِهِ وَعَلَيْنَا جَمِيعًا أَنْ نَمْنَعَ اَلتَّنْمَرْ بِكُلِّ أَشْكَالِهِ ، وَالْقَاعِدَةُ اَلْمُهِمَّةُ بِالْحَيَاةِ أَنَّ أَرْدَتْ تَسْتَطِيعُ ، فَلْنَزْرَعْ رُوحَ اَلْمَحَبَّةِ وَالْأُخُوَّةِ بَيْنَ اَلْمُجْتَمَعِ فَالثِّقَةُ بِالنَّفْسِ وَالْوَعْيِ وَالنُّضْجِ سَتَتَفَوَّقُ بِهُمْ بِكُلِّ تَأْكِيدٍ .
فَالْمُتَنَمِّرُ يُحَاوِل اَلتَّقْلِيلُ مِنْ قِيمَةِ وَشَأْنِ اَلْآخَرِينَ وَلَكِنْ بِالْوَاقِعِ هُوَ يُقَلِّلُ مِنْ قِيمَةِ نَفْسِهِ وَلَيْسَ اَلْعَكْسُ ، فَتَوَقَّفُوا عَنْ تَسْمِيَةِ اَلْأَشْيَاءِ بِغَيْرِ مُسَمَّيَاتِهَا ، فَالتَّكَبُّرُ لَيْسَ ثِقَةً ، فَالثِّقَةُ هِيَ مِفْتَاحُ اَلنَّجَاحِ ، نَحْنُ لَيْسَ كَامِلَيْنِ فَالْكَمَالَ لِلَّهِ وَحْدَهُ ، فَلَا اِعْتِرَاض عَلَى خَلْقِ رَبِّ اَلْعَالَمَيْنِ ، فَالْتِنْمَرْ مَرْفُوض جُمْلَةٍ وَتَفْصِيلاً . فَلَا تُظْهِرُ اَلشَّمَاتَةُ لِأَخِيكَ فَيَرْحَمهُ اَللَّه وَيَبْتَلِيكَ ، أَثَرُ اَلْكَلِمَةِ اَلطَّيِّبَةِ أَجْبَرُوا بِهَا بِخَوَاطِرِ اَلنَّاسِ لَعَلَّ اَللَّهَ يُجْبِرُ خَوَاطِرَنَا.