بقلم : اللواء المتقاعد زياد الهويدي

"البدوي راعي السلام والبريه"! فلنطبق نظرية "نكز الانتباه في الوعي واللاوعي (المعروفة بنظرية ندج) للاقتصادي ريتشارد تايلر والذي حاز على جائزة نوبل لتلك النظرية.

عصفت ظاهرة إطلاق الاعيرة النارية مؤخرا بعد نتائج الانتخابات النيابية عصفا لم يسبق له مثيل في التاريخ الحديث لمملكتنا الأردنية الهاشمية، بالرغم من جهود الدولة على محاربة هذه الجريمة التي غدت كسرطان في المجتمع الأردني والتي تودي بحياة أبرياء ناهيك عن أثرها الأخير بشكل سلبي على سمعة الأردن دوليا باعتباره أيقونة للسلام في الشرق الأوسط وبيئة صالحة للإستثمار لتقدم حضارته بالنسبة للمنطقة.
إن إطار الحلول لهذه الظاهرة يعتمد على معرفتنا للأسباب التي أدت لهذه الظاهرة وللأسباب الرئيسية التي زادت حدة تلك الظاهرة مؤخرا.
حيث اقترح تفعيل دور مراكز البحث العلمي في وزاره الداخلية ومديرية الامن العام والجهات الحكوميه الاخرى فتكون على مستوى دولي محكم من قبل خبراء دوليين ومحليين. فما زلنا بلغة علم الأمن، مغشية أبصارنا عن الأسباب الرئيسية بشكل دقيق ومثبت علميا وعمليا، وهذا ما يدعوني أن ألجأ إلى بعض الدراسات العالمية كنظرية وايلد ويست الأمريكية ونظرية روبرت سبيتزر لتحديد الأسباب الرئيسية لتلك الظاهرة والخصها في هذا المقال وأقترح بعض أحد الحلول الفعالة المبنية على نظرية الندج التي تبنتها حكومة أوباما في أمريكا وحكومة كاميرون في بريطانيا وكذلك حكومات في دول مختلفة من حيث التركيبة الإجتماعية.

السبب الأول:- حب إظهار القوة وإثبات وجود العشيرة فترتبط ثقافة السلاح وإطلاق الاعيرة النارية بالرجولة والافتخار. أقترح الحل لذلك، من خلال تطبيق نظرية الندج، بمنح جوائز (ذات طابع لها صيت إجتماعي او اوسمة تبين أن القوة والرجولة تكمن بعدم الإضرار بالوطن والأنضباط على سبيل المثال إطلاق لقب على عشيرة ما بعشيرة فرسان الوطن) للقبائل والعشائر التي تسجل أقل عدد ممن يطلقون العيارات النارية.

السبب الثاني :- الشعور بالقدرة على الثورة والعصيان والاستقلالية خاصة في ظل بيئة الثورات العربية وهذا إزداد مؤخرا من خلال الصور والفيديوهات التي يراها الشباب في الانترنت بحمل السلاح واطلاق العيارات النارية. أقترح الحل لذلك، من خلال الندج، هو نشر صور تعزز عضلات وقوة العقل والاحتفال بالشباب الذين حققوا انجازات للأردن بوضع صور لهم مع عبارات نابعة من ثقافة البداوة والرجولة في بعض الأحياء والشوارع وعلى مواقع التواصل الاجتماعي "هاظ العقال الحقيقي للراس هاظ فلان الفلاني... مشروعه وبرنامجه الالكتروني هو خيول وسيوف الديرة". أما بالنسبة للحل بقوة القانون فيكمن بتفعيل تجريم نشر فيديوهات إطلاق العيارات النارية (كمفخرة) أو الصيد من خلال العيارات النارية وكذلك الصور على مواقع التواصل الاجتماعي بحمل أسلحة نارية فإن تلك الصور والفيديوهات تطبع العقول بجعل ذلك شيئ طبيعي ورمز للتباهي بدلا من اعتبارها جريمة.

السبب الثالث:- هو تاريخي يعود للثقافة الأردنية المبنية على البداوة وما كان للقبائل الأردنية من دور هام في إحلال السلام والمحافظة على حدود مناطقهم وكان هذا يتطلب التسلح والبراعة في الرمي خاصة بالبندقية. وكانت القباائل الأردنية تستخدم الاعيرة النارية في بعض الأحيان لإعلان المناسبات، بينما هذه العادة كانت ضرورية في البراري الأردنية إلا أنها لم تعد ضرورية وأضحت قاتلة ولكنها للأسف مازالت في مجتمعنا. الحل لذلك هو زيادة دور العادات الحميدة كشرب القهوة العربية بالمناسبات وكذلك أن نعزز في الإعلان خاصة مواقع التواصل الاجتماعي من كافة الجهات الحكومية وغير الحكومية العادات السلمية البدوية والإفتخار ببداوة السلام والأمن وربط مفهوم الرجولة بمن هو مسالم ومبدع. الحل هو نشر عبارات وشعر وأغاني تحتفل بالأردنيين بكونهم أهل الثقة والسلام وسيدنا حفيد النبي حامل راية السلام. صور تمثل أن الضعيف هو الذي يحمل سلاح ويطلق عيارات. صور تمثل القوي لايحمل سلاح.
السبب الرابع:- الطاقة الحماسية للشباب والاحتياج الى تفريغ الطاقة الجسدية. للأسف يعوز الأردن متنزهات طبيعية وكذلك يعوز الجامعات والمدارس الاردنية مراكز فاعلة للرياضة وتدريب الاردنيين على رياضات اولومبية مختلفة.
بالطبع هذه ليست حلول سحرية وهذه دعوى ليتم دراسة الموضوع من ناحية ثقافية و اجتماعية ودينية واقتصادية لكي يتم فهم المشكلة الأمنية بشكل عميق بكافة أبعادها وأن تتكاثف جهود مؤسسات المجتمع لمكافحة هذه الجريمة.