25-11-2020 08:42 AM
سرايا - وكّل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك الصحابي مهمة صدقات الفطر وجمعها، حيث كانت تؤدى قبل يوم العيد، فكان يحرسها ، حتى جاءه من يحاول سرقتها.. إنه الصحابي الذي اختلف على اسمه المؤرخون حتى رجح الذهبي في سير أعلام النبلاء أنه عبد الرحمن بن صخر، هو أبو هريرة رضي الله عنه الذي كناه النبي صلى الله عليه وسلم بأبي هريرة، و"هريرة" قطة برية كان قد وجدها عبد الرحمن بن صخر رضي الله عنه، فأشفق عليها واخذها ليربيها ويراعيها فكني بها..فكيف امسك أبو هريرة الشيطان؟
بحسب تقرير "مصراوي"، يروي البخاري في صحيحه قصة أبي هريرة وامساكه بالشيطان حيث يروي أبو هريرة ان النبي صلى الله عليه وسلم وكل إليه مهمة حفظ زكاة الفطر، فجاءه رجل يسرق منها فانتبه له واخذ به وقال له: لأرَفَعَنَّك إِلى رسُول اللَّه ﷺ، فقال الرجل : إِنِّي مُحتَاجٌ، وعليَّ عَيالٌ، وَبِي حاجةٌ شديدَةٌ، فتركه ابو هريرة يمضي إلى سبيله، لكنه لما أصبح أخبره النبي صلى الله عليه وسلم بحكاية السارق، فسأله قائلًا: يَا أَبا هُريرة، مَا فَعلَ أَسِيرُكَ الْبارِحةَ؟ قُلْتُ: يَا رسُول اللَّهِ شَكَا حَاجَةً وعِيَالًا، فَرحِمْتُهُ، فَخَلَّيْتُ سبِيلَهُ. فَقَالَ: أَما إِنَّهُ قَدْ كَذَبك وسيعُودُ، يقول أبو هريرة: "فَعرفْتُ أَنَّهُ سيعُودُ لِقَوْلِ رسُولِ اللَّهِ ﷺ فَرصدْتُهُ".
وبالفعل جاء الرجل في اليوم التالي ليأخذ من طعام الزكاة، فامسكه أبو هريرة للمرة الثانية وهدده برفع أمره للرسول صلى الله عليه وسلم، وترجاه الرجل أن يتركه بالحجة ذاتها، أنه محتاج وله عيال فتركه مرة أخرى أبا هريرة، فلما اصبح قال له الرسول ﷺ: يَا أَبا هُريْرةَ، مَا فَعل أَسِيرُكَ الْبارِحةَ؟ قُلْتُ: يَا رسُول اللَّهِ شَكَا حَاجَةً وَعِيالًا فَرحِمْتُهُ، فَخَلَّيتُ سبِيلَهُ، فَقَال: إِنَّهُ قَدْ كَذَبكَ وسيَعُودُ.
وفي اليوم الثالث جاء الرجل مرة أخرى، فقال له أبو هريرة: لأَرْفَعنَّك إِلى رسولِ اللَّهِ ﷺ، وهذا آخِرُ ثَلاثٍ مَرَّاتٍ أَنَّكَ تَزْعُمُ أَنَّكَ لاَ تَعُودُ، ثُمَّ تَعُودُ، فقال له الرجل: دعْني فَإِنِّي أُعلِّمُكَ كَلِماتٍ ينْفَعُكَ اللَّه بهَا، فسأله أبو هريرة قائلًا: مَا هُنَّ؟ قَالَ: إِذا أَويْتَ إِلى فِراشِكَ فَاقْرأْ آيةَ الْكُرسِيِّ، فَإِنَّهُ لَن يزَالَ عليْكَ مِنَ اللَّهِ حافِظٌ، وَلاَ يقْربُكَ شيْطَانٌ حتَّى تُصْبِحِ، وهكذا تركه أبو هريرة ليمضي في سبيله، لكن وفي صباح اليوم التالي، سأله النبي صلى الله عليه وسلم عما فعله الرجل بالأمس، فروى له أبو هريرة ما حدث وما علمه أياه ليقول كل ليلة حين يأوي إلى فراشه، فقال له النبي ﷺ: أَمَا إِنَّه قَدْ صَدقكَ وَهُو كَذوبٌ، تَعْلَم مَنْ تُخَاطِبُ مُنْذ ثَلاثٍ يَا أَبا هُريْرَة؟ قُلْتُ: لاَ، قَالَ: ذَاكَ شَيْطَانٌ.
وفي فتح الباري يعدد ابن حجر العسقلاني في شرحه لحديث البخاري السابق عدة فوائد نجملها في النقاط التالية:
1. الحكمة ضالة المؤمن، فيقول ابن حجر أن الشيطان قد يعلم ما ينتفع به المؤمن وأن الحكمة قد يتلقاها الفاجر فلا ينتفع بها وتؤخذ عنه فينتفع بها وأن الشخص قد يعلم الشيء ولا يعمل به وأن الكافر قد يصدق ببعض ما يصدق به المؤمن ولا يكون بذلك مؤمنا وبأن الكذاب قد يصدق.
2. من سمات الشيطان أنه قد يكذب، وقد يتصور في بعض الصور فيمكن للبشر رؤيته فيها، "وأن قوله تعالى: (أنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم) مخصوص بما إذا كان على صورته التي خلق عليها".
3. الجن يأكلون من طعام الإنس ويظهرون لهم لكن ليسوا على صورتهم الحقيقية، وأن الجن يتكلمون بكلام الإنس ويسرقون ويخدعون.
4. الحديث يبين فضل آية الكرسي وفضل آخر سورة البقرة، ويضيف ابن حجر أيضًا أن الجن يصيبون من الطعام الذي لا يذكر اسم الله عليه وفيه.
5. لا تقطع يد السارق في المجاعة، فالحديث يستدل منه على ذلك.
6. في الحديث دليل على مشروعية قبول العذر والستر على من يظن به الصدق.
7. يثبت الحديث اطلاع النبي صلى الله عليه و سلم على بعض الغيبيات. ويقول ابن حجر أن في رواية لمعاذ بن جبل أن جبريل عليه السلام جاء إلى النبي صلى الله عليه و سلم فاعلمه بما حدث.
8. الحديث دليل على جواز جمع زكاة الفطر قبل ليلة الفطر.