27-02-2008 04:00 PM
لم يقدر انسان... منذ صار خليفة في الارض... على ادراك ' حكمة القدر ' ، بقي القدر منذ اول لحظة ' غيباً ' لم يدرك عقل بشري كنهه... وكان القدر في الوجدان دائماً 'جليل التكوين '... الوعي فيه اما مستسلماً... واما رافضاً... بين الاستسلام والرفض كان يتجلى الايمان او غيابه... ايمان يبعث في النفس طمأنينة ' الخيرة في ما اختاره الله '... او عدم يولد في الذات عنت العجز عن تسبيب ما يفعله القدر. لكن الانسان... بقي وعلى امتداد وجوده ، منذ ان تسلم زمام الارض حتى اللحظة ، محكوماً لتصاريف القدر ونتائج افعاله ، وما نجح اطلاقاً في وضع يده على مفاتيح تجيب على تساؤلاته :- ' لماذا ' او ' كيف ' او ' ما هي الحكمة ' ، هكذا ولدت الحالة التي حجب فيها عجزنا عن بصيرتنا ادراك ' حكمة القدر ' التي بقيت سراً دفيناً في اعماق الغيب ، فكان الايمان هو الملاذ والملجأ ودفء الهدوء النفسي.
الايام الماضية... منذ شهور حتى الآن... عشنا اختباراً وجدانياً وطنياً شاملاً ، بدا فيه عجزنا واضحاً عن ادارك ' حكمة القدر ' ، عانينا من تداعيات احداث وقعت ، استهدفت ايماننا... حضورا او غيابا... وقسمتنا بين مطمئن بالايمان... ومصر على البحث عن اجابات خارج حضيرة الايمان... فقد كان وجداننا الوطني يتألم اثر احداث بدت لنا اكبر من قدرتنا على التحليل والفهم.
سكن هذا الوجدان كلا من... حذيفة الذي رحل.... ومحمد الذي لا نعلم اين هو وما مصيره... وحمزة الذي خطف من بيننا قسرا... لم يكن بيننا من لم يذرف دمعة حزن على حذيفة... ولم يكن منا من لم يسكنه الرجاء بعودة محمد والخوف من ان لا يعود... وكنا كلنا ننسج حكايات عن مستقبل حمزة الذي انتهى عند لحظة قدر صارت عند الماضي ، هم جميعا كانوا ' حالة قدر ' عجز العقل عن ادارك الحكمة فيها.
فحذيفة... تلك الروح الموشحه ببر الوالدين ، خطفه القدر من كف ابيه المتشبث به ، ليرى بعيونه طريقه الى بيت الله يجمع الناس على فريضة الله الاعظم.... رحل حذيفة فجأة وترك اباه في غيابه ظلامين... ظلام النفس المتألمة على رحيل قاس لسبب طائش... وظلام رحيل قتل في القلب كتاب آمال كبار كان الاب يكتبها فوق جبين الابن يوما بيوم... الا ان حذيفة آثر رحيلاً وابقى لابيه عميق ايمان بأن القدر اكثر حكمة من ان يدمي قلب مؤمن... يؤمـن ان الـذي حدث...... ' حالة قدر '.
اما محمد... الطفل الغائب ، الذي لا هو يعرف لماذا غاب.... ولا احد يعرف اين غاب.... ولا لماذا غاب... حتى الطفولة تسأل : كيف غاب محمد كلنا نعرف انه منذ اول لحظة غياب بكى يريد امه... واجهش يريد اباه حتى اعياه البكاء ونام مسكونا برعب خوف البعد عن البيت... وحين استيقظ بحث عن الاخوات... فادرك انه مخطوف من حضن الطفولة لا يدري لماذا ، امه ملهوفة على حرف علم يقول لها اين محمد... وكيف يعيش... وابوه مسكون بقهر العجز عن اختراق كل عوائق جبن الخاطف ليصل اليه ينقذه مما هو فيه... محمد سيبقى الاعز علينا حتى يعود.... والى ان يعود سيبقى حالة قدر.
اما حمزة... ذك البرعم المتفتح بكل رحيق الحياة ' قصف ' فجأة ، رحل عنا وابقى بعده حكاية يسردها الاهل عند هجيع كل ليل قبل النوم ، يطالعها الاصدقاء ، كلما دلفوا الى قاعة درس كان يمكن ان يدخلها حمزة معهم... ويبقى ذك الصديق الذي رافقه في رحلة الموت التي رحل عنا فيها حمزة... وتركه بعده يتذكره كلما تحرك به كرسيه الذي يرافقه ما تبقى له من حياة.
مكلوم وجداننا بغياب ثلاثتهم ويسأل ينتظر الشفاء :.
اهو طيشنا يرسم فوق كتاب حياتنا قصص مآسٍ ونكبات ام هي ' حالة قدر ' لا ندرك فيها الحكمة... ونبل القدر المقدور؟.
يبقى السؤال معلقاً فوق رؤوسنا... لا يحصننا من زيف اجابته الا الايمان... فبين القدر والايمان... علاقة حكيمة ونبيلة.
اوجعتنا الحوادث كثيراً.... فهل الى شفاء من سبيل؟!.
Suha.hafez@yahoo.com
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
27-02-2008 04:00 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |