01-12-2020 09:08 AM
سرايا - "عروس قفازية ترتدى طرطورا، تجذب بحركاتها انتباه الكبار والصغار" هذه الكلمات تصف فن "الأراجوز" المصرى الذى ظل بطلا لعروض مسرح العرائس أو مسرح الأراجوز طوال العقود الماضية.
يضرب فن الأراجوز فى جذور التاريخ، حيث يعود إلى العصر الفرعونى، وكان يسمى "إرجوس"، وهى تعنى حرفيا "يصنع كلاما معينا"، ومنها اشتقت كلمة "أراجوز"، وهو اسم يعود إلى العصر العثمانى، حيث كان يسمى وقتها "قراقوز" أو "الأرا أوز"، وازدهر هذا الفن الساخر فى أواخر العصر المملوكى قبل الغزو العثمانى.
ظهور مسرح العرائس
وفى العصر الحديث، كان الأراجوز سببا فى ظهور مسرح العرائس الشعبى، الذى تأسس عام 1960 على يد المونولوجست والفنان المصرى محمود شكوكو الذى كان يلقب بـ" شارلى شابلن العرب"، فكان يرتدى جلبابه وطرطوره الشهير ليقدم عروض مصاحبة مع الأراجوز، حتى افتتح مسرح العرائس الشعبى.
ويعتبر مصطفى عثمان فى العصر الحديث أكبر وأشهر لاعب أراجوز فى مصر، وهو أحد تلاميذ الفنان القدير محمود شكوكو، يعمل بفرقة "ومضة" التى حافظت على هذا الفن من الاندثار، بتدريب الشباب داخل وخارج مصر على كيفية التعامل مع تلك الدُمية.
مهرجان الأراجوز المصرى
وفى محاولة محاولة للحفاظ على فن الأراجوز المصرى أقيمت منذ أيام الدورة الثانية من " مهرجان الأراجوز المصرى" ببيت السنارى، التابع لمكتبة الإسكندرية و على مدار 5 أيام نجح المهرجان هذا العام فى معالجة بعض القضايا المعاصرة.
وتمكن المهرجان عن طريق مجموعة من العروض التى تجسد روعة وجمال التراث وتعالج بعض القضايا المعاصرة، ومنها "أراجوز السوشال ميديا"، فى مناقشة الجوانب السلبية والإيجابية لوسائل التواصل الاجتماعى وتأثيرها على الحياة الاجتماعية.
وأقيمت على هامش المهرجان مجموعة من الورش والندوات حول استلهامات الأراجوز فى السينما المصرية، وكيفية فتح أفاق وموضوعات جديدة لجعل الأراجوز أكثر عصرية وواقعية، وسلط الضوء على الرموز الإبداعية التى استلهمت الأراجوز فى أعمالهم وهم: أبو السعود الإبيارى وفؤاد حداد وسيد حجاب، كما أقيمت احتفالية للكاتب الإسبانى لوركا الذى استخدم عروسة إسبانية شعبية تشبه الأراجوز.
قصة أراجوز
وبدأ "مهرجان الأراجوز المصرى" فعالياته بتكريم اسم المبدع الراحل أبو السعود الإبيارى، وقراءة قصة أراجوز، إذ كان مصدرًا مهمًّا من مصادر الإبداع عند الإبيارى وقدم القراءة المؤلف المسرحى والمخرج والمنتج المسرحى أحمد الإبيارى.
وفى اليوم الثانى لـ"مهرجان الأراجوز المصرى" تم تكريم اسم الشاعر سيد حجاب، الذى أسهم من خلال أغانيه وإبداعه بتوثيق فن الأرجوز؛ فكتب الراحل أغانى فيلم الأراجوز وقصيدة الأراجوز الشهيرة، وألقت القصيدة ريم حجاب.
أراجوز بلاد الأساطير
أما اليوم الثالث، فتم تقديم عرضان للأراجوز؛ الأول هو "التيك أواى" إخراج محمود سيد حنفى، ثم عرض "أراجوز بلاد الأساطير".
كما نظم مهرجان الأراجوز المصرى، احتفالا بالأراجوز بقسم المسرح جامعة الإسكندرية من خلال محاضرة للدكتور هانى أبو الحسن، رئيس القسم، وورشة عمل وعروض للاعب الشعبى صابر شيكو.
وفى اليوم الرابع قدمت فرقة ومضة، بالتعاون مع معهد ثرباتس، عرض " لوركا والأراجوز" خطبة لوركا الأخيرة، إعداد وإخراج د. نبيل بهجت، حيث جاء العرض تكريمًا لإبداع ذلك الشاعر والمبدع الإنسانى الفذّ، وقدم العرض عدد من النقاد، بحضور المستشار الثقافى الإسبانى.
فرقة ومضة
وأختتمت فعاليات المهرجان بأكاديمية الفنون داخل المعهد العالى للفنون الشعبية، وأقامت فرقة "ومضة" مع أساتذة المعهد من المختصين فى الأدب والفنون الشعبية “سيمينار” علميًّا لمناقشة أبرز التحديات التى تواجه الفن وسبل الحفاظ عليه، كما قدمت الفرقة ورشة عمل مع طلاب المعهد وعددًا من العروض التراثية.
نموذج تنفرد به مصر
ومن جانبه، عبر الدكتور مصطفى الفقى مدير مكتبة الإسكندرية، عن اعتزازه بإحياء التراث الثقافى والاجتماعى، والمظاهر الشعبية التى عرفها تاريخ مصر الطويل.
وأوضح د.مصطفى الفقى، أن مهرجان الأراجوز هو نموذج تنفرد به مصر بين سائر دول المنطقة وترى فيه نموذجا لتاريخها الطويل ومجتمعها المتماسك الذى عرف الفنون والآداب منذ فجر التاريخ، مؤكدا حرص مكتبة الإسكندرية على مواصلة احتضان المهرجان فى السنوات المقبلة.
وقال رئيس قطاع التواصل الثقافى بمكتبة الإسكندرية د.محمد سليمان، أن القطاع يحرص على الحفاظ على الآثار والتراث وتوثيقه، عبر إقامة الفعاليات المختلفة للتعريف بها لدى المجتمع، خاصة فن الأراجوز كأحد عناصر التراث الإنسانى المدرج على قوائم الصون العاجل من منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "يونسكو" فى 2018.
مؤسس فرقة ومضة
ومن جانبه، قال الدكتور نبيل بهجت منظم المهرجان، ومؤسس فرقة "ومضة" إن المهرجان جاء بالتعاون مع مكتبة الإسكندرية من خلال التأكيد على فكرة النموذج الذى يعبر عن القيمة الوطنية داخل المجتمعات ويمثل محركات النهضة والتقدم ومن ثم كان تكريم فؤاد حداد وسيد حجاب وأبو السعود الإبيارى كنماذج أسهمت فى بناء الوعى الحديث.
جاء المهرجان فى ضوء الاهتمام بفن الأراجوز المصرى، كأحد عناصر التراث الإنسانى، بعدما وضع على قوائم الصون العاجل من منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "يونسكو" فى 2018، وبعد النجاح الكبير الذى حققته الدورة الأولى من المهرجان العام الماضى.
كما أن المهرجان من إحدى الفعاليات التى تحرص الفرقة على تنظيمها، حيث أقامت الفرقة عام 2006 مهرجانًا للأراجوز وخيال الظل، بالتعاون مع اليونيسكو لدورة واحدة.
جدير بالذكر أن فرقة "ومضة" لعروض الأراجوز وخيال الظل أسّسها د. نبيل بهجت عام 2003، وشعارها "إن لدينا ما يستطيع أن يعبِّر عنا" قدمت الفرقة أكثر من 80 ورشة تعليمية داخل مصر وخارجها، وأنتجت 21 مسرحية عرضتها فى أكثر من 30 دولة بعدة لغات.
كما أقامت، بالتعاون مع صندوق التنمية الثقافية، خمس دورات من ملتقى العروسة الشعبية من عام 2007 حتى 2012، وأنتجت 36 عرضًا قُدّموا فى 30 دولة، ويأتى مهرجان الأراجوز المصرى فى دورته الثانية تتويجًا لهذا النشاط.