01-12-2020 05:10 PM
بقلم : المحامي علاء مصلح الكايد
تابعنا حالة الهرج والمرج التي رافقت خبر حزم رئيس الوزراء السابق د. الرزاز حقائبه متوجها للولايات المتحدة الأمريكية ، ولم تهدأ الحالة سوى بعد نشر مراسلات بين أحد الثقات والرئيس ينفي فيها الأخير مسألة الهجرة ، ونؤشر هنا بشكل عرضيّ على صحّة إطفاء المعلومة الدقيقة المباشرة للشائعة أيّاً كانت ، وهذا ما ننتظره من الإعلام الرسميّ في المسائل العامة جميعها .
وعودة على ذي بدء ، ما كنت لأكتب لو أن الرزاز ما زال على رأس عمله ، ولن أقدم دفاعاً عنه فليست مسؤوليّتي ، بل إنّي سأتناول المسألة من زاوية شعبية بحتة ضمن الإطار العامّ .
فبمقابل الإنتقادات الإلكترونية لفكرة هجرة الرجل ، عاب فريقٌ على أولئك تدخلهم في شؤونه الشخصية نظراً للهجوم الذي ننتقد منه خروج بعضه عن أدبيّات التعبير وأصولها وأخلاقنا الأردنية الجامعة .
وبين الفريقين ، تكون الحقيقة أكثر ميلاً للأول ، إذ تنظر الغالبيّة العظمى لمن يتبوّأ موقعاً عامّاً بأنه صاحب مغنمٍ وأفضليّةٍ ترتبط بها قاعدة " الغُرم بالغُنم " ، أي أنّ الإستقرار في الوطن هو واجب على صاحب الحظوة المتقلّد للمناصب العُليا في المنظور الشعبيّ .
ولا شكّ بأن تولّي الوظيفة العامّة لا ينزع عن صاحبها حقوقه السياسية أو الدستوريّة كأردنيّ ، فحق التنقل مكفولٌ له شأنه شأن غيره ، ولا نرحب بفكرة البقاء في الوطن جبراً وكأنها عقاب لذلك المسؤول ، إنّما ننظر للمسألة من الزاويتين السياسية والقانونية معاً .
فقد إستقرّ فقه القانون الدولي الخاصّ على تعريف الجنسيّة بأنها الإرتباط الواقعيّ والفعليّ بين الفرد ودولته ، وذهبت في ذلك قرارات قضائية دوليّة لإعتبار أن موطن الشخص متعدّد الجنسيّة هو في الدولة التي يعيش فيها بصورة مستمرّة لا طارئة ، وهذا أساس الرابطة التي ينبع منها ولاء الشخص للدولة وخدمته لها .
وعلى سبيل المثال لا الحصر ، تفرض الولايات المتحدة الأمريكية قيوداً خاصة على رؤسائها المنتهية ولايتهم لإعتبارات أمنيّة بحتة تصل إلى وجوب الإستئذان لدى مغادرة البلاد بعد إنتهاء فتراتهم الرئاسية ، وهذا نموذج يجعل الفكرة مستساغة كحقٍّ للدولة على متقلّدي الوظائف العامة والحساسة بوجه خاص .
خلاصة القول ، من حقّ الشعب أن يعرف ، ومن واجب المسؤول أن يتًّسم بالوضوح والإستجابة تماماً كما فعل الرزاز ، وعلى جمهور المتسائلين أن يستخدموا هذا الحق - إن جازت التسمية - بلا إفراط أو تفريط ، فمن حقّ الشعب أن يسأل ومن حقّ المسؤول وواجبه كذلك أن يجيب .
تلك ثقافة راقية نتمنى تكريسها وإستعمالها ضمن حدودها الأخلاقية .
والله من وراء القصد