03-12-2020 08:40 AM
سرايا - في كتابه "الصلاة وحكم تاركها" لابن القيم الجوزية، أورد ابن القيم قصة نصيحة أبي بكر الصديق لعمر بن الخطاب رضي الله عنهما، حين حضرته الوفاة.
حيث روى ابن المبارك عن اسماعيل بن ابي خالد عن زيد أن أبا بكر رضى الله عنه لما حضرته الوفاة أرسل إلى عمر رضى الله عنه فقال: "إنى أوصيك بوصية، إن أنت قبلت عنى: إن لله عز وجل حقاً بالليل لا يقبله بالنهار، وإن لله حقاً بالنهار لا يقبله بالليل، وإنه لا يقبل النافلة حتى تؤدى الفريضة، وإنما ثقلت موازين من ثقلت موازينه في الآخرة باتباعهم الحق في الدنيا، وحق لميزان يوضع فيه الحق أن يكون ثقيلا، وإنما خفت موازين من خفت موازينه في الآخرة باتباعهم الباطل، وخفته عليهم في الدنيا، وحق لميزان يوضع فيه الباطل أن يكون خفيفاً. ألم تر أن الله أنزل آية الرجاء عند آية الشدة، وآية الشدة عند آية الرجاء، ليكون العبد راغباً راهباً لا يلقى بيديه إلى التهلكه، ولا يتمنى على الله غير الحق. فإن أنت حفظت وصيتي هذه، فلا يكونن غائب أحب إليك من الموت، ولا بد لك منه، وإن أنت ضيعت وصيتي هذه فلا يكونن غائب أبغض إليك من الموت، ولا بد لك منه ولست تعجزه".
وقد شرح ابن تيمية مقصود أبي بكر في وصيته السابقة بحق الله بالليل وبالنهار في "مجموع الفتاوى" قائلًا أنه من غير الجائز تأخير صلاة النهار إلى الليل أو الليل إلى النهار لأي سبب، لا للعمل ولا للزراعة ولا لجنابة أو نجاسة ولا للهو واللعب بالطبع ولا لأي شيء، قائلًا : المسلمون كلهم متفقون على أن عليه أن يصلي الظهر والعصر بالنهار ، ويصلي الفجر قبل طلوع الشمس ، ولا يترك ذلك لصناعة من الصناعات ، ولا للهو ولا لغير ذلك من الأشغال وليس للمالك أن يمنع مملوكه ، ولا للمستأجر أن يمنع الأجير من الصلاة في وقتها بحسب (مصراوي).
وقد ذكر ابن تيمية ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الخصوص في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : "من فاتته صلاة العصر فكأنما وتر أهله وماله "، وفي الصحيحين عنه أيضَا - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : "من فاتته صلاة العصر فقد حبط عمله ". وروى ابن تيمية قصة تأخير النبي صلى الله عليه وسلم قد أخر صلاة العصر يوم غزوة الخندق ثم صلاها بعد المغرب فأنزل الله تعالى قوله: " حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ".
يقول ابن تيمية : وهذا كله لأن فعل الصلاة في وقتها فرض ، والوقت أوكد فرائض الصلاة ، كما أن صيام شهر رمضان واجب في وقته ، ليس لأحد أن يؤخره عن وقته ، ولكن يجوز الجمع بين الظهر والعصر بعرفة ، وبين المغرب والعشاء بمزدلفة ، باتفاق المسلمين، وكذلك يجوز الجمع بين صلاة المغرب والعشاء ، وبين الظهر والعصرعند كثير من العلماء للسفر والمرض ، ونحو ذلك من الأعذار.