بقلم : رهف العلي
في يوم من الأيام طرح الفيلسوف الفرنسي فولتير هذا السؤال: ما هو أطول وأقصر شيء ، الأسرع والأبطأ ، الأكثر أهمية وأكثر ما يهمل من الأشياء ، وأكثر ما يندم عليه المرء ، بدونه لا يمكن انجاز شيء ، يبتلع كل ما هو صغير ، ويبعث للحياة كل ما هو عظيم ؟ حيث كانت إجابة سؤال فولتير هو " الوقت ".

يعتبر الوقت واحداً من أندر الأصول والموارد في العالم وأكثرها تجدداً ، فالوقت يعني المال ، ويعني الفرص التي لا تعوض ما لم يتم استغلالها ، كما أن الوقت يعد من أكثر الموارد المادية التصاقاً بحياتنا ، وتعد إدارة الوقت من أكثر أساليب الإدارة صعوبة ، حيث تتطلب قدراً عالياً من التخطيط والتنظيم ، والتوجيه ، والرقابة ، بالإضافة إلى مهارات وقدرات نوعية راقية.

إن الاستفادة القصوى من الوقت هي التي تحدد الفرق ما بين الناجحين والفاشلين في العمل ، فالوقت مورد فريد في نوعه إذ أن كل شخص يملك منه نفس المقدار ، كل عمل يحتاج إلى وقت لا يمكن شراؤه ، وإنما الحل الحقيقي الوحيد الاستخدام الأفضل للوقت المتاح وعلى هذا ينبغي على الإداريين والمديرين والموظفين أن يتعلموا كيف يديرون عملية استخدام وقتهم ، وذلك عن طريق معرفة كيف يذهب وقتهم وكيف ينبغي أن يذهب ، إن ممارسة إدارة الوقت عادة يمكن تعلمها.

ومن هنا جاءت أهمية الأخذ بالأسلوب العلمي في التعامل مع الوقت واستخدامه - أي إدارته - كما ندير الموارد الأخرى ومن ثم تصبح إدارة الوقت أحد التطبيقات الهامة في مجال الإدارة.

فلو فرضنا ان الوقت سيتحدث عن نفسه لقال " أنا الحياة ، أنا غير قابل للتعويض ، يتم استهلاكي لحظة إنتاجي ، انا كالسيف إن لم تقطعني قطعتك ، لا يمكنك تخزيني للاستفادة مني مستقبلاً ، الناس كلهم متساوون فيَ ، لا يمكنك شرائي ، لا يمكنك زيادتي ، انا الذي سوف تسأل عنه يوم القيامة .

تعرف إدارة الوقت على أنَّها: "إحدى العمليات التي نستطيع بها أن ننجز المهام والأهداف ، التي تُمكِّننا من أن نكون فعالين في اعمالنا ، وتشتمل هذه العملية على مراحلَ ضروريةٍ ، تستهدف تحديدَ احتياجاتنا ومُتطلباتنا الوظيفية حسب أهميتها ، ومُطابقتها مع الوقت والمصادر المتاحة أو المحتملة.

كيف تستغل وقتك بفعاليّة ؟

1. خطط ليومك مسبقاً ، وضع الأولويات حسب أهميتها . ويمكنك تطبيق "جدول إيزنهاور" والذي يحدد الاولويات والذي يقيس الامور بمقياس الاهمية كما يلي :

- مهم وعاجل في المرتبة الاولى , أبدأ به أولا وأؤديه بنفسي .
- مهم وغير عاجل في المرتبة الثانية ، يمكن أن أؤديه بنفسي أو أكلف به شخصا آخر .
- غير مهم وعاجل في المرتبة الثالثة ، أكلف به شخصا آخر .
- غير مهم وغير عاجل في المرتبة الرابعة ، أتركه.

2. أنصت جيداً لكل نقاش .
3. ركّز على عملك وانتهي منه.
4. اتصل لتتأكد من أيّ موعد قبل وقت كافٍ.
5. حاول إيجاد طرق جديدة لتوفير وقتك كل يوم .
6. انظر لعاداتك القديمة وتخلّي عمّا يضيّع وقتك وأيّ نشاط غير منتج .
7. حاول أن تستمتع بكل عمل تقوم به ، بتفاؤل وإيجابيّة .
8. اسأل نفسك دائماً : ما الذي أستطيع فعله لاستغلال وقتي الآن؟

و نستطيع التخلص من معوّقات (مضيعات) الوقت :

1. بإيجاد خطط وأهداف لما ستقوم به مستقبلاً ، وحاول أن تستمتع بكل عمل تقوم به ، خطط ليومك من الليلة التي تسبقه .
2. عدم التكاسل والتأجيل للمواعيد والامور التي بجب عليك القيام بها .
3. محاولة عدم النسيان ، بسبب عدم تدوين الأهداف مسبقاً ، ضع مفكرة صغيرة وقلم في جيبك دائماً .
4. عدم مقاطعة الآخرين ، اعتذر منهم بكل لباقة إن لم تكن ملحة . وحاول ان تكون مستمع جيد .
5. عدم سوء الفهم للغير ، مما قد يؤدي إلى مشاكل تلتهم وقتك وتضيعه .
6. عدم غياب الرؤية المستقبلية لأي عمل ، ركز على عملك حتى تنتهي منه .

وليس افضل من تطبيق ما سبق على وضعنا الحالي في ظل جائحة فيروس كورونا ، وما تبعها من اجراءات ، مثل فرض الحظر الجزئي او الشامل ، حيث يمكننا استغلال الوقت وادارته على افضل شكل ممكن .

(اللهم اكشف عنا هذا الوباء ، بيدك الشفاء، ولا كاشف له إلا أنت يا رب العالمين ، اللهم لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك ، إنك على كل شيءٍ قدير)