11-12-2020 03:16 PM
بقلم : ضُحَى محمّد نجيب الدقامسة
المُخدرات هي بلاءُ العصر الذي أصبَحَ ينتشرُ في المُجتمع في الآونةِ الأخيرة بشكلٍ لم يسبق لنا رؤيتهُ، حتى أنهُ أصبحَ يُشكّلُ الخطرَ الأكبر على بناءِ المُجتمع وتطورهِ وحتى اسهامهِ في قيامِ شعبهِ، والمُخدرات باتت تُهددُ بإنهيارِ الأممِ والشباب، والمخدرات ما هي إلّا سمومٌ قاتلة تَهوي بحياةِ الأشخاص، ومن خلالِ دراساتٍ عالمية ومحلية أُثبتَ أنّ المخدرات تعمل على تعطيلِ إرادة الإنسان وتهوي بعقلهِ بعيدًا عن الصواب وتوصِلهُ إلى أشدِ الأمراض وأخطرها وتدفعُ الإنسان إلى ارتكابِ الأخطاء الفادحة حتّى في أبسطِ الحالات.
وبيّن مصدر في مُكافحة المخدرات بأنّ الأسرة هي العامل الرئيسي والأساسي بهذهِ الظاهرة من خلال المشاكل الأُسرية والخلاف بين الزوجين والتفكُك الأُسري الذي يهوي بحياة الأبناء إلى هذا الطريق المُظلم، ومشاكل الطلاق أو حتى مُجرد الإستمرار بالخلافات بين الزوجين أمام الأبناء في أغلب المواقف يؤدي إلى كسر نفسية الأبناء وخروجهم للشارع للترويحِ عن ذواتهم وبالتالي فإنّ تعرضهم للمُخدرات ليسَ بالأمرِ المُستحيل.
وأضافَ المصدر بأنهُ لا بُدّ للشباب من لجوءهم للمُخدرات لنسيانِ واقعهم المَرير الذي يعيشونَ به، من بطالة وتدني مستوى المعيشة الذي يؤدي بهم إلى العجز عن توفيرِ مُتطلباتِهم الأساسية، وهذا الأمر يؤدي بهم إلى ضعفِ قُدرتهم على التحمُل، فإنهُ بلا شكٍ أو تردد سيقودُهم إلى ارتكابِ هذهِ الجريمة للتجارةِ أو التهريبِ أو الترويج لتحسينِ حالتهم المادية وبنهاية المطاف يُصبحُ الأمر بغاية الصعوبة للإبتاعد عنه ونرى بأنّ الشبابَ عالقونَ بهذا الطريق الذي لا رجعةَ عنهُ.
وبجانبٍ آخر ولا يُمكننا غضَ النظرِ عنهُ بأن الإفراطَ في "تدليل" الأبناء وتلبية رغباتهم بدون استثناء قد يؤدي إلى طريقٍ مُعاكس، كتلبيةِ رغباتهم بمنحهم المال الزائد، ومنحهم الثقة المُفرطة الخالية من الحدودِ والمسؤوليات، ومنحهم الصلاحية التامة للسهرِ لوقتٍ مُتأخر خارج المنزل، وعدم الإطلاع على تكوينِ صداقاتهم بِحُجة الإنفتاح والحُرية الشخصية لهُم.
وبيّنَ المصدر بأنّ ضعف الوازع الديني لدى الأفراد والشباب خُصوصًا لهُ أثر كبير في حياتهم، ويُعتبر من العوامل الرئيسية ومن الأساسيات التي تعمل على ضبط سلوك الأفراد وتعاملهم، حيث يُعتبر ضعف الوازع الديني بعدم اللجوء إلى الله في الصعاب والشدائد أمر محتوم لوقوع الشباب في الطريق الخطأ والمُعاكس مثل المُخدرات وغيرها من الأمور المُفسدة، كما أنّ رجُل الدين والرجل المؤمن بعيد أشدّ البُعد عن المُحرمات بجميع أشكالها.
وأشارَ المصدر بأنّ العمالة الأجنبية لها أثرٌ كبير في التأثير على ثقافة المُجتمعات، بدخولهم بحياة العائلة ونقلهم لعاداتهم وتقاليدهم لهم، والترويج للمُخدرات للشباب والمُراهقين من خلال الوقت الذي يقضونه معهم بغياب الأهل، وكذلك انخفاض مُستوى الثقافة لدى الشباب، وجهلهم بالآثار التي قد تُلحقُها مثلَ هذهِ المواد المُخدرة بالجسم، قد يدفعهم لمُمارسة وسائل غير مشروعة لتعويضهم لهذا النقص وبالتالي يرون أنفسهم متساويين مع الآخرين.
بالإضافةِ إلى العامل الذي لهُ آثارٌ جمّة في حياةِ الشباب وهو رفاق السوء، والتقليد الأعمى وحُب التجربة، ونعلمُ أنّ الشباب ينصاعونَ دائمًا وراءَ أقرانهم لإتباع تصرفاتهم، فهذا العُمر لا يُمكن لغالبية الشباب تحديد السلوك الجيد من السلوك الغير جيد، فيُصبح السكوت أيضًا من علامات الصداقة وحتى الرجولة فتجدهم قد انحرفوا في هذا التيار من غيرِ وعيٍ منهم ولا مسؤولية.
ونعلمُ أيضًا بأنّ الفراغ له نتائجٌ سلبية لا حصرَ لها فالمُراهق لا يُقدّر قيمة الوقت ويقوم بتعبئة وقتهِ بمثلِ هذهِ الأمور للتسلية ولكن ليسَ مُدرك للعواقب بعدها، كما أنّ السفر للخارج بغرض الدراسة أو العمل يعمل على تعزيز هذا البلاء عند الشباب من خلال قلة المُراقبة من قِبل الأهل والإنفتاح على ثقافات بعيدة أشدَّ البُعدِ عن ثقافاتنا والمبادئ التي نعيشُ عليها وتوارثناها عن أجدادنا فَيُتيح لهم فُرصة الإنخراط بهذهِ المُجتمعات والتأثُر بهم من عادات وتقاليد وسلوكات، فكُل ما سبق قد يؤدي بهم إلى الوقوع بهذا الطريق الذي لا رجعةَ عنهُ.
وبالتالي فهُناكَ آثارٌ يُلحقها المُدمن بمجتمعهِ، فمثلًا يُلحقُ ضررًا من الناحية الإقتصادية ببلدهِ لأنه يُصبح شخصًا غيرَ فعال في المُجتمع لأنّ المواد المُخدرة تعمل على إصابة الشخص بعقلهِ أو نفسيته أو جسمه فإنهُ لا يستطيع تقديم أي شيء ولو بسيط لأُمته، فالأضرار الإقتصادية تنتُج عن عدم قيام أبناء الأمة بتقديم الخدمات لمجتمعاتهم وعدم قيامهم بأي خطوةٍ لتطورِ وازدهارِ امتهم، لأنّ طاقاتهم تُهدر وقوتهم الجسدية ليست قادرة على التحمُل.
ومن الناحيةِ الأمنية ثبتَ بأنّ المُتعاطي يُصبح أكثرُ عدوانًا خلالَ دخوله هذهِ الحالة فيصبح قادرًا على ارتكاب الجرائم بكافة أشكالها، ومن الناحية السياسية فقد يؤدي مثل هذا الأمر إلى ضعف الأمة وضعف تماسُكها وبالتالي يُصبح سهل النيل منها، أمّا دينيًا يفقد المُدمن صلتهُ بربه وبالتالي لن يقوم بأي شيء من الواجبات المطلوبة منهُ دينيًا لأنّ تأثير المُخدرات يمنعهُ من ذلك.
ونهايةً للحد من هذهِ الظاهرة والتغلُبِ عليها لا بُدَّ لوسائل الإعلام أن تعمل جاهدة على زيادة الوعي للشباب، من خلال المُحاضرات التوعوية والبرامج التلفزيونية التي تُبيّن للشباب والأفراد كافةً مدى خطورة التعاطي لمثلِ هذهِ المواد المُخدرة والآثار الجانبية التي تؤدي لها وحتى العقوبات المُترتبة عليها، والتعليم في المدارس والجامعات لهُ أثرٌ كبير أيضا على التوعية والحث من قِبل المُدرسين والمُرشدين القائمين في المسيرة التعليمة، والأُسرة سلاحٌ ذو حدين مثلَ ما تُعد من احدى الأسباب التي تدفعُ للتعاطي فهي أيضًا احدى الأسباب التي تقي الشباب من هذا البلاء كإحتواءهم في سن المراهقة وزيادة الوعي لديهم والرأفة بهم وابعادهم عن المشاكل والضغوطات النفسية.
ضُحَى محمّد نجيب الدقامسة
جامعة اليرموك_صحافة وإعلام