13-12-2020 02:23 PM
بقلم : د. سعود فلاح الحربي
يصدر عن جانب الملك بين الفينة والاخرى، تعيينات بوظائف قيادية، كالمستشارين او كبار موظفي الديوان الملكي او وظائف اخرى خارج تنظيم الديوان الملكي، عبر إرادة ملكية سامية تستند إلى أحكام الدستور، وقد يلحظ البعض في تلك الإرادات الملكية السامية القاضية بتعيين شاغلي تلك الوظائف، تذيلها بعبارة "برتبة وراتب وزير اعتبارا من... " فهل هذا يعني أن شاغلي تلك الوظائف هم وزراء بالمعنى الدستوري ام لا؟ ولعل الإشكالية التي تثيرها هذه المسألة تتبلور في طرح أسئلة عده هي:
هل تسري على شاغلي تلك الوظائف أحكام تقاعد الوزراء ام لا؟ وهل تسري عليهم أحكام قانون محاكمة الوزراء؟ وهل هناك حاجة لإذن مجلس النواب للسير في محاكمتهم؟ اذا ما ارادت النيابة العامة تحريك دعوى ضدهم، وهل يتم منحهم لقب معالي ام لا؟ ام ان الامر لا يعدو الا ان تكون الرتبة الوزارية في مثل هذه الحالات فخرية لا اكثر.
لا بد من الاعتراف هنا من أن الاجابة عن هذه الأسئلة - وغيرها قد لا تحضرني - موضوع يحتاج إلى تعمق في البحث ولا علم لي هل توجد قرارات تفسيرية لهذا الموضوع من الجهات المختصة ام لا؟ الا اني احاول تسليط الضوء وباجتهاد شخصي محض على هذه المسألة البالغة الاهمية لا سيما في الاثر القانوني الذي تنتجه، ولعل في طرحها الإفادة او تكون فاتحة بحث علمي جديد لاحد الباحثين.
ومع ذلك، فقد بيّن القسم الثاني من الفصل الأول في الدستور تحت عنوان "الوزراء" المقصود بالوزير، ولعل اهمها انه عضو مجلس الوزراء سواء ترأس وزارة ام لم يترأس، وبيّن مهامه وكافة الامور الخاصة بمركزه الدستوري، وهذ المعنى الدستوري للوزير ينسحب على المعيّنين برتبة وراتب وزير، لا سيما اذا ما علمنا ان الملك يعين الوزراء ويقيلهم ويقبل استقالاتهم ابتداءً، سندا لاحكام المادة ٣٥ من الدستور، كذلك ينشىء الرتب المدنية والعسكرية سندا لاحكام المادة ٣٧/ ١ من الدستور، وأن الإرادة الملكية الصادرة بالتعيين تعد قراراً منشئاً لمركز قانوني جديد لشاغله، يماثل الوزير في الرتبة والراتب، وان كان يعد وزيرا خارج عضوية مجلس الوزراء، الا انه يستحق كافة الميزات الممنوحة للوزير وما يترتب عليها من آثار قانونية عند مباشرة الوزير اشغاله لمنصبه.
وتأسيسا على ذلك، فانه تسري على المعيّن برتبة وراتب وزير احكام تقاعد الوزراء، وتسري عليه أحكام قانون محاكمة الوزراء، ويحتاج لاذن مجلس النواب للسير في إجراءات محاكمته، اذا ما حركت النيابة العامة دعوى ضده.
قد يقول قائل ان هذه الرتبة الوزارية للمعيّن هي رتبة فخرية لا أكثر، لكن هذا القول لا يستند الى دليل او قرينة، والقول بخلافه هو الأقرب للصواب لوجود ارادة ملكية منشئة لمركز المعيّن.
يبقى ختاماً لقب معالي لشاغل الوظيفة الجديدة، وهذا يحدده أيضا نص الإرادة الملكيه الصادرة بهذا الخصوص، فإذا جاء في مستهل نصها " يعين معالي السيد......." ففي هذه الحالة يخاطب بلقب معالي، اما اذا جاء نص الإرادة " يعين السيد بوظيفة....." فإنه لا يمنح اللقب وان كان التعيين برتبة وراتب وزير، وذلك بالارتكان لنص المادة ٣٧/ ١ من الدستور السالف ذكرها والتي خولت الملك منح الألقاب وانشاء الرتب المدنية واستردادها.