15-12-2020 12:22 AM
سرايا - التغيرات التي يمر بها الانسان كثيرة ومتعددة فهي تتنوع بين الحزن والسعادة، والانكسار والنجاح والفشل والعديد من المشاعر. فهي تتقلب في ذهن الإنسان وتجعله بحاجة للبوح للتعبير عن مشاعره لكنه يخاف اللوم أو لا يجرؤ عند الحديث عن ما يجول بخاطره خوفا من الظهور أمام الآخرين بمظهر الضعف أو الخذلان، لذلك يلجأ بعض الأشخاص لإفراغ ما يخالج النفس من مشاعر على الورق، كنوع من تفريغ ما علق في الروح من شوائب وهموم ومخاوف.
فالعلاج بالكتابة يعتبر من الأساليب التي تساعد الإنسان على الحفاظ على صحته النفسية والتخلص من الهموم والآهات والمشاعر السيئة، وتخطي المحن.
يقول المرشد النفسي محمد الخالدي إن: «العلاج بالكتابة يعتبر من وسائل العلاج النفسي ولها أهمية كبيرة في تخلص الإنسان من الطاقة السلبية، و الآلام، والهموم، والمشاكل التي تحيط به وبالتالي يؤدي ذلك إلى تحسن حالة الشخص النفسية نحو الأفضل والأحسن وتسهم في التئام جروحه بسرعة قبل فوات الآوان». ويؤكد الخالدي على: «أهمية الكتابة وتأثيرها على تحسن صحتنا النفسية فهي بمثابة التنفيس عن مشاعر الغضب، أو الحزن حيث تساعد باخراج كل المشاعر المؤلمة والمزعجة، وكل ما علق بالنفس من الهموم، والمشاكل، والهواجس والشحنات السلبية الى الورق، مما يؤدي الى تحسن المزاج واستعادة الرضا الداخلي والثقة بالنفس للإنسان من جديد والنظرة للحياة بشكل إيجابي وتفاؤل، وانه فرد فعال ومفيد في مجتمعه».
ويضيف أن: «للعلاج بالكتابة دورا كبيرا في الاستقرار النفسي للإنسان، وخصوصا لهؤلاء الذين تعرضوا لصدمات مؤلمة وجارحة اثرت على مسار حياتهم بشكل طبيعي».
ويشير إلى أن: «التفريغ بالكتابة يساهم في علاج كثير من الأمراض العقلية والاضطرابات النفسية منها: الاكتئاب، واضطرابات الوسواس القهري والأكل، والتوتر، والصدمات النفسية، والقلق، والأدمان، والتخلص من الشحنات والمشاعر السلبية».
وينصح علماء النفس «بكتابة المخاوف والهواجس التي تنتابنا، انطلاقاً من أن الكتابة تسهم بنقل مخاوفنا من العقل الى الورق، الأمر الذي من شأنه أن يساعد على تجسيد المشاعر والأحاسيس السلبية والعمل على مواجهتها والتغلب عليها. ويؤكد العلماء أن: «عشرين دقيقة في اليوم كافية لاستعادة التوازن النفسي والثقة بالذات».
وتقول ليزا بيدج، طبيبة علم النفس السريري في بارك ريدج بولاية إلينوي، إنها تشجع الجميع على كتابة اليوميات لأنها تساعد في تعزيز جهاز المناعة بحسب أحد الأبحاث، كما تستخدم كتابة اليوميات في عملها للمساعدة في تخفيف الضغط النفسي وقلة النوم.
وتوصل عالم النفس الشهير جيمس بيكر، في عام 1986 إلى علاج نفسي جديد مبتكر ومُلهم، بعد أن طلب من مجموعة من الطلاب الكتابة لمدة 15 دقيقة يومياً عن أكبر صدمة أو أصعب وقت مر عليهم، ليكتشف بعد 6 أشهر من الملاحظة أنهم تمتعوا بصحة أفضل، ليبدأ بعدها علم النفس في دراسة العلاقة بين ما يعرف بـ«الكتابة التعبيرية أو العلاجية» وعمل الجهاز المناعي، فاكتشف تأثيرها على حالات صحية بدنية عديدة مثل انقطاع النفس أثناء النوم، والربو، والصداع النصفي، والتهاب المفاصل الروماتويدي، والسرطان». وتشير دراسة نشرت في BJPsych Advances: «أظهر المشاركون الذين يعانون من صدمات نفسية تحسنًا ملحوظًا على المستوى النفسي والجسدي دام أربعة أشهر من وقت العلاج، بعد أن طُلِب منهم أن يكتبوا عن أكثر التجارب المؤلمة بالنسبة لهم مدةً تتراوح بين 15-20 دقيقة على مدى 4 أيام متتالية». وتشير دراسة أخرى أجراها الباحثان «كارين بايكي، وكاي ويلهيلك»، والتي أفادت بأن الكتابة التعبيرية تنفع بشكل كبير في أوقات الضغط والتوتر والحزن والغضب، وأن الكتابة عن حدث مؤلم حصل في الماضي يحسّن من الصحة النفسية والجسدية التي تسبب الألم بتدهورها، كما أن دمج الكتابة التعبيرية في الخطة العلاجية يعطي مفعول الدواء نفسه».