17-12-2020 11:27 AM
بقلم : كارمن رياض عودة
إن لكل أمة نصيبا من القوة بمقدار رصيدها من شبابها وفتوتها، فإن سطع نجم شبابها كانت من الأمم المتقدمة الفتية، وإن خبتْ شعلتهم حالت إلى أمة هرمة عجوز يدق ناقوس الخطر بزوالها.
والأمر الأعظم في ذلك أن تهور الأمة متعلق بتهور عنصر الشباب، وهذا ما نراه في عصرنا الحالي من انهيار كبير في طبقة شبابنا المسلم باتجاه تبعية ليس لها أي تبرير إلا التقليد الأعمى.
نحن نعاني من هذه الظاهرة التي انتشرت مؤخراً بشكل كبير ومتزايد مع مرور الوقت وهذا ممكن ان يكون شيء سيء وينقلب على صاحبه اذا كان صاحبه يتبعه بطريقة سيئة، اي ان يقوم الشخص بتقليد بمن هم ليسوا أهلاً ليكونوا قدوة ومثالاً حسناً يحتذى بهم، هذا التقليد هو الذي يوصل الناس للهاوية، اي إنه يؤدي إلى إلغاء التفكير تماماً؛ لأن الهدف الأساسي منه هو تقليد الآخرين دون أدنى تقدير لنتائج هذا التقليد. وقد يكون اتباعاً للسفهاء فيما يفعلون أو يقولون أو في أيّ من الأمور السخيفة الأخرى، كأن يكون في الملبس أوالمظهرأو حتى في طريقة الحياة بغض النظر عما إن كان ما يقلد يتناسب مع طبيعة الحياة أو مع ثقافة المجتمع
التقليد هو محاولة مشابهة الغير في القول أو الفعل أو أسلوب الحديث أو طريقة الحياة يمكن ان يكون بطريقة جيدة او بطريقك سيئة، وللأسف النوع الاكثر سيوعاً في هذا الزمان هو اللطريقة السيئة التي سبقت الاشارة إليها.
ولاكن هناك النوع الاخر الا وهو الجيد والذي يكون بتقليد المفيد المباح هو تقليد الصالحين من الناس ممن عرف عنهم تقوى الله وتحليهم بأفضل الأخلاق، فهؤلاء من الجيد والمفيد تقليدهم والسير على نهجهم وخطاهم فيما يوصفون به من أخلاق سامية حميدة وتعامل حسن ، هناك أيضاً نوع مفيد من التقليد ألا وهو تقليد الأمم الأخرى فيما تتقدم به من علوم وإبتكارات وصناعات وتكون سبباً في تحسين وتيسير الحياة.
إذاً ما هي الاسباب التي تؤدي إلى التقليد الأعمى؟
يوجد العديد من الاسباب التي تؤدي إلى التقليد الاعمى منها التنشئة السيئة او التربية غير السليمة للطفل منذ صغره حيث يكون من دون رقابه وتوجيه من الاهل فيصبح هشاً ليس لديه اسلوب الحياة الخاص به او الشخصية التي تميزه ويلجأ إلى التشبه بالغير وهنا أعني تقليد الأمور السلبية، بالاضافة إلى الانفتاح على الثقافات الاخرى في كافة أرجاء المعمورة وخاصة بعد التطور الهائل الذي أنشأ العديد من وسائل التواصل الاجتماعي بين مختلف الناس في شتى انحاء العالم. إلا أن هذا الأمر قد يكون ايجابياً أو سلبياً معتمداً على ما قد يقلد من هذه الثقافات فما أفادنا كان أمراً محموداً وما كان دخيلاً علينا وغير مناسب لثقافتنا وديننا كان تقليداً مذموماً، سبب آخر مهم وهو البعد عن الدين وأصوله، بالإضافة إلى حب الظهور ولفت انتباه الموجود بنسبة كبيرة عند الشباب والمراهقين وهي من أخطر الأسباب التي قد تؤدي إلى تقليد أعمى دون التفكير بأي نتيجة قد تنطوي عليه.
وفي نهاية الامر يجب علينا ان نعلم اننا لسنا بحاجة لنكون نسخة طبق الاصل عن دولة معينة او عن فئة من الناس فنحن اما ان نكون انفنا كما خلقنا محافظون على ديننا وعلى مبدأنا وقيمنا او نكون مجموعة من النسخ طبق الاصل عن ناس غيرنا لا يشبهوننا ولا يمثلون مجتمعاتنا فلنصن انفسنا.