19-12-2020 10:00 AM
بقلم : م. أحمد نضال عوّاد
تتعدد أسباب البطالة لتشمل أسباباً محلية وأخرى إقليمية وعالمية ،وأسباباً شخصيّة وأخرى وطنيّة، لكنّنا نتفق جميعاً باعتقادي على أن جائحة كورونا هددت وما تزال تهدد آلاف فرص العمل في العديد من القطاعات، إضافة إلى ضعف النموّ الاقتصاديٌ وما يرافقه من غياب للاستثمار الإيجابي الذي يعتبر الركيزة الأساسية لتوليد واستحداث فرص عمل جديدة بالقطاعات التنموية المختلفة، ووجود نقص في التشاركية الحقيقية ما بين ثلاثية التنمية الحكومة،القطاع الخاص،مؤسّسات المجتمع المدني.
ومع تزايد نسبة البطالة في المملكة إلى ما يزيد عن 23٪ فإننا نتمنى على الحكومة وكامل مؤسّسات الدولة التنفيذية والتشريعية العمل ضمن برامج وطنيّة مشتركة تعمل على تعزيز التشاركية مع كافة الجهات والمؤسسات التنموية، وأن تكون أكثر مرونة في مراجعة التشريعات والإجراءات التي تسعى لتعزيز الاستثمار الوطني والعالمي في المملكة وفي القطاعات التنموية المختلفة وبشكل خاص قطاع تكنولوجيا المعلومات، الزراعة ،الصناعة وغيرها.
كما نتمنى أن نجد مجالساً استشارية تطوعية وطنية تجمع الخبراء الشباب من كافة محافظات المملكة، الوزارات والمؤسسات الحكومية ،المجالس المنتخبة لسماع كافة وجهات النظر باستمرار ،والعمل على توحيد الجهود ومأسستها بما يعود بالنفع على الوطن ومستوى التنمية الشاملة المستدامة فيه، وزيادة مستوى التنسيق والتعاون، ولعلّ مركز إدارة الأزمات كان محوريا في تنسيق الجهود ضمن مواجهتنا جائحة كورونا وعلينا البناء على هذه التجربة الهامة وتفعيلها في كافة القطاعات.
المقترحات عديدة عندما نريد الحديث عن توفير فرص العمل واستحداثها، وأذكر منها :
أولا: التحول من مبدأ الإقراض للمشاريع الصغيرة إلي مبدأ التشاركية لدى المؤسسات الاقراضية، وأقترح بهذا الخصوص أن يتم استحداث نافذة تمويلية وفق مبدأ الشراكة في المشاريع التكنولوجية ،الزراعية،الصناعية الناجحة . بحيث يتم تقديم تمويل لمجموعة من الشباب (فريق عمل) مقابل نسبة في الأرباح 50٪ للصندوق، و50٪ للقائمين على تنفيذ المشروع والذين لا يقل عددهم عن 3 مثلاً مما يساهم في تعزيز الشراكة ما بين المواطن والحكومة ممثلة بالصندوق في هذه الحالة، أو بالإمكان استخدام هذا التمويل لتطوير المشاريع القائمة الناجحة شريطة توفير عدد معين من فرص العمل للأردنيين.
ثانياً: أما في القطاع الزراعي، فربما يكون من المفيد حصر قطع الاراضي الصالحة للزراعة أو الممكن استصلاحها وطرحها للشباب الراغبين في الزراعة وتقديم المساعدة الفنية من خلال برامج مؤسسة التدريب المهني المتميزة، واعتماد مبدأ الشراكة من خلال صندوق التنمية والتشغيل على سبيل المثال ومقابل نسبة من الأرباح، وهذا من شأنه العمل على تطوير مهارات الشباب في مجال الزراعة وتشجيعهم على التدريب والإنتاج ،وبنفس الوقت يحقق عائدا استثماريا للحكومة ممثلة هنا بالصندوق، ويساهم في تعزيز الأمن الغذائي الوطني.
ثالثاً: العالم يتجه نحو ثورة صناعية جديدة، ومع التقدم التكنولوجي المتسارع الذي علينا ملاحقته باستمرار سواء في المؤسسات الرسمية أو القطاع الخاص، أو حتى على مستوى المناهج والتخصصات في كافة المستويات الأكاديمية أو الفنية التدريبية خاصة إذا أردنا التفكير على مستوى فرص العمل استراتيجيا وبشكل بعيد المدى، ومع تطورات الذكاء الاصطناعي علينا أن ندرك أنّنا سنكون أمام تطورات كبيرة في المستقبل علينا التخطيط لها منذ الآن وإعادة الخطط العشرية والإستراتيجية وأن تكون الحكومات مكملة لبعضها بغض النظر عن الأشخاص والعمل بمؤسّسية وشفافية كاملة.
رابعاً: ينبغي إجراء مراجعة شاملة في التشريعات الضريبية والجمركية ،ومنح حوافز تشجيعية للمستثمرين لاستثمار أموالهم في مشاريع اقتصادية وتنموية في المجالات المتعددة، نحن نعلم أن الضرائب هي إحدى أهم إيرادات الموازنة لكن إذا فكرنا خارج الصندوق ربما نجد أننا عند تقديمنا لهذه التسهيلات نقدم خدمة جليلة للاقتصاد الوطني حيث سنكون أمام بوابة حقيقية لاستحداث فرص عمل جديدة للأردنيين الذين سيرتفع مستوى دخلهم الذي سيتم إنفاقه بالسوق المحلي غالبا من خلال تأمين المستلزمات الأساسية للحياة والمسكن والالتزامات المعيشية المختلفة والتي تنعكس إيجابا على حجم النمو الاقتصادي الوطني وحدوث الانتعاش، ولا بد كذلك التفكير عكسيا فيما لو قلت فرص العمل أو حدث انكماش اقتصادي ودراسة ما يرافقه من تحديات مجتمعية واقتصادية وتنموية كبيرة لدى المواطنين.
خامساً: الحلول كثيرة، وأجمل الحلول وأكثرها اتزاناً هي التي تنتج عن حوار اقتصادي وطني تشترك فيه جميع الجهات والمؤسسات والخبراء والشباب لإنتاج سلسلة من التدخلات والإجراءات التي من شأنها إنقاذ فرص العمل الحالية ،واستحداث فرص جديدة في المجالات التنموية كافة.
وفقنا الله وإياكم جميعاً للمساهمة في تحقيق التنمية الشاملة المستدامة ونفع وطننا الغالي والناس جميعاً.