حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الإثنين ,23 ديسمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 2395

شكرا كورونا

شكرا كورونا

شكرا كورونا

23-12-2020 08:45 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : عبير مامي
أزمة كورونا جعلتنا نختبر ظروفا استثنائية لم نعتد عليها ولم نتوقع حتى أن نواجهها يوماً، وجدنا أنفسنا بحالة عُزلة إجبارية كُلّ خلف باب بيته، أصبح السفر والتسوق وحفلات الأعراس والمناسبات وارتياد المطاعم وصالونات التجميل ترفاً لا نملك حرية التمتع به، انقلبت المعايير وتغيرت الأولويات، حتى مشاعرنا أصبحت متضاربة، تارةً نشعر بأمان بعيداً عن ضغط العمل وتوتر الحياة السريعة والركض طوال الوقت لمجاراة متطلباتها الذي اختبرناه بعد كورونا، وتارةً أخرى نشعر بالحنين لما اعتدنا عليه من حياتنا السابقة التي لم تكن تحمل هذا الكم من الخوف من المرض وهاجس فقدان الأحبة.

إن التعرض للأزمات يكشف عادةً عن دواخل الانسان ومدى قدرته على التأقلم، في بداية الأزمة شعرنا بالصدمة والخوف وزادت هواجسنا وتساؤلاتنا الداخلية حول الطريقة التي سنواجه فيها هذا الفيروس وكيف سنحتمل ظروف الحجر والتباعد التي فُرضت علينا، تجسّدت مخاوفنا بردود أفعال مبالغ فيها من شراء وتكديس للمواد الغذائية والمعقمات والأدوية، ودخلنا بدوامة من الوسواس القهري فاقت كل ما نملك من منطق وحكمة، ناهيك عن ما كشفته هذه الأزمة من جشع وشهية مفتوحة لدى بعض ضعاف النفوس لاستغلال الظروف والتفنن في السرقة والتربح على حساب حاجة الآخرين ولو بطرق غير مشروعة.

الأن وبعد مرور ما يقارب العام على هذه الأزمة، علينا أن نعترف أن ما مررنا به قد غيّر بلا شك نظرتنا ومفهومنا للحياة ولعلاقاتنا الاجتماعية وغيّر من أولوياتنا، إقامة حفلات الزواج والتخرج في الصالات والفنادق وقضاء شهر العسل في الخارج والزيارات العائلية الرسمية وإقامة الولائم والسفر لقضاء إجازاتنا السنوية لم يعد أولوية مثلاً، على العكس تغيّر الظروف غيّر مزاجنا وجعلنا نآلف الهدوء والسكينة أكثر، بل وجعلنا نستمتع بتفاصيل لم نعيرها اهتمامنا سابقاً كالتخطيط لقضاء أوقات أكثر مع العائلة وحتى الاستمتاع ببعض الأمور البسيطة كالكزدرة في الشوارع والطرقات.

قد يتساءل البعض، وأنا واحدة منهم، ما الذي سيحدث لنا بعد انتهاء أزمة كورونا؟ هل سنعود لممارسة الحياة كما عهدناها سابقاً، هل سنعود للركض طوال اليوم لكي نحقق الانجازات والطموحات التي نسعى إليها، هل سنحُرم من متعة الانعزال عن ضجيج الحياة ومتطلباتها، هل سنعود للاهتمام بالمظاهر والمجاملات الاجتماعية وحضور المناسبات الاجتماعية التي نُدعى إليها حتى وأن كُنا لا نرغب بحضورها، وهل سنضطر لاختلاق الأعذار لتبرير حاجتنا للانعزال وعدم رغبتنا في تبادل الحديث مثلاً، وهل سيعود الاهتمام بالشكل الخارجي وتصفيف الشعر من الأمور التي لا يمكن تأجيلها، هل ستعود لمّة الأسرة من الأمور المؤجلة التي تحتاج لتخطيط مسبق حتى تتوافق وانشغالات أفرادها كافة، لا أُخفيكم أنه وبالرغم مما مررنا به من مخاوف وحيرة من المصير المجهول الذي نواجهه من انتشار هذا الفيروس، إلا أني أشعر أحياناً بالقلق من عودة الحياة إلى طبيعتها فهل من المعقول أن يأتي يوم نحّن فيه لزمن كورونا!!








طباعة
  • المشاهدات: 2395
لا يمكنك التصويت او مشاهدة النتائج

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم