31-12-2020 01:23 PM
بقلم : شروق طومار
ساعات وينقضي عام 2020، العام الأسوأ والأقسى على البشرية منذ عقود. كان عاما ثقيلا مليئا بالضربات التي تركت ندوبها في القلوب وغيرت ملامح معظم مناحي الحياة.
الجائحة وتبعاتها لم ينج منها جانب من حياتنا على اختلاف درجات التأثر بها. ولعل التعليم كان واحدا من أكثر الجوانب تضررا.
ما لا يقل عن 1.5 مليار طفل حول العالم تأثروا بإغلاقات المدارس التي فرضها أكثر من 160 بلدا وفقا لتقرير صادر عن البنك الدولي منتصف الشهر الجاري، يشير إلى أن تأثيرات الجائحة على التعليم قد تمتد لعدة عقود قادمة، وهذا ما يجب علينا أن ننتبه إليه جيدا وأن نفكر به ونبقيه في اعتباراتنا في كل جزئية أثناء التخطيط للمرحلة القادمة.
هذه التأثيرات لن تنحصر في نقصان التحصيل الدراسي في الأمد القصير، وإنما ستمتد أيضا إلى تقليص الفرص الاقتصادية التي ستتاح لهذا الجيل من الطلاب على المدى الطويل، نتيجة نقص التحصيل الدراسي بالإضافة إلى زيادة معدلات التسرب من المدارس.
من المحتمل أن يفقد هذا الجيل ما يُقدَّر بنحو 10 تريليونات دولار من الدخل أو قرابة 10% من إجمالي الناتج المحلي العالمي، يقول التقرير، وأن تزداد مستويات فقر التعلم زيادةً كبيرة تصل إلى 63%، أي ما يعادل 72 مليون طفل آخر في سن التعليم الابتدائي.
وليس خفيا، بأن طلبة منطقتنا العربية والدول النامية هم ضمن الأكثر تأثرا بهذه التبعات، فنقص التحصيل الدراسي أو ما اصطلح على تسميته بـ "الفاقد التعلمي" الناجم عن اتباع التعليم عن بعد، يزداد حدة حين لا تكون المناهج وأهداف وطرق التعليم مسعفة لاستخدام التعليم الالكتروني وتطبيق مبدأ التعلم الذاتي، وهذه السمات هي الطاغية على أنظمة تعليم معظم بلدان المنطقة، بالإضافة إلى ضعف البنية التحتية والتكنولوجية اللازمة لوصول الطلبة للمحتوى العلمي.
في الأردن، ربما كان حالنا أفضل من حال غيرنا من الدول التي توقفت لديهم العملية التعليمية تماما لفترة ليست قصيرة، لكننا لا يمكن أن نقبل بمقارنة من هذا النوع تقتضي ضمنيا تصنيفنا ضمن الدول الأدنى مرتبة في التعليم، بالنظر إلى إرث الأردن الكبير في هذا المجال، خصوصا مع يقيننا بأن ما لدينا من قدرات يفوق ما تم تقديمه بمراحل.
إدارة العملية كانت مرتبكة، اعتمدت دائما على التذرع بعامل المفاجأة الذي لم يعد حجة مقنعة بعد مرور أشهر على بداية الأزمة، واستسهلت وزارة التربية والتعليم على ما يبدو الاستمرار في إدارة الأمور على أساس أنها مؤقتة، لتجنب نفسها عناء الدراسة والتقييم والتخطيط والتطوير وكل هذا "الصداع" الذي يفترض أن تبنى عليه الإدارة الرصينة المحكمة.
أنتج كل ذلك عملية غير مرضية، فالتعليم عن بعد لدينا لم يلب أدنى الاشتراطات الواجب توافرها في العملية، سواء من ناحية المحتوى المقدم عبر منصة "درسك" والذي لا يتيح أي درجة من دجات التفاعل بين الطالب ومعلمه، وبين الطالب وأقرانه، والأهم المركزية الصارمة التي أدارت بها الوزارة العملية بشكل أدى إلى تهميش غير مبرر للمعلم وإلغاء دوره تماما، وهو ما سيحمل أثرا سلبيا حادا جدا على المعلمين وعلى الطلبة في حال عودة الدراسة الوجاهية ولو كانت جزئية، وغيرها الكثير من جوانب الخلل والتخبط.
المؤسف، أن الوزارة مستمرة بالتعامل مع الأمر بنفس الآلية، فحين يصرح وزير التربية والتعليم إن الحديث عن شكل التعليم في الفصل الدراسي الثاني "سابق لأوانه"، يمكننا أن ندرك بأن الوزارة لا تمتلك أي خطة أو تصور عن ما يمكن أن تكون الأمور عليه، وأنها تترك الأشياء للصدفة.
التذرع بعدم اليقين بخصوص الوباء لم يعد مقبولا، نحتاج خطة من عدة بدائل للتعامل مع السيناريوهات المحتملة، فترك الأمور على "البركة" والسير وفق مقولة "لوقتها فرج"، لن يجلب سوى مزيد من التدمير لتعليم أبنائنا ولمستقبلهم، وهذا ما لا يمكن أن نسامح به أبدا !