02-01-2021 06:59 PM
سرايا - "عملت في مصنع للألبان لمدة عامين بأجر شهري 210 دنانير (296 دولارا) أدفع منها إيجار البيت وديونا متراكمة وفواتير الماء والكهرباء وأدوية الأطفال وبعض الحاجيات الضرورية، وبعد 10 أيام من الراتب أبدأ بحلقة الديون من جديد، فلا حياة كريمة، ولا تغذية جيدة للأطفال، ولا تلبية لأبسط المتطلبات المعيشية"، هذا هو حال العامل أمجد الياسوري مع الحد الأدنى للرواتب.
تشابهه في ذلك شريحة واسعة من العمال الأردنيين، فهنا خريجة دبلوم بتخصص التغذية تعمل في أحد مصانع الأغذية وتتقاضى راتبا شهريا قيمته 215 دينارا (300 دولار) رغم أن خدمتها تزيد على العامين في المصنع ذاته على خطوط الإنتاج.
وهذا شاب يعمل في مجال الخدمات يتقاضى راتبا قدره 180 دينارا (256 دولارا) رغم توقيعه على عقد عمل سُجل فيه راتب بـ220 دينارا (310 دولارات)، وبينهما شاب يعمل صباحا في مصنع للكيميائيات بأجر شهري يبلغ 204 دنانير (288 دولارا)، ويعمل مساء في بيع القهوة لسيارات المارة لتأمين مصاريف زواجه الشهر القادم.
خط الفقر
قصة الحد الأدنى للأجور تحددها لجنة ثلاثية مشكلة من أطراف معادلة العمل، وتتكون من ممثلين عن وزارة العمل كجهة حكومية، والعمال، وأصحاب العمل.
وقد أعلن وزير العمل الأردني معن القطامين قبل أيام رفع الحد الأدنى للأجور الشهرية من 220 إلى 260 دينارا (310-360 دولارا) اعتبارا من مطلع العام الحالي وبنسبة بلغت 18%، بعدما توافقت على ذلك اللجنة الثلاثية لشؤون العمل.
وقال الوزير في تصريحات صحفية قبل أيام إن حاجة المواطن الأردني لا تقل عن 700-800 دينار شهريا (980-1100 دولار)، موضحا أن راتب الـ220 أو 260 دينارا لا يكفي لاحتياجات الفرد، لكنه من الممكن أن يسد القليل من احتياجاته.
ويستثنى من قرار رفع الحد الأدنى للأجور العاملين في المنشآت الاقتصادية المتضررة من جائحة كورونا، وذلك لمدة 6 أشهر من عام 2021.
من جانبه، يقول رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال الأردن مازن المعايطة إن نسبة العاملين ممن يتقاضون الحد الأدنى هي 20% من القوى العاملة الأردنية.
اعلان
ويضيف المعايطة للجزيرة نت أن هذه الأجور توفر لمتقاضيها الحد الأدنى من المتطلبات المعيشية، وهذه الفئة محصورة بالعمال غير الماهرين من الذين ينزلون إلى سوق العمل لأول مرة، أما متوسط الأجور للعمالة الماهرة والمدربة فيتراوح بين 400 و500 دينار.
ويرى رؤساء نقابات عمالية أن من شأن رفع الأجور زيادة القدرات الشرائية للعمال وتحسين أوضاعهم المعيشية.
قرار رفع الحد الأدنى للأجور يستثنى منه العاملون في المنشآت الاقتصادية المتضررة من كورونا لمدة 6 أشهر من عام 2021 (الجزيرة)
بين الإيجابية والرفض
من جهته، وصف فتحي الجغبير ممثل أرباب العمل رئيس غرفة صناعة الأردن خطوة رفع الحد الأدنى للأجور في هذا التوقيت الصعب بـ"الخطوة الإيجابية" لأن فيها شعورا بصعوبة الظروف المعيشية التي فرضتها أزمة كورونا على العمال.
وتابع الجغبير للجزيرة نت أن الحكومة منعت أصحاب العمل من تسريح العمال، لذلك لن نشهد موجة تسريح عمال جديدة العام الجاري بسبب رفع الأجور، لكن ذلك يتطلب زيادة في نمو ورفع نسبة النمو المحلي حتى تنعكس بشكل إيجابي على القطاعات الاقتصادية، مع ضرورة إعادة النظر بتكاليف الإنتاج المرتفعة في الأردن مقارنة بدول الجوار، مما يفقد الصادرات الأردنية ميزة التنافسية، إلا أن المنتج الأردني يحظى بجودة عالية تحافظ على سمعته أمام باقي الصادرات.
ويعارض أرباب عمل رفع الحد الأدنى للأجور، لأن من شأن ذلك زيادة الأعباء المالية على القطاعات الاقتصادية، خاصة المتضررة من الجائحة، وسينعكس الأمر سلبا على العاملين، حيث سيتم تسريح أعداد منهم لتأمين زيادة الأجور، وفق مشغلين.
مراقبة الالتزام بالقرار
بدورها، قالت مديرة برنامج العمل اللائق للمرأة في منظمة العمل الدولية ريم أصلان للجزيرة نت إن من المهم تحديد الحد الأدنى للأجور بحسب الاتفاقيات الدولية، لكن الأهم أيضا مراقبة تنفيذ هذا القرار، بحيث يعاقب جنائيا من لا يلتزم به، ومن خلال عمل منظمة العمل الدولية خلال الأعوام السابقة مع مبادرات عدة تم استلام العديد من الشكاوى بعدم التزام بعض القطاعات بالحد الأدنى للأجور، خاصة قطاع التعليم الخاص الذي تعمل فيه عمالة، أغلبها من النساء.
ومع تفشي جائحة كورونا وما رافقها من ارتفاع في نسبة التضخم وزيادة الأسعار وتراجع القدرات الشرائية للمواطن الأردني فإن الزيادة المتوقعة على الحد الأدنى للأجور لن تشكل إضافة حقيقية ونوعية إلى دخل العامل الأردني، وفق محللين.
الناشط على تويتر أحمد عوض غرد قائلا "توافق مؤسف بين أطراف الإنتاج الثلاثة بأن يتم حرمان العاملين الفقراء في القطاع الخاص الذين تقل أجورهم عن 300 دينار من تأمين الشيخوخة لمدة 5 أشهر، مقابل تطبيق قرار الحكومة بزيادة الحد الأدنى للأجور، الأمر الذي سيؤدي بالضرورة إلى تخفيض قيمة رواتبهم التقاعدية في المستقبل".
كما علق الناشط على فيسبوك موسى الصبيحي قائلا "مأسسة الحد الأدنى للأجور من الناحيتين الاجتماعية والاقتصادية أصبحت ضرورة تسبق مأسسته من الناحية القانونية".الرابط المختصر