06-01-2021 12:22 PM
سرايا - بينما قفزت معدلات البطالة والفقر في المملكة إلى مستويات قياسية خلال العام الحالي، يرى خبراء أنه لا مؤشرات تدل على احتمال تحسن هذين المؤشرين خلال العام المقبل.
ويشير الخبراء إلى أن استمرار ارتفاع مؤشري البطالة والفقر سيؤدي إلى فقدان شريحة واسعة من الأردنيين قدرتها على تلبية متطلباتها الأساسية وبالتالي زيادة المشكلات الاجتماعية والنفسية والبحث عن “السترة”.
ويؤكد الخبراء أنه لو شهد الاقتصاد معدلات نمو، فإنها قد لا تعكس الواقع الحقيقي الذي يعني تراجع الاقتصاد وبالتالي زيادة أزمتي الفقر والبطالة.
ولم تعلن الحكومة أي رقام جديدة عن معدلات الفقر التي قدرت العام 2018 بحوالي 15.7 %، إلا أن البنك الدولي كان قد كشف في أكثر من دراسة وتقرير خلال الفترة الماضية عن توقعات بزياة اعداد الفقراء، لا سيما “الفقراء الجدد” بعد “كورونا”.
وكان البنك قد توقع أن يزيد عدد الأشخاص الذين يعيشون في الأردن على أقل من 1.3 دينار يوميا (خط الفقر المدقع عالميا) بنسبة 27 % خلال العام الحالي مقارنة بالعام الذي سبقه.
كما توقع البنك أن عدد الأشخاص الذين يعيشون على أقل من 2.25 دينار يوميا في الأردن سيزيدون 19 %، فيما سيزيد عدد الأشخاص الذين يعيشون على أقل من 3.9 دينار يوميا بنسبة 13.2 %.
كما أشار، في تقرير حديث، الى أن حوالي 1.5 مليون فقير جديد في الأردن سينزلقون الى ما دون خط الفقر الدولي (5.5 دولار سنويا).
أما على مستوى البطالة، فقد كانت الحكومة أكثر شفافية وأعلنت ارتفاع معدلات البطالة خلال العام الحالي لتصل في آخر مسح للعمالة والبطالة للربع الثالث من العام الحالي إلى 23.9 % مقارنة مع 19.1 % في الربع المقابل من 2019.
ويرى الخبير الاقتصادي د.مازن مرجي، أن مشكلتي الفقر والبطالة ليستا بالجديدتين، ويعاني منهما الاقتصاد والمجتمع الأردني تاريخيا، إلا أنهما زادتا بصورة ومعدلات كبيرة بعد الجائحة، مشيرا إلى أن الأرقام التي يتم إعلانها عن معدلات الفقر والبطالة لا تعكس الواقع وهي أكبر من ذلك بكثير.
وأشار إلى أن الحكومة بدأت في التعامل مع الجائحة بداية موفقة وصحيحة، لكنها فيما بعد لم تستمر بطريقة صحيحة، ولم تتخذ إجراءات تضبط من ارتفاعات الفقر والبطالة، وكانت معظم الإجراءات التي اتخذتها إما خاطئة أو ناقصة.
وقال “الإجراءات التي اتخذتها الحكومة كانت فاشلة ولم تكن بمستوى التحدي لمواجهة الفقر والبطالة”.
وأشار، على سبيل المثال، إلى أن برنامج التحفيز الذي قدمه البنك المركزي استفادت منه شركات معينة قامت باستبدال قروضها ذات النسب العالية بقروض من البنك المركزي بفوائد أقل، كما أنها قامت بالسماح للشركات بتخفيض أجور العمال بين 30 %و60 %، كما تم إيقاف العلاوات فيما لم يكن لصندق التعطل أي أثر واضح على المشتركين.
وأشار الى أن ارتفاع الفقر والبطالة يعني انخفاض الاستهلاك أو الطلب الكلي، ما يعني انخفاض الإنتاج وتراجع الحركة الاقتصادية، وهذا أوصلنا اليوم الى حالة من الانكماش الاقتصادي والتي تعني بالتأكيد زيادة معدلات الفقر والبطالة مرة أخرى.
وأشار مرجي الى أن 2021 لن تكون أفضل، فجميع المؤشرات تشير الى ذلك، ورغم أن الحكومة تتوقع أرقام نمو اقتصادي بحوالي 2.5 %، إلا أن هذه الأرقام من الصعب بل والمستحيل تحقيقها.
وأوضح أن هناك برامج من شأنها أن تخفف من الفقر في 2021 تم إلغاؤها، مثل دعم الخبز، كما تم إلغاء مشاريع رأسمالية كبيرة كان من الممكن أن توظف أيدي عاملة، فيما أن المديونية في ارتفاع مستمر ومتوقع أن ترتفع أكثر في 2021، وهي ديون يتم أخذها لسداد خدمات الديون التي تراكمت في الأعوام الماضية، ما يعني عدم توجيه هذه الديون لدعم المواطن.
ويرى أستاذ الاقتصاد د.أحمد المجالي، أن زيادة معدلات الفقر والبطالة سببها الرئيس هو انعكاس جائحة “كورونا” على الاقتصاد، موضحا أن تراجع النمو الاقتصادي بسبب تضرر قطاعات كثيرة كان سببا في زيادة أرقام الفقر والبطالة، خصوصا مع توقف دخول بعض المواطنين نتيجة تسريحهم من أعمالهم، أو تراجع الدخول مع الاقتطاعات التي حصلت وغيرها.
ووفقا للمجالي، فإن 2021 سيشهد تعافيا وارتفاعا كميا في معدلات النمو، موضحا أن أرقام النمو ستبدأ بالارتفاع في 2021 مع عودة القطاعات المتضررة للعمل، لكننا يجب أن لا ننسى أنه نسبيا فإن هذا النمو ليس دقيقا على أرض الواقع، فالقطاع الذي توقف بنسبة 100 % العام 2020 عاد للعمل العام 2021، لكن الحقيقة هي أن هذا النمو هو فعليا تراجع عن العام الذي سبق 2020.
ويرى أستاذ علم الاجتماعي د.حسين الخزاعي، أن الأردن كان من بين الدول الأكثر تضررا من الجانبين الاقتصادي والاجتماعي، وخصوصا في جانبي ارتفاع معدلات البطالة وزياة نسب الفقر.
ويرى الخزاعي أن ارتفاع البطالة وصل خلال 2020 الى معدلات وصفها بـ”الخطيرة”، فهي بين المتزوجين قدرت بحوالي 28 %، وهي بين الشباب الفئات السكانية الأكثر نشاطا (15 الى 29 عاما) تصل الى حوالي 44.2 %، موضحا أن مسح العمالة والبطالة للربع الثالث من العام 2020 قدر بأن نسب البطالة بين الشباب في عمر 15 الى 19 عاما تقدر بـ53 %، فيما تصل الى 45 % بين الشباب في عمر 20 الى 24 عاما، وتصل الى 35.7 % بين الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 25 و29 عاما.
وأضاف أن هذه الأرقام تضاف الى 400 ألف طلب في ديوان الخدمة المدنية، و400 ألف عامل مياومة، فيما لا يمكننا أن نتجاهل الـ60 ألف خريج من الجامعة، ما يعني أرقاما غير مسبوقة في البطالة.
وفيما يتعلق بالفقر، فمن الملاحظ ارتفاع أعداد طالبي المعونة الوطنية، والتي قدرت خلال العام الحالي بـ900 ألف طلب تضاف الى 400 ألف طلب سابق.
ويرى الخزاعي أن البطالة والفقر هما اليوم الشغل الشاغل للمواطن الأردني، الذي بات في “صراع دائم على البقاء”، وأولويته الأولى هي تأمين الحاجات الضرورية لأسرته وعدم اللحاق بالمتعثرين والذين تقدر أعدادهم اليوم بحوالي ربع مليون.
ويلفت الخزاعي الى أن تأثر المجتمع الأردني لم يقتصر فقط على العاملين في القطاع الخاص، فقد تأثر العاملون في القطاع العام أيضا، خصوصا في الانشغال في تأمين مستلزماتهم واحتياجاتهم الضرورية؛ إذ إن 43 % منهم مقترضون من البنوك بحسب مسح الصحة الأسرية، وهؤلاء بدأوا يتأثروا بالضائقة الاقتصادية التي باتت تزداد سوءا مع زيادة متطلبات الحياة لعائلاتهم.
ووفقا للخزاعي، فإن 2021 سوف يزداد صعوبة؛ إذ إن الأثر سيبدأ بالظهور للسطح من ناحية البطالة وعدم وجود فرص عمل وفقدان وظائف وزيادة معدلات الفقر وطالبي المعونة من الدولة. وسنشهد ظاهرة غير معهودة في الأردن هي “ظاهرة التشرد”.
وتوقع الخزاعي أنه في 2021 سوف يشهد الأردن مظاهر احتجاج ورفض الواقع، خصوصا مع عدم وجود حلول لمشكلتي البطالة والفقر والمساندة الاجتماعية للفئات الأقل حظا، وهي احتجاجات من قبل العاطلين والفقراء والذين تركوا أعمالهم، فالهم الاجتماعي من فقر وبطالة هو الذي سيوحد هؤلاء.
ويرى الخزاعي أيضا أن الجرائم الاقتصادية (الواقعة ضد المال) من سرقة واحتيال وشيكات مرتجعة ورصيد وتزييف سوف تزيد، إضافة الى انسحاب كبير من الدراسة من طلاب (المدارس، والجامعات) بحثا عن لقمة العيش.
وأشار إلى أن نسبة الجرائم الاقتصادية كانت تشكل في العام 2019 حوالي 69 % من مجموع الجرائم، ومن المتوقع أن تزيد الى75 %، بحسب الخزاعي.
وقال “2021 هو عام البحث عن لقمة العيش” وهو “عام البحث عن السترة”.