13-01-2021 09:38 AM
بقلم : د. هايل ودعان الدعجة
برغم الجهود الكبيرة التي تبذل ، والدراسات والندوات والمؤتمرات التي تعقد لاعداد الخطط والاستراتيجيات والبرامج الحكومية المختلفة ، بوصفها معالجات وحلول للمشاكل والقضايا الوطنية التي يعاني منها بلدنا وفي مختلف المجالات وتحديدا الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية منها ، الا ان التعاطي مع هذه الخطط والإستراتيجيات يتم وكأنها مقتصرة ولا تخص الا الحكومة التي وضعتها فقط ، حتى اذا ما استقالت وجاءت حكومة اخرى نسفتها ووضعتها على الرف ، وبدأت بوضع الخطط والاستراتيجيات الخاصة بها ، مع ان الاصل بهذه الخطط الديمومة والاستمرارية وبانها عابرة للحكومات وتخص الدولة حتى تتحقق الغايات والاهداف التي وضعت من اجلها .. ومن الامثلة على ذلك وثيقة ( رؤية الاردن ٢٠٢٥ ) التي اعدتها حكومة الدكتور عبد الله النسور ، وخطة تحفيز النمو الاقتصادي التي طرحتها حكومة الدكتور هاني الملقي ، وخطة او مشروع النهضة الخاص بحكومة الدكتور عمر الرزاز وغيرها ، والتي تهدف الى تحقيق نفس الاهداف تقريبا ممثلة ، برسم طريق للمستقبل وتحقيق الاصلاح الاقتصادي والاجتماعي وتحسين مستوى معيشة المواطن ودخله ومحاربة الفقر والبطالة وتحسين نوعية الخدمات المقدمة ورفع سويتها كالتعليم والصحة وتحقيق الاعتماد على الذات والتنمية المستدامة ، وتعزيز الإنتاجية وتنافسية الاقتصاد الأردني ومنعته وزيادة نسبة النمو وغيرها من الاهداف . وهي الخطط التي لم نعد نسمع بها وكأنها ذهبت مع الحكومات التي اعدتها ، دونما اي مراعاة للمصلحة الوطنية التي وضعت من اجلها . عدا عن ان معظم هذه الخطط والاستراتيجيات جاءت بناءا على التوجيهات الملكية السامية في مناسبات عدة ، وكما عكستها كتب التكليف السامي وخطب العرش واللقاءات الملكية مع الفعاليات الوطنية المختلفة . مما يتطلب تحويل التوجيات الملكية الى برامج عمل ملزمة للجهات والاجهزة الحكومية والرسمية المعنية ، كما هو الحال بالنسبة للاوراق النقاشية التي تمثل خارطة طريق لتكريس الاصلاح السياسي من خلال ترسيخ النهج الديمقراطي وتفعيل المشاركة الشعبية في ادارة الشأن العام وصولا الى الحكومات البرلماتية ، التي تجسد الانتقال بالحالة السياسية الاردنية الى مرحلة متقدمة اساسها العمل المؤسسي البرامجي .
وكذلك الحال بالنسبة للمبادرات الملكية المتعلقة بالتعليم والتي وجهت الحكومات المتعاقبة الى ضرورة تطوير طرق واساليب التدريس وتحسينها من خلال توظيف تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والتعليم الالكتروني والتقنيات الالكترونية وعلم الحاسوب في الغرف الصفية والمختبرات والمناهج الدراسية كمبادرة التعليم الاردنية ٢٠٠٣ ، واللجنة الملكية الاستشارية للتعليم العام ٢٠٠٧ ، والاستراتيجية الوطنية لتنمية الموارد البشرية ٢٠١٦ ، التي لو امكن تطبيقها وتنفيذها وترجمتها على ارض الواقع ، لامكن لنا مواجهة تحدي التعليم الالكتروني والتعليم عن بعد الذي فرضته علينا جائحة كورونا دون سابق تجربة بكل سهولة ويسر ، بعيدا عن الثغرات والسلبيات والعيوب التي عانت منها العملية التعليمية ، من حيث عدم توفر الادوات المطلوبة لتفعيلها من هواتف ذكية واجهزة كمبيوتر وضعف شبكة الانترنت واحيانا عدم توفرها ، وعدم اهلية البعض لاستخدامها وعدم مراعاة الفوارق في القدرات التعليمية بين الطلبة وغياب عنصر التفاعل .
مع مراعاة تشكيل لجان متابعة ومراقبة للوقوف على مدى ترجمة برامج العمل للتوجيهات الملكية على ارض الواقع . وان كان يفترض ترك هذه المهمة الرقابية على هذه البرامج لمجلس النواب من خلال لجانه النيابية الدائمة ، وحسب اختصاص كل لجنة عبر توظيف ادواته الدستورية الرقابية لهذه الغاية ، للتأكد من مدى تطبيقها ومراعاتها للتوجيهات الملكية السامية وبما فيه تحقيق المصلحة الوطنية .