18-01-2021 08:45 AM
سرايا - يناقش كتاب «التنجيم وقراءة الأبراج في ميزان الإسلام والعِلم الحديث» لمؤلفه د.راجح
إبراهيم السباتين، عبر ثلاثة فصول، مسألة التّنجيم والقول بتأثير الكواكب والنُّجوم على
حياة الإنسان وسلوكه وطباعه الشخصية ومدى ارتباط ذلك بكونه سعيداً أو حزيناً وما
إلى ذلك من الأمور التي يعتقد المنجمون بارتباطها بالأبراج ارتباطاً وثيقاً.
ويستعرض الكتاب انتشار التنجيم وتطوُّره في بعض العصور التي مضت من تاريخ
الإسلام -كالعصرِ العباسيِّ – كما يستعرض واقعهُ اليوم في بلاد المسلمين متناولاً
بالتفصيل توظيفَ أصحابهِ لوسائل وأدوات الاتِّصال والإعلام المُعاصرِ لتحقيق أكبر قدر من
الانتشار.
ويقف المؤلِّف في استعراضه لتاريخ وواقع التنجيم في بلاد المسلمين عند كتب بعض
المسلمين قديماً وحديثاً من الذين مارسوا التنجيم ودعوا إلى تعلمه وسمَّوه علماً بالرغم
من أن الواقع العلميَّ يكذّب ذلك، كما يقف المؤلف كذلك عند كتب بعض العلماء
المسلمين الذين حاربوا التنجيمَ ووقفوا سَدَّاً منيعاً للحيلولة دون انتشاره وإفساده
لعَقيدة المُسلمين، وذلك من خلال ما خطّوهُ من الكتب والمؤلفاتِ التي فنَّدت التّنجيمَ
ونقدته ونقضته وأبطلت مفعولَ شبهاته وأباطيل أهله بالحجة والبرهان والدليلِ
الشَّرعي والعقليّ العلميّ.
وأشار السباتين إلى أن خطر المنجمين استشرى في عالمنا المعاصر، ويعود ذلك لإجادة
المنجمين توظيف وسائل الإعلام والاتصال الحديثة، مما سهل لهم الوصول -تقريباً- إلى
كل بيت فيه التلفاز و«الإنترنت»، بعد أن كان أَثر المنجمين لا يتجاوز حدود الفئة القليلة من
الناس التي كانت تأتي المنجمين والعرافين والكهان في بيوتهم أو أماكن عملهم، وقد
ساهمَ في انتشار خطر التنجيم وشيوعه تطوير المنجمين لأساليبهم وأدواتهم بما
يتماشى مع تطور حياة الناس وحداثتها. من هنا يرى السباتين صحة أَن يطلَق على
التَّنجيم وصف «الظاهرة» العامَّة؛ فهو شائع ومعروف لدى الكبار والصغار من خلال الإنترنت
والبرامج المتلفزة التي يتابعها كل منهم.
ولعل أبرز المحطات التي وقف عندها المؤلف كانت التعريف بالتَّنجيمُ وبالفروق بينه وبين
علم الفلك، وأبرز الوسائل والأساليب المعاصرة التي يتخذها المنجمون في سبيل الوصول
للناس والتأثير عليهم، والأدلة التي تثبت أن التَّنجيم ليس علما، والردود المقنعة التي
يستطيع المرء من خلالها بيان وكشف زيوف التَّنجيم، وأسباب ذهاب الناس إلى
المنجمين، وأسباب ميل الناس لتصديق المنجمين أحيانا، والأسباب التي تجعل المنجمين
يحزرون أحيانا.
وبين المؤلف أن الكتاب يهدف إلى تحقيق العديد من الاهداف كالتعريف بالتَّنجيم وأنواعه
وتطوره في بلاد المسلمين، وتبيين أخطار التنجيم المتمثلة في تخريب عقيدة
المسلمين وإيقاعهم في الشرك والاستخفاف بعقولهم والاحتيال عليهم بإيهامهم
بالقدرة على معرفة الغيب أو جزءٍ منه، والتعريف المفصَّل بالوسائل المعاصرة التي
يستخدمُها المنجمون في نشرِ التنجيم والتّرويجِ له، واستعراض أبرز الأساليب التي
يستخدمُها المنجَّمون في تعامُلِهم مع الناس وإيقاعهم في مصائدهم، والتعريف بأبرز
المُسلمين الذين مارسوا التنجيمَ وعرض وجهات نظرهم، والتَّعريف بأبرز العُلماء
المُسلمين الذين حارَبُوا التنجيمَ وتصدّوا له.
كما عرض السباتين الأدلة التي استند إليها المنجِّمون من المسلمين في الدفاع عن
التّنجيم لإثبات مشروعيته، ومناقشة أدلة المنجّمين -القدماء والمُعاصرين- وتفنيدُها
والرد عليها من ناحية الشرع ومن ناحية العقل والعلم المعاصر، وتوضيح الحكم الشرعي
في إتيان المنجّمين ومتابعَة البرامج التي تبثها القنوات الإعلامية المقروءة والمسموعة
والمرئية التي تدعم التنجيم وتروج له، وبيان الأهداف الحقيقية التي تحاول المحطات
الفضائية تحقيقها مِن وراء استضافتها للمنجمين المعاصرين وتخصيصها برامج ثابتة
لهم في دوراتها البرامجية.