19-01-2021 09:06 AM
سرايا - ولد في مثل هذا اليوم رئيس الوزراء الأسبق الشهيد وصفي التل، وهو نجل الشاعر الأردني الكبير مصطفى وهبي التل، و وصفي التل هو سياسي ودبلوماسي أردني من عشيرة التل؛ القاطنة في إربد، استلم رئاسة الوزراء ثلاث مرات في الأردن.
وشكَّل حكومته الأولى في 28 كانون الثاني / يناير 1962 خلفاً لحكومة بهجت التلهوني الذي قدم استقالة الحكومة في 27 كانون الثاني / يناير 1962، وقدمت الوزارة استقالتها بتاريخ 2 كانون الأول / ديسمبر 1962، ثم حكومتين الثانية في 14 فبراير / شباط 1965 والثالثة من 28 أكتوبر تشرين الأول 1970 حتى 28 تشرين الثاني / نوفمبر 1971.
تلقى تعليمه في السلط، ثم واصل تعليمه في الجامعة الأمريكية في بيروت عام 1941. ثم التحق بالجيش البريطاني في فترة الانتداب البريطاني على فلسطين بعد أن تدرب في أكاديمية عسكرية تديرها بريطانيا، وانضم إلى جيش التحرير العربي غير النظامي للقتال ضد إسرائيل خلال حرب 1948.
نال شعبية كبيرة جداً في الأردن وأصبح رجل دولة وشخصية رئيسة في الأردن وتقلد العديد من المناصب حتى تم اغتياله عام 1971 في القاهرة على أيدي أعضاء من منظمة أيلول الأسود. كانت ثالث شخصية سياسية أردنية بارزة اُغتِيلَت بين عامي 1951 و1971. كان أولهما الملك عبد الله الأول ورئيس الوزراء الأردني هزاع المجالي.
وصفي التل مع والده الشاعر مصطفى وهبي التل.
كان مكان وتاريخ ولادة وصفي التل محل جدل، الصحف والوثائق الرسمية أشارت أنه وُلِد في عام 1920 لكن هناك العديد من أشار إلى أنه مواليد 19 يناير 1919، وهناك احتمالان لمكان ولادته؛ فإما وُلِد في إربد أو حسب العديد من الأشخاص أنه وُلِد في بلدة عرب كير في معمورة العزيز، منطقة الأناضول الشرقية، وكانت البلدة حينها تتبع أراضي الأكراد شمال العراق. وُلِد وصفي لعائلة فلاحية إربدية، أبوه الشاعر مصطفى وهبي التل الملقب بعرار، واحد من فحول الشعر العربي المعاصر لقب بشاعر الأردن، مُنح وسام النهضة من درجة ضابط كبير (الدرجة الثالثة) من الديوان الملكي الأردني. والدته منيفة إبراهيم بابان وهي من أصول كردية عراقية، أخوان وصفي هم سعيد، ومعين، وطه، ومريود، وشاكر، وعبد الله، وصايل، ووصفية، وعليا. أنهى أبوه دراسته في مدرسة عنبر في دمشق والتحق بقطاع التعليم في العراق وهناك تعرف بأمه، وبعد ولادة وصفي التل عاد أبوه إلى الأردن ليدرس، وحينها قضى وصفي طفولته في شمال العراق مع أمه ليعود إلى مدينة والده إربد في عام 1924 وبقي حينها متنقلاً مع والده.
ينتمي وصفي التل إلى عشيرة التل التي تقطن شمال الأردن وخصوصاً في مدينة إربد، تعد عشيرة التل من الأشراف، فتعود العشيرة بجذورها إلى قبيلة الزيادنة، فهم بنو زيدان من بني زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب، قدموا من الحجاز ومنهم الأمير ظاهر العمر الزيداني الذي حكم عكا، وحوران، وطبرية وشمال الأردن منذ بداية القرن الثامن عشر وحتى عام 1775، وبعدها قاتلتهم الحكومة العثمانية وأمرت أحمد باشا الجزار بإبادة الزيادنة من بلاد الشام خوفاً من امتداد إمارة الزيادنة واستقلالها، فتفرقوا في البلاد وأخذوا يغيرون اسماءهم تخفياً من الجزار وجيشه الذي ارتكب أبشع المجازر في قتل الزيادنة وأعوانهم.
دراسته
درس وصفي في مدرسة السلط الثانوية وأنهى دراسته الثانوية في عام 1937، والتحق بعدها بكلية العلوم الطبيعية في الجامعة الأمريكية في بيروت مع رفاق دربه خليل السالم، وحمد الفرحان، وأبو رضوان الصمادي، والمحامي سلمان القضاة وهو عضو سابق في البرلمان الأردني، والقاضي محمود ضيف الله الهنانده. معظم أصدقائه كانوا من رجال الدولة المعروفين خلال الأربعة العقود الأخيرة من القرن العشرين وأثر في أفكاره السياسية بحركة القوميين العرب التي كانت على خلاف مع حركة القومية السورية.
الحياة الشخصية
تزوج وصفي من سعدية الجابري ذات الأصول الحلبية. كانت سعدية زوجة سابقة للزعيم الفلسطيني موسى العلمي في الأربعينيات. توفيت السيدة سعدية عام 1995 وكانت قد أوصت بتحويل بيتها إلى متحف. يُذكر أن وصفي التل لم ينجب أطفالاً.
الحياة المهنية
بعد نهاية الحرب العالمية الثانية استقر وصفي في القدس ليعمل في المكتب العربي في فلسطين الذي كان يديره موسى العلمي، التحق بعدها بوظيفة مأمور ضرائب في مأمورية ضريبة الدخل وموظفاً في مديرية التوجيه الوطني التي كانت مسؤولة عن الإعلام في 1955 حتى أصبح رئيساً عليها عام 1960. وأصبح مديراً لدائرة المطبوعات والنشر وفي عام 1957، وتسلم منصب رئيس التشريفات الملكية، وفي السنة التالية نُقِل إلى السفارة الأردنية في طهران وأصبح قائم بالأعمال في إيران. وفي عام 1959 أصبح مديراً للإذاعة الأردنية ثم سفيراً في العراق ثم رئيساً للوزراء عام 1962 كأول وزارة يشكلها وتوالى بعدها تشكيله للوزارات في الأعوام 1962 و65 و70.
حفل تخريج الفوج الأول للجامعة الأردنية في 29 كانون الثاني / يناير 1969، ويظهر في الصورة وصفي التل والملك الحسين بن طلال.
افتتح الجامعة الأردنية مع الملك الحسين بن طلال عام 1962 ودخل بعضوية مجلس أمناء الجامعة، ويُذكر أنه ألقى محاضرة في مدرج كلية الاقتصاد والتجارة في الجامعة 1 يونيو 1970. في عام 1967 تم تعيينه رئيساً للديوان الملكي الأردني. شكل آخر وزارة له في عام 1970 إلى أن قُتِل في 28 ديسمبر 1971 في القاهرة.
الحروب التي خاضها
الحرب العالمية الثانية وحرب 1948
بعد إنهاء الدراسة انضم وصفي إلى الجيش البريطاني وشارك في الحرب العالمية الثانية وشارك مع الثوار اليوغسلاف، وأصبح ضابطاً في الكلية الحربية البريطانية ووصل لرتبة رئيس فيها، لكنه سرح من الخدمة في نهاية المطاف بسبب ميوله إلى القومية العربية، وبعد عودته إلى الأردن تدرج في المناصب الادارية والعسكرية، فالتحق بجيش الجهاد المقدس والذي كان بقيادة فوزي القاوقجي، وحارب في فلسطين سنة 1948 وقاد فوج اليرموك في الحرب. تولى شؤون الحركات الحربية فيه، ثم قاد اللواء الرابع في الجليل.
حرب 1967
"لم أكن مرتاحاً على تطور الأمور على هذا الشكل؛ لأنني كنت أتوقع حدوث ما حدث، وما توانيت لحظة واحدة في تحذير أصحاب العلاقة، ولكنهم أصموا آذانهم عن سماعي. كان رأيي أننا غير مستعدين للحرب. وكنا قد قررنا تعزيز دفاعنا لحماية خطوط الهُدنة، وتفادي كل ما من شأنه إعطاء إسرائيل مبرراً لاستدراجنا قبل الأوان إلى نزاع مسلح. لقد كان بوسعنا أن نتفادى هذه الحرب التي سبقت أوانها."
مقابلة مع وصفي التل أجراها الصحفيان الفرنسيان فيك فانس وبيار لوير.
كان وصفي آنذاك رئيساً للديوان الملكي الهاشمي، وكان موقفه من حرب حزيران واضحاً ويتلخص على عدم الدخول في الحرب مهما كانت الأسباب ومهما كانت المبررات والدوافع، من وجهة نظره أن الظروف والمعطيات السياسية والعسكرية للدول العربية آنذاك كانت تؤكد بوقوع الهزيمة. وعلاوة على ذلك وبالنسبة للأردن الكارثة هي باحتلال الضفة الغربية والقدس العربية. كان غير موافق على توقيت الحرب مع إسرائيل وليس على مبدأ الحرب. وعلى امتداد اليوم السابق ليوم الحرب أي يوم الأحد 4 حزيران / يونيو، كان وصفي، ثائراً منفعلاً عصبي المزاج، وكان يردد باستمرار: أن الخطر الداهم يزحف نحو أمتنا العربية وأن الهزيمة قادمة وأن الكارثة مقبلة على الأردن، ولا سبيل لدفع كل ذلك عن الأردن إلا بعدم دخول الحرب. وكان يجيب على الاستفسارات التي توجه إليه بقوله: "إذا دخلنا الحرب، فإن الهزيمة والكارثة قادمتان لا محالة".
اغتياله
وصفي التل عند خروجه من اجتماع جامعة الدول العربية تاريخ 28 تشرين الثاني / نوفمبر 1971، قبل اغتياله بلحظات.
بعدما انتهت المصادمات العسكرية بين السلطات الأردنية ومنظمة التحرير الفلسطينية فيما عُرِفَت باسم أيلول الأسود. عُقِد في 28 نوفمبر / تشرين الثاني 1971 اجتماع لجامعة الدول العربية في القاهرة مع الوزراء والزعماء العرب، وكان وصفي التل من المدعوين لحضور الاجتماع. اغتيل وصفي التل يومها بعد انتهاء الاجتماع بعدة دقائق في القاهرة أمام ردهة شيراتون القاهرة، ذكر مدير دائرة المخابرات العامة في الأردن وقتها الفريق نذير رشيد بأنهُ حذر وصفي التل "بأن هناك مخططا لاغتياله، فقال له: "ما حدا بموت ناقص عمر والأعمار بيد الله". حدث الاغتيال في ردهة شيراتون القاهرة بينما كان وصفي التل داخلاً إلى الفندق، وعند وصولهِ الباب تقدم عزت رباح وأفرغ رصاصات مسدسهِ في جسد وصفي التل وسط ذهول حراسهِ والوزراء العرب الذين سارعوا بالاختباء، تمت العملية بنجاح بعد تخطيط جواد أبو عزيزة البغدادي، ومنذر خليفة، وزياد الحلو مع العقل المدبر لهم وهو فخري العمري. اعتقل الأمن المصري المنفذين وشرع في التحقيق معهم، واعلنت منظمة أيلول الأسود عن مسؤوليتها عن العملية، وتوجهت أنظار الأمن المصري إلى أبو يوسف النجار وهو الأمر الذي نفاه التحقيق وأعلنت صحف القاهرة وعلى رأس الصفحة الأولى أن المتهم الأول والعقل المدبر للعملية وقائد المجموعة هو المتهم الفار فخري العمري. ومنذ ذلك اليوم بقى فخري العمري مطلوباً للنظام القضائي الأردني حتى وفاته عام 1991.
الدفن
نقل جثمان وصفي التل إلى عمّان في يوم 28 نوفمبر. ودفن في المقبرة الملكية بعد الصلاة عليهِ صلاة الجنازة في المسجد الملكي في عمّان في يوم 29 نوفمبر.
بعد الوفاة
بعد وفاة وصفي التل أعلن الديوان الملكي الأردني الحداد لأربعين يوماً، وتم تعليق دوام المدارس لثلاثة أيام، وامتنع بعض الأساتذة الجامعيين عن إعطاء المحاضرات وقام بعض طلاب الجامعات ومنهم طلاب من الجامعة الأردنية بأعمال شغب ومنع الأساتذة الجامعيين من إعطاء المحاضرات. في كل عام يقوم طلاب الجامعات الأردنية بإحياء ذكرى اغتياله ويقومون بالهتاف له، حيث تم إنشاء تيار "الوصفيون الجدد" و"أبناء الحراثين" في الجامعات، وتقوم قائمة "النشامى" في كلاً من الجامعة الأردنية واليرموك والعلوم والتكنولوجيا في كل عام بإحياء ذكرى اغتياله في عدة كليات. وتم إنشاء غابة ومدرج في كلية العلوم، الجامعة الأردنية وعدة شوارع وميادين تكريماً له.
وصفي التل مع الشاعر حيدر محمود.
كتب له العديد من الشعراء الأردنيين رِثاءً له وغنى له عدة مطربين. كان أهمهم الشاعر حيدر محمود فكتب قصيدتان وهم "يا دار وصفي" و"ما زال دالية فينا".
يا دارَ وصفي التل أوشكُ أنْ أرى وصفي يَعود
فزيّني الساحاتِ وعرارُ بينَ يدي قصيدتِهِ على مُهرينِ
منْ وَجد وطُهر صلاة خذْ يا عرار فَمي
ويا وَصفي دَمي واسترجعِ الزّمنَ القَديم
وردت عدة كتب تناولت السيرة الذاتية لوصفي التل، كان أهمها كتاب وصفي التل في مجابهة الغزو الصهيوني من تأليف ناهض حتر، وردت منه طبعتين، طبعة عام 1997 وطبعة عام 2008. يُعتبر الكتاب السيرة الأكثر دقة لحياة وصفي بحكم أن مؤلف الكتاب ناهض حتر يعتبر أقوى الكتاب الأردنيين في العصر الحديث وأنه نقل من الكاتب جورج حداد كتابات وصفي التل التي كان يكتبها، تم اغتيال ناهض عام 2016.