21-01-2021 03:58 PM
سرايا - تمسك نادي بايرن ميونيخ بتقاليد قديمة، تقضي بأن يكون الرجال الذين يتحكمون في أمور كرة القدم والرؤساء التنفيذيين بالنادي من لاعبين سابقين ونجوم لهم باع في عالم اللُعبة
وكانت القلعة البافارية لسنوات طويلة توظف الكثير من الأفذاذ وخيرة المدربين سواءاً من ألمانيا أو أوروبا، في محاولة لمقارعة عمالقة الأندية الإسبانية بارسا وريال مدريد في العقد الثاني من القرن الواحد والعشرين واللذين توجا ببطولة دوري لأبطال 6 مرات من أصل 10 محاولات.
نجح بايرن ميونيخ في كسر هيمنة العملاقين الإسبانيين ولكن الثانية كانت الأقوى، والتي أظهر بها بايرن العين الحمراء لكل أوروبا.
حكاية غريبة في مدينة الطلاب بجنوب غرب ألمانيا
دأبت الفلسفة الألمانية منذ فترة طويلة على انفتاحها على المدارس الأخرى رغم الاعتزاز الكامن في أعماق البافاريين والألمان بعقليتهم ومدرستهم في الحياة، والتي ترى لها مثالاً على أرض الملعب.. وهذا أمراً ليس بغريب على أُمة أنجبت أكثر الفلاسفة تأثيراً على البشرية في آخر قرنين من الزمان.
وكان من الرائع أن تكون تلك الضربة الكبرى التي أتت بتتويج مستحق بقيادة رجل ألماني ثاني تلقى الخبرات والدروس وتابع كل الخفايا، كان من الرائع حقاً كذلك أن تكون القصة غير مألوفة لأي كاتب أو سيناريست أو فنان.
فالرجل الثاني -هاني فليك- والذي تواجد في المطبخ البافاري كرجل ثاني، بعد أن ظل لتسعة سنوات كرجل ثاني يساعد لوف في منتخب ألمانيا، متواجد دائماً في الصف الأول معه ولكنه خفي عن الأنظار ولا تدركه عدسات المصورين.
قدوم ذلك الرجل كبديل استثنائي للكرواتي كوفاتش في شبه منتصف الموسم الماضي، وقيادته للعملاق الألماني للتتويج بدروي الأبطال بعد ثمانية أهداف في مرمى برشلونة ثم التغلب على باريس في ستاديو دا لوز في لشبونة أشبه بقصص أفلام التشويق والمغامرات، إنها فعلاً تنتمي لتلك الفئة.. فبدلاً من أن تبحث عن تلك الفئة من الأفلام لقضاء السهرة عليها، لا..لديك بايرن ميونيخ 2019 /2020.
وعلى سبيل الاستعارة فإن رفع كأس دوري الأبطال كان مجرد ختام لعرض طويل من استعراض القوة مع ذهول كل المتابعين للكرة في أوروبا، إنه كما انتظار جابرييل جارسيا ماركيز صاحب الواقعية السحرية “لكنها لم تكن مائة عام من العزلة -أشهر روايات الأديب الكولومبي”، بل كانت 14 عاماً من الاختفاء.. فبعد نهاية دوره كرجل مساعد في منتخب المانشافت ابتعد لـ 5 سنوات عن الساحة وعن دوره كرجل فني داخل البساط الأخضر.
الاختفاء ثم إذهال الناس .. نموذج فليك الفني
فاختفاء ابن مدينة هايدلبرج الواقعة في جنوب غرب ألمانيا، و المعروفة بكثرة الجامعيين بها كرجل ثاني، متقن ودارس تماماً لعمله، ثم ظهوره على المسرح ليقوم بدور البطل الحقيقي كان فصلاً مختلفاً من فصول التشويق المنتظر لكل الناس الذي يدأبون على متابعة تلك المسابقة.. الاختفاء ثم إذهال الجمهور، هذه هي بالضبط الواقعية السحرية بكل معاني البساطة في العالم.
كما أظهر فريق بايرن تجسيداً لكرة القدم المرنة والفعالة والتي بها خليط من المدرستين الإسبانية والألمانية -الأولى في كيفية تدوير الكرة والاحتفاظ بالنسق العالي- والثانية عبر التفاني والجهد البدني، لقد كانت واقعية ألمانية لكن مُضاف إليها اللمسات الإسبانية الرشيقة.
ثم أن المانيا فتحت الباب عبر ممثلها الرئيسي والأصيل في كل المحافل الكروية ، وهو بايرن ميونيخ الباب للاجتهاد والابتكار، فأصبحت الأندية تدرس تلك التجربة وتحاول تكرارها اقتناعاً منها أن صناعة البطل قد تأتي عبر الرجل الذي لا يتوقعه أحد فرأينا في إيطاليا مدربين ينالون صفة التدريب لأكبر الاندية دون أن تكون لهم أي تجربة سابقة.
ولكن تظل النسخة الرئيسية هي الأكثر إلهاماً للتاريخ وللفن الرياضي.. بل ربما في كل مجال، ستجد أن الأصل من الصعب تكراره، ولا يمكن ضمان التقليد، كما هو الحال مع جوارديولا برشلونة الذي حاول الكثير استنساخه-حتى بايرن نفسه-.
كما جابرييل جارسيا ماركيز .. 8 أهداف في برشلونة
وبالعودة لجابرييل جارسيا ماركيز وواقعيته السحرية، فما يعيبه القراء على ماركيز أن شخصيته الروائية كثيرة ومتعددة ، بحيث أنك يُمكن أن تتيه وأنت تقرأ له..وأعتقد أن هذا هو نفس ما حدث للبارسا في تلك الليلة المشئومة لأبناء الكتلان.
يُمكن أن تشعر بعالمية هذا الإنجاز وهو التتويج بلقب دوري أبطال أوروبا مع الاستمرار في الهيمنة على الكرة المحلية مع تقديم كرة أقرب للكمال، يمكن أن تراه في تفاعل المجتمع الرياضي معه على أنه مثال واضح على أن كل الاحتمالات تبقى مفتوحة وأن للإنجاز طرق مختلفة غير تقليدية.
لكن الأساس المتين الذي بنى عليه بطل قصتنا غير المتوقع أعجوبته، يأتي من صناعة كرة القدم الألمانية القوية والتي تعرف كيف تُشرك الأجانب في صناعتها سواءاً كلاعبين أو مدربين ولكن مع الحفاظ على الصورة الأصلية للهوية،لقد كان من الرائع حقاً قراءة قصة فليك بايرن والذي يأمل بتتويج مساعيه بكأس العالم للأندية، كان من العظيم حقاً يا سادتي.
لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "فيسبوك" : إضغط هنا
لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "تيك توك" : إضغط هنا
لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "يوتيوب" : إضغط هنا
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
21-01-2021 03:58 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |