25-01-2021 05:30 PM
بقلم : المهندس سليمان عبيدات
يعتبر مبدأ الفصل بين السلطات أحد أهم المبادىء الأساسية التي تُرتكز عليها النظم الديمقراطية في العالم، وهو مبدأ رئيسي للديمقراطية وجوهرها، تماما على نحو يماثل في ذات الأهمية مبدأ سيادة الأمة والشعب .
وأهمية هذا المبدأ يؤدي الى احترام السلطات فيما بينها والمهام والادوار التي تقوم بها، ويحد من المخالفات والتغول والأستيلاء على كامل السلطة بيد جهة واحدة .
جوهر ومهمة مجلس النواب التشريع والرقابة، ومهمة الحكومة القيام بالدور التنفيذي فهي صاحبة الولاية العامة، وفي المحصلة يكمل كل منهما الآخر في رسم وتنفيذ والرقابة على السياسات العامة خدمة لمصلحة الوطن والمواطن التي تمثل الهدف الأسمى .
المتتبع للعلاقة بين الحكومات ومجالس النواب، يلاحظ ان العلاقة تختلف باختلاف الظروف والمتغيرات المحلية والاقليمية وحتى الدولية، فتارة يسودها التعاون والتفاعل، وتارة يسودها التباين في وجهات النظر وبعض المواقف.
فعند الحديث عن النصوص الدستورية يتبادر للذهن المقارنة بما هو موجود على ارض الواقع من ادوار، والذي قد يقترب او يبتعد احياناً عن النصوص الدستورية للعلاقة بين السلطات.
بالامس القريب شهدنا جلسة رقابية لمجلس النواب عُقدت بعد ماراثون من جلسات الثقة، وتحويل قانون الموازنة العامة للجنته المالية مباشرتا، وهذا يُسجل للمكتب الدائم للمجلس تجاوبه مع رغبة اعضاءه في انعقاد الجلسات الرقابية وهي من اساسيات وصلب عمل المجلس، ويُشجع الاعضاء على ممارسة دورهم الرقابي الى جانب الدور التشريعي.
شدتني الجلسة كثيرا، حيث كانت مثالية في الأداء والاسلوب والالتزام بمواعيد الرد على اسئلة النواب من قبل الحكومة وبكل اهتمام ما عدا الطاقة وذراعها النووي، فقد أخذ النائب كامل وقته لتوضيح وجهة نظره من رد الحكومة على سؤاله بكل احترام، ويأخذ الوزير وقته في التوضيح .
شاهدنا ظاهرة ايجابية من رئيس المجلس بقبول فكرة تخصيص جلسة رقابية بعد كل جلستين تشريعيتين وهذا بصدق لم يحصل ولم تُسنح لهم هذا الكم من الجلسلت في المجالس السابقة .
بالمحصلة نجد ان هناك علاقة طيبة بين الحكومة والنواب ونتمنى أن تستمر ويستمر التعاون لمصلحة الوطن والمواطن، والاستمرار باحترام دور كل منهما للآخر، فالحكومة تحترم الدور الرقابي لمجلس النواب من خلال ردها المباشر والواضح دون مراوغة وخلال المدة المحددة للرد، واتباع الاسلوب البناء في النقاش للوصول الى الهدف المرجو.
شاهد الجميع في هذه الجلسة ان هناك مُنغصات لمسيرة الحكومة من تركة ثقيلة وخاصة عقود الطاقة والطاقة النووية، الا أن جدية الرئيس ودبلوماسيته وقدراته القانونية تُؤهله ليُحسن الإدارة والى جانبه بعض الوزراء المخضرمين تم اختيارهم في طاقم الحكومة بذكاء للتعامل مع النواب، فأسسوا تأسيسا جيدا لهذه العلاقة الدافئة، وكان رد نائب رئيس الوزراء توفيق كريشان باسلوبة وحسه الوطني وخبرته في نهاية الجلسة الرقابية خير مثال.
في النهاية الدستور الأردني هو المحدد والناظم الأهم لهذه العلاقة، حيث تُفصل مواده دور كل من مجلس النواب والحكومة في التشريع والرقابة والتنفيذ، كما تبين حدود العلاقة وعملية التفاعل المؤسسي بينهما، مثلما انها تؤصل لدور مجلس الأعيان الذي يشكل الغرفة الثانية لمجلس الأمة.