28-01-2021 08:45 AM
سرايا - خلّفت تصريحات نواب حول رواتب مرتفعة يتقاضاها بعض المسؤولين والموظفين الكبار في هيئات حكومية ضجّة كبيرة في الأردن، لاسيما في ظل وضع اقتصادي صعب تعانيه المملكة أدى إلى انهيار القدرة الشرائية للمواطنين وأحال الآلاف منهم إلى البطالة.
وسلّط حديث النواب خلال جلسة رقابية مؤخرا الضوء على عدد من الهيئات الحكومية التي تبتلع الآلاف من الملايين دون أن يكون لها أي مردودية حقيقية، على غرار المشروع النووي الذي كان قد تم الترويج له لسنوات وأنفقت عليه أموالٌ طائلة بداعي تنويع مصادر الطاقة.
وكان النائب محمد الفايز أول من أثار القضية حين وجّه سؤالا لرئيس الهيئة خالد طوقان عن الرواتب والامتيازات الممنوحة له ولأعضاء الهيئة الوطنية للطاقة الذرية، إلا أن تحفّظ الأخير عن الرد أدى إلى تصعيد الموقف، وسط تسريبات على مواقع التواصل الاجتماعي لرواتب تتضمن أرقاما خيالية.
واضطر طوقان على ضوء ذلك إلى الخروج عبر إحدى القنوات المحلية وتوضيح أن راتبه لا يتعدى خمسة آلاف دينار (7 آلاف دولار) بما يشمل العلاوات والامتيازات.
وقال طوقان إن مفوضي الهيئة هم من حملة شهادة الدكتوراه من أرقى الجامعات الأميركية وبالتالي حصولهم على رواتب مرتفعة نسبيا أمر طبيعي، معتبرا أن إجمالي رواتب المفوضين الخمسة لا يتجاوز 19 ألف دينار شهريا (27 ألف دولار).
وبدل أن تعيد توضيحات طوقان تهدئة الأجواء ساهمت في المزيد من تأزيمها لاسيما وأن نوابا اعتبروا أنه كان من المفروض أن يجيب المجلس بدلا من تجاهله والذهاب إلى وسائل الإعلام.
وأوضح الفايز الذي كان من أثار الموضوع أن “لا شيء إيجابيا في موضوع هيئة الطاقة الذرية من بدايته وحتى نهايته إنما هدر للأموال وضياعها، وهنا لا تعنيني الرواتب بقدر ما يعنيني شيء آخر”، لافتا إلى أن 150 مليون دينار صرفت بلا جدوى، حيث بلغت تكلفة سفريات وعطاءات لوحدها 12 مليون دينار.
وامتد الحديث عن الرواتب من أعضاء هيئة الطاقة الذرية إلى هيئات وشركات أخرى على غرار شركة مصفاة بترول الأردنية. وكشف المستشار الحكومي السابق محمد الرواشدة، عن حصول الرئيس التنفيذي للشركة، على راتب قدره 27 ألف دينار في الشهر، فيما يتقاضى مساعده 23 ألف دينار.
وكشف عن مبالغ طائلة تتراوح بين 8 و10 آلاف دينار تصرف للمستشارين في الشركة، مشيرا إلى أن هذه المعلومات مدرجة في التقرير السنوي والبيانات المالية للشركة.
وقال النائب صالح العرموطي في تصريحات صحافية “إن صحّ الحديث عن أن راتب الرئيس التنفيذي لمصفاة البترول التي خسرت ما يقارب الـ31 مليون دينار هو 27 ألف دينار شهريا، فهذا أمر غير مستغرب وما خفي أعظم”.
وتساءل العرموطي “كيف لحكومة أن تساهم في شركات مثل المصفاة وغيرها ولا تؤدي دورها، خاصة أن الأوضاع الاقتصادية الحالية تحتم علينا أن نضع سقفا لهذه الرواتب، وهذا بيد الحكومة في المستوى الأول والأخير.”
وأشار إلى أنه لم يستغرب من رقم كـ27 ألف دينار شهريا لأن الشركات التي تساهم فيها الحكومة ولها نصيب الأسد فيها، أرقامها مقاربة لهذا الرقم، والمدراء والرؤساء فيها تصل رواتبهم إلى 20 ألف دينار دون الحوافز والمكافآت.
ويرى مراقبون أن إثارة موضوع رواتب الموظفين في شركات وهيئات مثل الطاقة الذرية، رغم وجاهته، إلا أن السؤال الأهم يتعلق بماذا قدمت مثل هذه الهيئات للمواطن الأردني الذي من يتحمّل كلفة إنشائها؟
وتم إنشاء هيئة الطاقة الذرية الأردنية مطلع العام 2008، بهدف نقل وتطوير وتعزيز الاستخدامات السلمية للطاقة النووية. وتركز الهيئة أعمالها على استغلال واستثمار الثروات النووية الطبيعية الموجودة في الأردن وعلى رأسها اليورانيوم. وإنشاء محطة الطاقة النووية لإنتاج الكهرباء وتحلية المياه.
ويعتقد أردنيون أن هذه الهيئة لم تقدّم أي إنجاز ملموس على الأرض باستثناء أنها تبتلع الملايين شهريا، في وقت كان من الممكن توجيه تلك الأموال نحو مشاريع يستفيد منها المواطنون، على غرار مشروع العطارات، الذي أثير أيضا خلال الجلسة الرقابية التي عقدت مؤخرا.
ومشروع العطارات يهدف إلى استخراج الغاز الصخري والاستفادة منه، حيث أن الأردن هو رابع دولة على مستوى العالم من حيث حجم الاحتياطي الذي تملكه من هذه المادة، وهذا المشروع معلق في ظل وجود عوائق بيروقراطية وقانونية تحول دون تنفيذه.
ويعتبر الأردنيون العطارات مشروعا طموحا، حيث أن من شأنه إنْ نفذ أن ينهي الأزمة الطاقية في المملكة.
ويقول متابعون من الواضح أن هناك خللا في تعاطي الحكومات المتعاقبة مع مسألة الطاقة، في وقت يجد فيه الأردن نفسه مضطرا إلى استيراد معظم احتياجاته من الطاقة.
"العرب"