30-01-2021 10:53 AM
سرايا - خاص - جاء قرار وزارة التربية والتعليم بالعودة إلى المدارس بناء على التوجيه الملكي السامي بفتح المدارس والقطاعات تدريجيًّا وبصورة مدروسة، مع ضرورة مواصلة الالتزام بإجراءات السلامة العامة، للحفاظ على التحسن في الوضع الوبائي بحيث تكون عودة الطلبة بإجراءات تنفيذية ضمن مجموعة من المعايير التي تحدد ذلك، وأهمها المعيار الصحي الذي هو الأولوية القصوى، وعليه اتخذت وزارة التربية والتعليم خطوات جادة ومهمة للعودة إلى المدارس بعد خطوات تقييم عام وشامل للمرحلة السابقة بطريقة علمية مدروسة، وإعداد الخطط والتصورات ضمن سيناريو فاعل أعد لهذه الغاية، بدءًا من السابع من شباط القادم، مع الأخذ بالاعتبار التوازن بين السلامة وعودة الدراسة، بالإضافة إلى ضرورة تطبيق إستراتيجية صحية متكاملة تضمن تنفيذ إجراءات تتعلق بحماية الطلبة والمعلمين والإداريين كي تنجح المدارس في ضبط الوضع الصحي وضمان سلامة الجميع.
وستكون عودة الطلبة إلى المدارس على ثلاث مراحل يحكمها مجموعة من الأطر الناظمة وجملة من الإجراءات الصحية والاشتراطات والبروتوكولات والتقييمات اليومية على مستوى المدرسة الواحدة إضافة إلى الحصيلة التقييمية في نهاية كل مرحلة والتي تؤشر إلى مدى الالتزام العام بمعيارين أساسيين هما الحالة الوبائية العامة ومدى الالتزام بتطبيق الإجراءات والاشتراطات ضمن البرتوكول الصحي الذي يحدد كل العمليات المدرسية التي تم تنظيمها على مستوى المدرسة ، لاتخاذ القرار من قبل اللجنة العليا لتحديد استمرارية عودة مزيد من الصفوف الدراسية والانتقال إلى المرحلة التالية ، وذلك يعني أن العودة إلى المدارس ستكون محفوفة بالحذر لأن قطاع التعليم قطاع واسع ولا نريد "لا قدر الله" حدوث انتكاسة في الوضع الوبائي العام، لذلك فإن الأطر الناظمة المهمة هي العودة بالتناوب وفقًا للكثافة الصفية (أعداد الطلبة والمساحة الصفية) وبما تَضمّنه البرتوكول بهذا الخصوص، والاتجاه فعليًّا إلى الدمج بين التعلم عن بُعد والتعليم الوجاهي، بمعنى أن التعليم سيتجه نحو التعليم المتمازج مع التركيز على المواد الأساسية، وسيكون ذلك بمثابة حل لحين تقييم نتائجه واتخاذ القرارات في ضوء المعطيات والأرقام، حيث تجري وزارة التربية والتعليم تقييمًا دوريًّا لكفاياتها التعليمة، لبحث التصورات والخطط التي سيتم بها استكمال العام الدراسي، ومع مباشرة الموسم الدراسي للفصل الثاني سيتم تطبيق اختبارات تشخيصية للكفايات وتدريس النتاجات الحرجة لمادة الفصل الدراسي السابق مع عودة التدريس الوجاهي خلاله، إضافة إلى تطبيق برنامج علاجي بعد انتهاء ساعات الدوام لمن يرغب من الطلبة الذين لم ينخرطوا في برنامج التعلم عن بعد لتعويض الفاقد التعليمي لديهم.
إن تجربة التعليم عن بعد التي مرت بها وزارة التربية والتعليم تجربة استثنائية تطلبت تطوير أساليب العمل للاستفادة منها في دعم التعليم، وكانت التجربة فرصة للمراجعة وللعمل على إستراتيجية طويلة الأمد للاستفادة من كل الإمكانات والطاقات المتوافرة، وبالشراكة مع وزارة الاقتصاد الرقمي والريادة، والشركاء من مختلف القطاعات للوصول إلى نموذج تعليمي متفرد في جاهزية المحتوى التعليمي الإلكتروني، وذلك باتباع عدة إجراءات عملية تساعد على إنجاح هذه التجربة ولعل أولها العمل على تدريب المعلمين والطواقم الفنية وضباط الارتباط تدريبًا واسعًا وشاملاً وفاعلا للمساندة عن طريق إدارة التدريب والإشراف التربوي، وعدد من الأهالي والطلبة ، اضافة لتقييم جميع مراحل العمل من وضع الإستراتيجية إلى رفع مستوى القدرات الفنية وانتهاء بتحقيق النتائج وتقييمها ، حيث إن تجربة وزارة التربية والتعليم في "التعليم عن بعد" اعتمدت بالضرورة على أمور فنية متعددة ، وحشد الجهود الكبيرة في وقت قصير، وصولًا للمستوى المطلوب، باتباع الأساليب التعليمية والتربوية المعيارية للمحتويات الإلكترونية المتطورة لضمان جودتها وقدرتها التفاعلية وكفاءتها وفاعليتها ،والعمل على تقييم الطلبة عن بعد بمعايير تقييمية مناسبة وبضمان الجودة، عن طريق نماذج إلكترونية عبر المنصة التعليمية ووفق التقيميات الدورية المعتمدة وحسب التقويم السنوي المعلن عنه رسميا من قبل إدارة الامتحانات والاختبارات.
وقد سبق وقامت وزارة التربية والتعليم باعداد تقييم على شكل دراسة توثيقية وتقويمية شاملة "للتعليم عن بعد" مطلع كانون الأول الماضي من العام 2020م باستخدام ثلاث أدوات تقييم من وجهة نظر المعلم ومدير المدرسة والمشرف التربوي، وكذلك أداة أولياء الأمور وأداة الطالب، واشتملت على حصر جميع التحديات التي واجهت العملية التعليمية عن بعد وكيفية التعامل معها، وفرص التطوير المستقبلية، والأدوات اللازمة لإنجاحها ومقارنتها بالتجارب الأخرى، حيث تم استطلاع آراء المستفيدين، وقياس الآثار المتعلقة بالكفاءة والفاعلية، ومستوى الرضا وحصر الناتج عن تطبيق التعليم عن بعد، إضافة لتقديم تصورات لمستقبل التعليم عن بعد على المستوى الوطني، ودراسة مدى جدوى التعليم عن بعد، والذي يأتي استكمالا للجهود التي بذلتها مؤسسات التعليم خلال جائحة كورونا، وعلى رأسها وزارة التربية والتعليم، وقد قامت هذه الدراسة على تقييم التجربة وفق منهجيات علمية ومهنية وتربوية ، بما يحقق الأهداف الإستراتيجية للوزارة في المرحلة المقبلة وزيادة وتوسيع مجالات وتطبيقات هذا النمط من التعليم، والعمل على تطويرها مستقبلا، بالاعتماد على معايير وآليات عمل خاصة بالتقييم في متابعة أداء المدارس، والتأكد من مدى فعالية تطبيقها لخطط التعلم، واشتملت المعايير على ثلاثة محاور رئيسة وهي التركز على عمليات التعليم والتعلم ، والتنشئة الإيجابية للطلبة إضافة لدور المدرسة وإدارتها في إدارة عمليات التعلم عن بعد ومصادرها وضمان حصول الطلبة على فرص تعليمية مفيدة ومناسبة حيث تم ذلك بالتنسيق مع جميع مديرات التربية، وباستخدام المنصات الإلكترونية المتاحة، حيث تم تصنيف المدارس وفق هذا التقييم حسب فاعلية تطبيقها لمنظومة التعلم عن بعد، ومدى استفادة الطلبة، وجاهزية المعلمين، وآراء أولياء الأمور.
وقد أطلقت وزارة التربية منصة ذكية لاستدامة التعليم والتواصل لكافة شرائح المجتمع التعليمي، فقد عملت وزارة التربية والتعليم بالاستعانة بخبرائها وشركائها ومخزونها الرقمي في تطبيق تجربة «التعلم عن بُعد» لضمان استمرارية التعليم لكافة الطلبة، وتوفير سبل ووسائل عززت البنية التحتية وخلقت فرصًا للتعلم عن بُعد باستخدام التكنولوجيا الحديثة والحلول التعليمية، ما منحها القدرة للوصول إلى أكبر عدد ممكن من طلبتها بالارتقاء إلى أفضل معايير الجودة الشاملة وصولًا لمخرجات تلبي حاجات أبنائنا الطلبة لتكون بصورة قابلة فعليًّا لاستمرارها، بحيث توازي التعليم التقليدي مستقبلاً، وهو ما يعكس الاستعدادات وجاهزية المنظومة التعليمية للتطوير المستمر، فقد تم الأخذ بالحسبان المرتكزات الأساسية للتعلم عن بُعد منذ إطلاق هذه المنصة، حيث خصصت وزارة التربية والتعليم فريقاً متكاملاً لتيسير كل احتياجات تجربة «التعلم عن بُعد»، من إدارة الاشراف والتدريب التربوي، وأولتها كامل المسؤولية في إخراج المحتوى الإلكتروني إضافة للتأكد من جاهزية الأنظمة والتقنيات، لتوظيفها والاستفادة منها في أثناء تطبيق تجربة «التعلم عن بُعد» ولا سيما في العمل على تطوير وتحديث المنصة التعليمية للانتقال إلى مرحلة جديدة متطورة عبر منظومة "منصة درسك٣" التي سيبدأ العمل بها مطلع الفصل الدراسي الثاني من العام الدراسي الحالي، وهي تمر الآن بمراحل متطورة في الاستخدام الأمثل للتكنولوجيا في التعليم، وذلك بتوفير أدوات داعمة للمعلمين والطلبة، بتعزيز إيجاد محتوى علمي مرن سيطبق عبر الآليات التقنية الجديدة يعتمد على التعلم القائم على المفاهيم، إضافة لإدراج مختبرات افتراضية لمواد العلوم حتى يستطيع الطلبة استيعاب ما يشرح لهم وبشكل يعزز من عملية «التعلم عن بُعد»، كما تم زيادة مراحل ضبط المحتوى التعليمي المقدم بحيث تتم زيادة تفاعل الطلبة وتشويقهم للمتابعة المستمرة وكسر الجمود باستخدام الفيديوهات الثنائية والثلاثية الأبعاد بما يهدف إلى إكساب الطلبة المهارات الرقمية، وتعزيز التعلم النوعي لديهم، ومن أجل تسهيل العملية التعليمية وتزويد جميع المشاركين فيها سواء معلمين أو طلاب أو مسؤولين عن النظام بالإمكانيات اللازمة، وصقل مهارات الطلبة والارتقاء بهم، وتطوير مستوياتهم عن طريق تقييمهم بشكل مستمر لترسيخ مفاهيم ومهارات المواد الدراسية في تطور لم تشهده باستخدام الذكاء الاصطناعي، كخطوة تتطلع من خلالها إلى جعل التعليم أكثر فاعلية.
وفي ضوء توجه الوزارة لمراجعة سياساتها وبهدف تقييم تجربة التعليم عن بعد وتحديد نقاط القوة وتعزيزها وتحديد الجوانب التي يلزمها التحسين من أجل تطويرها لتكون داعمة للتعليم ومعززة لإستراتيجيات التعليم المتنوعة سيقام ملتقى تربوي حول (تجربة التعليم عن بعد الواقع والمأمول) عن طريق عقد جلسات نقاشية بين مختلف الأطراف القائمة على العملية التعليمية التعلمية، وذلك مطلع آذار القادم، حيث تم الإعلان
عنه رسميًّا على موقع الوزارات وصفحاتها وعبر مواقع التواصل الاجتماعي.
اما فيما يتعلق بالتقييم الإلكتروني للطلبة للمرحلة الأساسية الدنيا فالتقويم في هذه المرحلة لا يهدف بشكل رئيس إلى تقييم مستوى التعلم، بل لغايات التعلم وتحسينه وتعميقه، ورصد الفجوات في تعلم الطلبة وبما يساعد الوزارة على صياغة جانب من خطتها للتعامل مع تجربة التعليم عن بعد عن طريق برامج استدراكية وتعليم علاجي، وتحديد فئات الطلبة الذين لم تتوافر لهم خدمات التعليم عن بعد، وصولًا إلى تنظيم برامج وآليات لضمان تعلمهم، حيث تولي الوزارة في هذه المرحلة، اهتمامًا خاصًّا لاكتمال عناصر التعليم عن بعد وليس التوقف عند العلامات وظروف وشروط إجراء الامتحان، ومدى نزاهة هذه الاختبارات بحيث يكون التقييم داعمًا لعملية التعليم عن بعد، ويمكن الطالب من تقييم ذاته وتعلمه، وتوفير بيانات للوزارة عن مستويات تعلم الطلبة لتعديل خطتها ووسائلها في الوصول إلى جميع الطلبة، وقامت الوزارة بإجراء تقييم خاص بالطلبة الذين لم يتمكنوا من أداء هذه الاختبارات بسبب عدم توافر الوسائل الفنية والتقنية اللازمة ، اما طلاب المراحل الدراسية الأخرى فقد تم اعتماد الاختبارات الإلكترونية ورصد نتيجتها للطلبة على منظومة OpenEMIS وبشكل يحقق العدالة كما وطلبت وزارة التربية والتعليم من المعلمين القيام بإجراء التقييم لطلبتهم ممن لم يتمكنوا من الدخول للمنصة ورصد علاماتهم، حيث تم اعتماد هذه التقييمات ونتائجها، في الوقت الذي أتاحت فيه للمعلم إجراء تقييمات أخرى للطلبة بناء على مشاركة الطلبة وتفاعلهم عبر منظومة التعليم عن بعد.
ان نسب الدخول على منصة التعليم الالكتروني كانت نسب جيدا جدا بالرجوع الى إدارة مركز الملكة رانيا لتكنولوجيا المعلومات "الجهة المكلفة بمتابعة ذلك" بالرغم من عدم الإعلان رسميا عن الاعداد الحقيقية حيث ان اللجان المكلفة لم تنته بعد من رصد أعداد الطلبة ولم تعلن لغاية الآن أية أرقام تبين نسب الطلبة الذين تواصلوا عبر منصة درسك للعام الدراسي الحالي كما لم يصدر تقرير يبين عدد الطلبة الذين لم يتقدموا للاختبارات النهائية حيث سيتم الإعلان عنها حال إعدادها وتجهيزها.
لقد عملت وزارة التربية والتعليم على تعزيز دور أولياء الأمور في مرحلة التعليم عن بعد وقدرت ما أظهروه من دعم وتشجيع لأبنائهم للتفاعل مع منظومة التعليم عن بعد، فقد دعتهم باستمرار وعبر مختلف الوسائل لتنظيم أوقات استخدام دخول أبنائهم لمنصة درسك لإجراء الاختبار التقييمي وتنظيم أوقاتهم حسب الأجهزة المتوافرة، وترى وزارة التربية والتعليم أن أولياء الأمور والطلبة والمعلمين وكل المُتداخلين في العملية التعليمية يتصفون بالوعي الفردي والجماعي والتّجاوب الإيجابي مع التّوصيات التي من شأنها إنجاح كل الإجراءات والتغلب على مجمل التحديات، المتعلقة بأمن الامتحانات المدرسية "عن بعد" ، مع ضرورة أن يكون الأبوان جزءاً من العملية التعليمية، ويتحملان مسؤوليتهما عن تعليم أبنائهم.
لقد سعت وزارة التربية والتعليم لنسج طرائق فعالة للتواصل مع الطلبة، والإجابة عن استفساراتهم ، والرد على تساؤلاتهم، ما يزيد من قوة العلاقة بين الطالب والمعلم، فمن الأهمية بمكان وضع الضوابط الكفيلة بإنجاح عملية التقويم بصيغته الحالية، وتذكير الطلبة على الدوام بالأمانة الأكاديمية، والبدء بإعطاء الامتحان عبر المنصة لجميع الطلبة في نفس الوقت، وهذا ما ستوفرة تقنيا منصة درسك 3
إن محددات العودة للمدارس تعتمد وزارة التربية والتعليم في مسألة العودة للتعليم الوجاهي في الجزء الأكبر من المسؤولية على المدارس وإداراتها، كما وتقع على وزارة التربية والتعليم مسؤولية مراقبة آلية العودة وتطبيق الإجراءات من خلال مديريات التربية، لذلك فالعامل الأساس الذي سيلعب دوراً في نجاح الانضباط أن تلتزم إدارات المدارس بالبرتوكول عن طريق توفير بيئة صفية صحية أولا ، وهذه الإجراءات بالتأكيد ستقلل خطر العدوى في المدارس، وهذا سيؤدي إلى نجاح خطة وزارة التربية والتعليم، وعليه يمكن للمدرسة أن تكون نموذجاً جيداً في حال الالتزام والتقيد بإلاجراءات الوقائية.
إن مسؤولية العودة للمدارس مسؤولية تبقى مجتمعية مشتركة، كما أن كل الحلول سيكون لها كلفة باهظة وجهد استثنائي نتيجة التجاذبات الحاصلة جراء الوضع الوبائي، ولكن علينا أن نضع صحة أبنائنا الطلبة في أولوياتنا، وعلينا تحسين القدرة على مشاركة المجتمع وأولياء أمورهم بمختلف جوانب المسؤولية وتوثيق علاقة الطالب بالمدرسة التي هي مأمنه، لذلك فقد تم إصدار توجيهات إلى الهيئات التدريسية لاستقبال الطلبة بكل الحب والمودة و تظهر لهم مدى شوقها لرؤيتهم وهم على مقاعد الدرس بالاستمرار في رعايتهم النفسية والجسدية والفكرية .