29-02-2008 04:00 PM
يبدو أن الحكومة متعاطفة معنا إلى حد البكاء ، ولذلك قررت أن لا تجمع علينا عسران ؛ عسر الهضم وعسر التنفس ، ولذا تريدنا أن نتحول عن استخدام البنزين العادي ونستخدم بدلا منه الخالي من الرصاص، ومن هنا فعلى المواطن أن يتهيأ للاستمتاع بجو نقي نظيف، لأننا منذ اليوم لن نتنفس الرصاص بل سنستنشق البنزين النقي ، الخالي من السموم والشوائب حتى إننا يمكن أن نستخدمه للشرب في حال ارتفاع أسعار المياه وشح مواردها، ولن يكون هناك دخان سيارات ولا عوادم سوداء تعكر صفونا ومزاجنا. ولكل ذلك فمن حق الحكومة علينا أن يخرج المواطنون في مسيرات تأييد وهتاف باسم الحكومة الرشيدة الراشدة لأنها قد شعرت بنا بعد عناء دام عشرات السنوات، كنا خلالها نعاني من الرصاص المتطاير في الهواء الذي كان يسبب لنا الأمراض حتى زادت بسببه نسبة وفيات السرطان فكان الناس يموتون ولا يعرفون السبب لأنهم وكم يقول المثل " مات برصاصة طائشة" فهذا هو الرصاص الطائش إنه الرصاص المتطاير في الهواء ! . وهذه الالتفاتة الكريمة من الحكومة تستحق الشكر والثناء ، فلا يمكن أن يحتمل المواطن غلاء الأسعار وتلوث البيئة ، أما هكذا فعلى الأقل فإننا سنموت جوعاً ولن نموت خنقاً واختناقاً ، والفرق بينهما كبير وواضح ! وهذا الإبداع يلفت نظرنا إلى أن الحكومات السابقة لم تكن تهتم بنقاء هوائنا وجودته بل إننا كنا نستخدم البنزين الضار والقاتل سنوات طويلة تنفسنا خلاله ألواناً من البنزين والديزل والسولار ... أما الميزة العظمى لهذا القرار فهي تتعلق بقضايا اجتماعية كبرى فقد زالت الفروق الطبقية بعد أن أصبح الناس كلهم يستخدمون البنزين الخالي ، فالكل سواسية أمام البنزين، بعد أن كان حكراً على الأغنياء ، أما اليوم فلا فرق بين غني وفقير ومتوسط، والمفارقة المضحكة أنني عندما كنت أمر من أمام محطات المحروقات وأقرأ عبارة ( خالي من الرصاص ! ) لا أفهم معناها، وكنت أخجل من السؤال ، إلى أن يسر الله لي صديقاً ميسوراً فسألته ذات يوم : أين تكون طلقات الرصاص في البنزين؟ ضحك صديقي ولم يجب معتقداً أني ٌقلتها للسخرية، وأقول اليم لو كنا في عصر الخالي لما حدثت معي أو مع غيري من الفقراء مثل هذه الحوادث التي تدل على جهلي لو انتشرت بين الناس ... لقد زالت الطبقية اليوم فلن يكون هناك في محطات المحروقات سيارات تقف على ( العادي ) وأخرى على ( السوبر ) وثالثة على ( الخالي ) ، ستتوحد اليافطات في واحدة وستقف جميع السارات في صف واحد دونما تمييز بين الكوري والياباني والألماني ، ونكون بذلك قد وصلنا قاعدة ( الناس سواسية كأسنان المشط) ، وبعد كل ذلك فمن الغريب أن نجد من يشكك بمثل هذه القرارات حتى ان بعضهم يقول إن ذلك كان من أجل رفع سعر البنزين تحت حجة ( الخالي ) وأنهم يبيعون ( العادي) بالسعر الجديد، فلم يختلف المضمون بل اختلفت التسميات ؟؟؟.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
29-02-2008 04:00 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |