03-02-2021 11:55 AM
بقلم : رايق المجالي /ابو عناد
وصف حر وأحرار اصبح الآن لا يطلق إلا على الأشخاص الذين يعارضون السلطات الحاكمة في البلاد العربية وهم طبعا دائما وبالضرورة خارج السلطة أثناء إطلاقهم هذا الوصف أو هذه التسمية على أنفسهم ,فكثير منهم كان وهو في أروقة سلطة ما يصف أو يسمي هؤلاء الذين يقال عنهم أحرار (بالمندسين أو العملاء أو الجهلة المنساقين وراء مؤامرات كونية على السلطة ) ...؟؟؟!!!
وهؤولاء الأحرار لا عمل لهم إلا إنتقاد الأنظمة والسلطات في بلدانهم وإنتقاد الشعوب التي هم منها بأنها خانعة وذليلة ويطالبونها بالثورة وبخلع كل من هم في السلطة ليتولى الأحرار قيادتهم , وهم دائما لا يحفظون من التاريخ إلا سير أشخاص إستشهدوا وهم يناضلون من أجل الأمة وكذلك ينكبون وبكل جلد على حفظ الأشعار التي تشتم السلطة ومن فيها وتصف حال الهوان والذل وتصف الحكام والسلطات بأقذع الأوصاف , فهم دائما يحفظون أشعار مظفر ,وأحمد مطر وكل من كتب حرفا واحدا يجلد فيه السلطة .
هم يصفون الآخرين بالعبيد وعلى ذكر العبيد فإن طرق تحرر العبيد في الإسلام هي نظام فيه عدة قواعد ليس منها مطالبة العبيد بأن يثوروا على الحاكم فيخلعوه ليأتوا بحاكم آخر ,بل كانت الطرق هي :1- أن يكاتب العبد سيده وهو اتفاق على تسديد مبلغ يتفق عليه يجمعه العبد بطرق مشروعة فإذا اتم جمع المبلغ ودفع لسيده يصبح حرا 2- أن يشتريه أو يدفع عنه شخص آخر ويعتقه 3- ان يعتقه شخص ككفارة 4- اذا كانت جارية وملك يمين السيد وحملت منه وولدت تصبح حرة .
مما يعني أن العبد في نظام المكاتبة يعمل على تحرير نفسه بيده وبالطرق الأخرى فسبب تحريره مرتبط بأفعال الغير وما يؤمنون به ودائما تتحقق منافع للآخرين في تحرر عبد ولا يوجد في تعاليم الإسلام أو في التاريخ ما يؤسس لقيام العبيد بثورة طلبا للحرية .
ولا اقصد فيما اوردته أنني أشجع على الخنوع والإستسلام للعبودية بل كل ما قصدت هو أن طلب الحرية لابد أن يرافقه عمل جاد ودؤوب وبإتجاه صحيح من العبد وأن تأتي حرية عبد بمنفعة ايضا للغير وله ايضا ,أما أن تطلب الحرية فقط بالولولة وبالأشعار وبشتم الأسياد وإتهام كل من لا يقتل سيد طالب الحرية من الغير ليتحرر هذا الشاتم بأنه عبد ذليل ووضيع فهذه ليست طريق للحرية ولا أوصاف أحرار .
والمعنى ايضا أن وسائل التحرر في الإسلام كما هي نافعة للعبد وللغير وللمجتمع هي ايضا وسائل سلمية وهي مرتبطة برغبة العبد في تغيير ظروفه بالصبر على ظروف وإستثمار ظروف , فلو صرف من يطلقون على انفسهم أحرارا دون غيرهم في البلاد العربية أوقاتهم وجهودهم التي يصرفونها على قراءة الشعر وحفظه وعلى شتم السلطات في عمل حقيقي على تنظيم أنفسهم وتشكيل إطار قانوني يعبرون فيه عن أفكارهم ويؤسسون القوى الفاعلة في المجتمع التي تنشر الوعي اولا ثم تقدم الأمثولة في إنتاج الأفكار وفي إنتاج العلوم التي تنفع المجتمع والبشر ولو نظمت الصفوف وتقدمها من يمتلكون كفاءة القيادة وإستثمار طاقات المجتمع , لنتج عن هذا الجهد وهذا الوقت المهدور في الشعر والشتم أفعالا وطنية ولتشكلت أطر فاعلة ولكان لدينا أحزاب حرة ونقابات حرة ومجتمع مدني حر وفاعل .
للأسف الشديد أحرار العرب في واقعنا الحالي جلهم وليس كلهم يسعون فقط لإزاحة سيد لإستبداله بسيد آخر أو للجلوس هم مكان السيد ليستعبدوا الناس هم , أي أن أحدهم ينشد فقط لنفسه ميزة الحرية وإمتيازات الأحرار والعيش الرغيد ولا يبالي بأمة أو شعب ,وليس أدل على ذلك من أشخاص عرفناهم وهم في كل يوم يقدمون لنا مثالا ودليلا على ما قلت فقد ملاؤوا الدنيا صراخا وشتما وشعرا ضد سلطة ما وبمجرد أن أشركوا في تلك السلطة أصبحوا أسوأ لغيرهم من ذلك السيد الذي أشبعوه شتما قبل أن يحظوا بسلطة , وأصبحوا يصفون من يسمون أنفسهم أحرارا (بالمندسين ,والعملاء ,والجهلة المنساقين وراء المؤامرة الكونية ضد السلطة التي هم منها الآن )