حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الإثنين ,23 ديسمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 959

عارف المرايات في ذكراك يا صديقي

عارف المرايات في ذكراك يا صديقي

عارف المرايات في ذكراك يا صديقي

07-02-2021 08:23 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : أ.د. خليل الرفوع

على جبين العيص ألقى الشاعر عارف المرايات غيمته الأخيرة، ورَحله المثقل بالكلمات، قبل عام كان وداعُك مرًّا، وغيابك بين القوافي دهشة أو بغتة، لا فرق يا صديقي بين أن تكون شاعرا أو سنبلة أو رِعشة جنون في شقوق الوطن، فقد ضمك إليه كما كنتَ ذات سنين تهدهده على مطايا حروفك شوقا ونزفا.
أيها العارف بنا وبتجاعيد جبال الطفيلة وانسكابات عيونها في جذوع زيتونها وتينها، أيها الشاعر الذي بُحتَ للأردن بصباحاتك المعتقة بوشوم أمهاتنا وغضبات الرجال وعناقيد الكروم وسياج الياسمين وحمرة الأقحوان وخضرة الزعتر ، وغازلت الطفيلة كما يغازل الغيم نواصي جبالها والغيثُ هفهفات هضابها وسهولها ووِهادها.
عارف المرايات كتب قصيدته الأخيرة بنواشر قلبه، ثم غاب في مدارج السماء تصّاعد روحه إلى سدرة المغفرة وما أدراك هناك ما عليّون، فأيّ آلٍ تأليتّ يا ابن الكرام وأيّ سنام سماوي علوتَ يا ابن الأرض والسماء، لذكراك تكتمل القصائد بلا لحن، والغناء بلا وتر، والحزن بلا آه، أسندت ظهرك شعرا إلى صخرتين : أهلوك الطيبون وديوانك الأبدي، محمولينِ على رَفّةِ القلب خلودًا كلما تحلحلت شغافه بهمهمة شعرية أو وخزة نبض طفيلية المبتدأ والمنتهى، أيها العارف الجميل حتى التداعي والمبدع حتى التناهي ، كنت صديقي حتى التقينا شاعرين تكتبنا الكلمات في أمسيات جامعتي مؤتة والطفيلة، فتحولت الصداقة إلى محبة تثير الشجن في الشعر وتُزَوْبِعُ الكلمات في عين القصيدة وغرتها وخدها وقمحها، إنها محبة الشعر أيها الممتدُ في عروق القصيدة وانسياب مواكبها على شواطئ مروءة الرجولة هناك في ضانا والعيص والقلعة وبصيرا والقادسية والعين البيضاء وصنفحة وحد الدقيق والحسا وعيمة والسلع وعفرا ، وهنا حيث صورتك وشعرك ونخوتك .
كنت بحرا من الشعر سرى في طفولتي حينما كنتُ أغرد بزمزمة القريض وحدي، وحينئذ عرفت أن الهوى كله جنونٌ، وأن الوطن كله شذًى وشهادة وشجون، كبرتُ وكبر الشعر وبقيت أنت شاعر الطفيلة تلملم روح تيسير السبول - بعد أن أصابتها شظايا الأمة - على كفي قصائدك وتعلقها على نواصي الطفيلة بمرأى ومسمع من شعرائها وهم كثر.
أبها الشاعر العارف، وقوفا على ذكراك؛ فلك الشعر ما زال يحنّ ولك القوافي ما زالت ترنّ، وهذه الطفيلة بعد عام أرجوانيٍّ من رحيلك وأنت الذي غنيتَها وجعًا ووهجًا وبهاءً تأسى لفقدك، وهذا الأردن يبعث الفاتحة لقبرك كي ترقد بسلام، وهذا الوجد يرسل سحائب الرثاء، ففي الطفيلة مذ رحلت يا صديقي حزن وأسًى وشجى.








طباعة
  • المشاهدات: 959
لا يمكنك التصويت او مشاهدة النتائج

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم