حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الخميس ,28 نوفمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 12617

اعادة انتاج الغزو الثقافي من خلال العولمة

اعادة انتاج الغزو الثقافي من خلال العولمة

اعادة انتاج الغزو الثقافي من خلال العولمة

29-02-2008 04:00 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم :

 

نتكلم عن الغزو الثقافي ...بصفته احدى التجليات الأكثر وضوحا للسياسة الامبريالية الامريكية والغربية عموما في المرحلة التي تلت الحرب العالمية الثانية ...حيث ان ما ان انتهت الحرب المذكورة ووضعت اوزارها ...حتى بدأت الحرب الباردة بين حلفاء الأمس الذين حاربوا معا ضد النازية ودول المحور وتكللت حربهم تلك بالأنتصار على تلك الدول ...وقد كان من اهم سمات الحرب الباردة ...محاولات الهيمنة السياسية والاقتصادية ...والثقافية ..كأنواع جديدة من الاستعمار ..في ظل الابتعاد عن الاشكال التقليدية للستعمار القديم القائمة اساسا على الاحتلال العسكري المباشر ..وكما هو واضح ...فقد كان يكمن وراء هذا الغزو الثقافي الكثير من الاهداف العدوانية وتزامن مع مرحلة التحرر الوطني التي مرت بها الشعوب العربية ...ولذلك فقد وجدت الشعوب العربية نفسها في مواحهة هذا الغزو الثقافي ..ليس فقط دفاعا عن ماضي الأمة وتاريخها وموروثها وعاداتها وتقاليدها ..انما ايضا دفاعا عن حاضرها ومستقبلها كأمة تخوض نضالا مريرا من اجل الاستقلال والتحرر الوطني ...وكان للشعوب العربية ...عبر مثقفيها الملتزمين بقضاياها المصيرية ...معارك مهمة وحاسمة ومواحهات متصلة مع محاولات الغزو تلك ..والتي ما زالت مستمرة الى الآن ..وان اختلفت الأدوات باختلاف الظروف ...ونستطيع الآن القول بأن الولايات المتجدة الأمريكية هي التي تتصدر قائمة (الأمبرياليات ) الغربية التي تجاول الاستمرار ...دون هوادة ...في تكريس النمط الثقافي الأمريكي وتعميمه على كافة شعوب العالم ومنها الشعوب العربية ...حتى الدول الاوروبية لم تسلم من محاولات امريكا غزوها ثقافيا ...لتكون بالتالي تابعة لها (ثقافيا) ..بعد ان نجحت بتقليم اظافرها الامبريالية لصالح الامبريالية الامريكية ...وفب سبيل الهيمنة الثقافية الامريكية وتكريسها كثقافة عالمية ..قامت امريكا بتدشين العديد من المؤسسات الثقافية وغير الثقافية في محاولة منها لاختراق ثقافات الشعوب والتسلل عبر هذه المؤسسات الى التفاصيل الصغيرة في حياة هذه الشعوب لطمسها والحلول محلها ...ففي عام 1947 اسست امريكا اتحادا يعمل على تحصين العالم ضد (وباء الشيوعية ) وكان اهم ميدان له هو الميدان الثقافي ...وفي عام 1950 انشأـ ( كونجرس الحرية الثقافية ) وكان له فروع في 35 دولة وبداخله قسم للمنظمات الدولية ..وكان من اهم اهدافه ...تنمية التيار المعادي للشيوعية ..واقامة الاتصالات مع المثقفين السوفيات وتجنيدهم ضد ثقافة بلادهم التي نمت وازدهرت تحت رعاية الحزب الشيوعي السوفياتي والحكومة السوفياتية آنذاك ...وانشأت امريكا العديد من المجلات والمطبوعات الثقافية خلال حقبة الخمسينات ومنها : كومنتري / نيوليدر / بارتيزان ريفيو / العلم والحرية / انكاونتر ...وفي خارج امريكا اسست ايضا : سوفييت سيرفي / تيمبو في ايطاليا / كوادرات في استراليا / كويست في الهند /جيبو في اليابان ...وقد كان الهدف الاساسي من اصدار كل هذه المطبوعات وغيرها ..تكريس الهيمنة الثقافية الامريكية على مختلف شعوب العالم ...ثم جاءت ....المكارثية ...بوجهها القبيح لترعب المثقفين الاميركيين انفسهم ...حيث نجح السيناتور مكارثي بتكوين لجنة بالكونجرس خاصة بالنشاط المعادي لامريكا ( الشيوعية ) ..واقرت هذه اللجنة قانون مراقبة الثقافة واخضع الكثير من الادباء والفنانين الامريكيين ومنهم : ارنست همنجواي الى الرقابة والمتابعة من قبل ( اف.بي.آي)..ثم وفي فترة الستينات من القرن العشرين اسس نادي القلم وكان له 76 فرعا في 55 بلدا ...وعندما اعلن بوش الأب العولمة (الجلوباليزم) في بداية التسعينات ..صرح ان التجارة لن تكون هي وظيفتها الوحيدة كما كانت اتفاقية الجات التي قبلها ..بل انها ..اي العولمة تهتم ايضا بحرية الثقافة الى جانب حرية التجارة ...وعلى هذا فمن الخطأ الاعتقاد ببراءة العولمة ..بل هي وسيلة مهمة واساسية لفرض هيمنة القيم والثقافة الامريكية على القيم والثقافات الاخرى ...ومن هذا المنطلق تأتي الدعوة الى الحذر الشديد من الدعوات الامريكية المتكررة للشرق الاوسط الكبير او (الجديد) الذي يريد ادخال اسرائيل عنوة الى مكونات الشرق الاوسط المنشود والمرسوم باليد الامريكية ..وفي ذلك اكبر تهديد يهدد الثقافة العربية والتاريخ العربي والحاضر والمستقبل العربيين ...ان الوقوف بحزم ضد العولمة المتوحشة هي احدى اولى مهام المثقف العربي اذا كان هذا المثقف يؤمن اننا في حاجة الى الدفاع عن هويتنا الوطنية وتراثنا وثقافتنا وعاداتنا وتقاليدنا وحاضرنا ومستقبلنا ومستقبل احفادنا ...وهذا لا يعني بحال من الاحوال اننا نقف ضد الحداثة ومنجزات الحضارة الغربية كما يدعي عملاء امريكا الصغار وكما ينظر الظلاميون في مجتمعاتنا ..ولكنها الحداثة التي تحترم خصوصية الشعوب ولا تحاول الغاء ثقافتها وهويتها الوطنية ..... ...عاطف الكيلاني  








طباعة
  • المشاهدات: 12617
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
29-02-2008 04:00 PM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
برأيك.. هل اقتربت "إسرائيل" ولبنان من التوصل لاتفاق إنهاء الحرب؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم