حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
السبت ,23 نوفمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 4028

قراءة في مشروع قانون الموازنة العامة .. "الجزء الأول"

قراءة في مشروع قانون الموازنة العامة .. "الجزء الأول"

قراءة في مشروع قانون الموازنة العامة  ..  "الجزء الأول"

08-02-2021 10:55 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : الدكتور تيسير الصمادي
كتب وزير التخطيط الأسبق، الدكتور تيسير الصمادي مقالاً تضمن تحليلاً لمشروع قانون الموازنة العامة للعام الحالي 2021، و حمل عنوان: " قراءة في مشروع الموازنة العامة (3/1)، و تالياً نص المقال:

قبل الولوج في تحليل مشروع قانون الموازنة العامة لسنة 2021، فإن من الأهمية بمكان إلقاء نظرة على قانون موازنة العام الماضي في محاولة لاستلهام العبر والدروس ومعرفة إن كانت الحكومة قد استفادت منها في إعداد مشروع القانون محل البحث والتحليل! وكما نذكر فقد كانت الحكومة السابقة قد وعد بمنهجية جديدة تتميز بالكفاءة والواقعية والشفافية في إعداد الموازنات العامة، وأكد على ذلك وزير المالية الحالي في أكثر من مناسبة!

ولكن البيانات لا تدعم تلك الوعود، فقد تقلصت الإيرادات العامة بنسبة (15.9%) عن مستواها في عام 2019؛ لتسجل (7824.7) مليون دينار؛ على عكس تقديرات الموازنة بتسجيلها نموا نسبته (9.4%)! أي ان الفرق بين أرقام إعادة التقدير والمستوى المستهدف قد وصل إلى (25.3) نقطة مئوية! وقد جاء ذلك محصلة لانكماش الإيرادات المحلية بما نسبته (18.1%) وإرتفاع قيمة المساعدات الخارجية بنسبة (5.5%) في الوقت الذي توقعت الحكومة فيه نمو الإيرادات المحلية بنسبة (10.4%) لتبلغ (7754.0) مليون دينار؛ أي أن الفرق بين المستوى المستهدف والمستوى المتحقق قد بلغ (28.5) نقطة مئوية. أما المساعدات الخارجية فقد فاقت مستواها المستهدف بنسبة (5.5%) لتبلغ ما مقداره (851.3) مليون دينار.

وبمزيد من التفصيل فقد تراجعت الإيرادات الضريبية بنسبة (12.6%) عن مستواها المقدر، في مطلع العام السابق، لتبلغ (4938.0) مليون دينار، في حين تقلصت الإيرادات غير الضريبية بنسبة كبيرة جدا بلغت (32.9%)، لتقف عند (1412.0) مليون دينار! وهذا يعني أن المستوى المتحق للبندين المذكورين كان أقل من المستوى المتوقع بمقدار (30.4) و (27.5) نقطة مئوية، على الترتيب! وقد كان يمكن للإيرادات الضريبية أن تتراجع بنسبة أكثر من ذلك بكثير لولا قيام الحكومة السابقة، بعد تثبيت الضريبة العامة المفروضة على المشتقات النفطية، بإعادة تصنيف بعض البنود، مثل رسوم دعم الموازنة والمخزون الإستراتيجي، ونقلها من الإيرادات غير الضريبية إلى الإيرادات الضريبية وتحديدا ضريبة المبيعات؛ حيث تقدر عوائد البنود المعاد تصنيفها في الظروف الطبيعية بحوالي (300) مليون دينار سنويا. ومن الطبيعي أن يؤثر ذلك سلبا على أداء الإيرادات غير الضريبية ويسهم في تعميق تراجعها.

أما في جانب النفقات، فتشير بيانات مشروع قانون الموازنة العامة لسنة 2021 إلى أن النفقات الجارية قد بلغت (8470.6) مليون دينار، مسجلة تراجعا طفيفا عن مستواها المستهدف نسبته (0.6%)، في حين كانت الحكومة قد توقعت نموها، حسب بيانات قانون الموازنة العامة لسنة 2020 بما نسبته (6.3%) أي أن الفرق بين ما تم إنفاقه وما تم تقديره قد بلغ (6.9) نقطة مئوية! أما النفقات الرأسمالية فقد سجلت إنكماشا ملموسا عن مستواها المستهدف، بلغت نسبته (16.5%)؛ لتبلغ (948.4) مليون دينار في حين كانت تتوقع الحكومة نموها بما نسبته (6.1%) عن بيانات إعادة التقدير لعام 2019! أي أن النفقات الرأسمالية قد سجلت إنحرافا عن مستوياتها المقدرة في قانون الموازنة بمقدار (22.6) نقطة مئوية. وتبعا لذلك فقد سجلت النفقات العامة إنكماشا نسبته (2.5%) عن مستواها الذي كان مستهدفا في بداية العام الماضي، وبذلك تكون قد سجلت إنحرافا عن تقديرات الحكومة بحوالي (8.8) نقطة مئوية!

وفي ضوء هذه التطورات فقد سجل العجز المالي، قبل المساعدات، توسعا كبيرا جدا، مقارنة بالمستوى المقدر، بلغت قيمته (1161.8) مليون دينار؛ أو ما نسبته (62.7%)، فيما ارتفع هذا العجز، بعد تضمين المساعدات بنسبة صاروخية بلغت (106.8%)؛ أو بما مقداره (1114.4) مليون دينار! وبذلك يكون البندان الأخيران قد سجلا انحرافا قياسيا عن المستويات المستهدفة في قانون الموازنة العامة! وتشير هذه المقارنات إلى أمرين رئيسيين: أولهما أن أثر جائحة كورونا قد إنعكس، بشكل رئيسي، على جانب الإيرادات العامة وخاصة المحلية منها، والتي تراجعت بنسبة (18.1%) في الوقت الذي لم يكن له تأثير يذكر على جانب النفقات العامة التي تراجعت بنسبة (2.5%)، كما ذكر سابقا. ومع ذلك يلاحظ أن النفقات الرأسمالية تحديدا قد تقلصت عن مستواها المقدر بمقدار (16.5%) فيما انحرفت النفقات الجارية عن ذلك المستوى بنسبة لا تكاد تذكر؛ مقدارها (0.6%)؛ حسبما ورد في مشروع القانون!

ولكن التمحيص في بيانات مشروع قانون الموازنة العامة لسنة 2021 يظهر أن النفقات الجارية المقدرة لعام 2020 قد بلغت (8470.6) مليون دينار في الوقت الذي كانت قد قدرت في قانون الموازنة لعام 2020 بمقدار (8334.0) مليون، أي أنها قد ارتفعت بمقدار (136.6) مليون دينار! وهو نفس الفرق بين قيمة النفقات الرأسمالية المقدرة في قانون الموازنة لسنة 2020 والبالغة (1273.0) مليون دينار والرقم المقدر لهذه النفقات حسب مشروع قانون الموازنة لسنة 2021 والبالغ (1136.4) مليون دينار! وهذا يعني أنه قد تم إجراء مناقلة من النفقات الرأسمالية إلى النفقات الجارية بمقدار (136.6) مليون دينار. أي أن الفقات الجارية قد نمت ولم تنكمش بنسبة (0.6%)؛ كما توحي بيانات بيانات مشروع القانون لسنة 2021! والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو أين الأثر الإيجابي الذي كان يفترض أن تتركته قرارات الحكومة السابقة بوقف العلاوات الإضافية وزيادات الرواتب التقاعدية التي أقرت في عام 2019 والتي قدرتها الحكومة، على أساس سنوي، بحوالي 360 مليون دينار! علما بأن التصريحات الحكومية أكدت غير مرة بأنه لم يكن هناك نفقات "إضافية" تحملتها الموازنة العامة لمواجهة تداعيات جائحة كورونا، حيث تم تمويل النشاطات والمشاريع ذات العلاقة من خارج الموازنة؛ وهو ما تؤكده بيانات مشروع قانون الموازنة لسنة 2021! كما أن للمتابع أن يتسائل عن وفر النفقات الجارية الذي كان يتوقع أن ينجم عن الإغلاق الكلي طويل المدى، والذي لم تعكسه بيانات النفقات المعاد تقديرها!

وغني عن القول أن قيام الحكومة بإجراء مناقلة بقيمة (136.6) مليون دينار من النفقات الرأسمالية إلى النفقات الجارية، كما ذكر أعلاه، يمثل سابقة في إعداد الموازنات العامة! وقد يقول قائل بأن هذه المناقلة تتفق ومواد قانون الموازنة لسنة 2020، حيث تنص الفقرة (ب) من المادة (8) من القانون المذكور على ما يلي: " على الرغم مما ورد في الفقرة "أ" من هذه المادة، يجوز بقرار من مجلس الوزراء بناء على تنسيب وزير المالية/الموازنة العامة النقل من مخصصات المشاريع الرأسمالية"؛ علما بأن الفقرة (أ) من ذات المادة قد نصت على ما يلي: " لا يجوز نقل المخصصات من فصل إلى أخر إلا بقانون"! ومن الواضح أن الفقرة (ب) قد جاءت عامة، مع أن المفهوم منها للمتابع هو النقل بين مخصصات المشاريع الرأسمالية وليس من مخصصات المشاريع الرأسمالية إلى النفقات الجارية! وهذا واضح من مواد القانون الأخرى، ومنها المادة (9) التي نصت الفقرة (أ) منها على ما يلي: " يجوز نقل المخصصات من مواد النفقات الجارية إلى مواد المشاريع الرأسمالية في الفصل ذاته بموافقة وزير المالية بناء على تنسيب مدير عام دائرة الموازنة العامة ولا يجوز النقل بالعكس". حيث وضعت هذه الفقرة قيودا على المناقلات من النفقات الجارية إلى النفقات الرأسمالية ومنعت المناقلات من النفقات الرأسمالية إلى النفقات الجارية في ذات الفصل، فما بالك عندما تتم المناقلة من النفقات الرأسمالية إلى النفقات الجارية ومن فصل إلى آخر؟! ومما يدعم هذه الحجة حقيقة أن قوانين الموازنة للسنوات التي سبقت كانت تؤكد على أن هذه الفقرة تتعلق تحديدا بالمنحة الخليجية؛ وكان الهدف منها إتاحة المجال لنقل مخصصات من مشروع متعثر أو متأخر إلى آخر يجري العمل على تنفيذه، من المنحة المذكورة! فعلى سبيل المثال جاء نص الفقرة (ب) من المادة (8) في قانون الموازنة لسنة 2019 على النحو التالي "على الرغم مما ورد في الفقرة "أ" من هذه المادة، يجوز بقرار من مجلس الوزراء بناء على تنسيب وزير المالية/الموازنة العامة النقل من مخصصات المشاريع الرأسمالية الممولة من المنحة الخليجية"
ومرة أخرى، ورغم الغموض الذي تعانيه الفقرة (ب) من المادة (8) فإن الفقرة (أ) من المادة (9) قد عالجته. ولو قبلنا، جدلا، بأن ما جاء في الفقرة (ب) من المادة (8) مقبول على إطلاقه؛ أي أن الحكومة قادرة على نقل أي مبلغ تراه مناسبا من النفقات الرأسمالية إلى النفقات الجارية، فإن هذا يعني عدم وجود أي معنى إقتصادي أو بنيوي لتصنيف النفقات بين جارية ورأسمالية، ولا قيمة ولا معنى لمؤشر قيمة ونسبة النفقات الرأسمالية في قانون الموازنة؛ لأن الحكومة، في مثل هذه الحالة، تستطيع بكل بساطة، بعد إقرار مشروع قانون الموازنة من قبل مجلس الأمة، نقل أي مبلغ تريده من النفقات الرأسمالية إلى جانب النفقات الجارية بقرار من مجلس الوزراء؛ الأمر الذي يتنافى مع أبسط مبادىء تصنيفات النفقات العامة!

خلاصة القول أن موازنة العام الماضي قد سجات إنحرافات كبيرة جدا عن المستويات المقدرة، في جانبي الإيرادات والنفقات وخاصة في الجانب الأول، ولم تعكس أي نوع من كفاءة الإنفاق الذي ارتفع بمستويات كبيرة لا يمكن تبريرها بجائحة كورونا، كما افتقرت إلى الشفافية في التنفيذ نتيجة محاولات تجميل البيانات، أو إعادة تصنيفها!








طباعة
  • المشاهدات: 4028
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
08-02-2021 10:55 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
برأيك.. ما خيارات ترامب للتعامل مع إيران بعد فوزه بانتخابات الرئاسة الأمريكية؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم