09-02-2021 11:58 AM
سرايا - كَثُرَ الحديث في الآونة الأخيرة عن احتمال عودة العلاقات إلى طبيعتها بين تركيا وكل من الإمارات ومصر، وأحدثه تصريح لوزير الشؤون الخارجية الإماراتي، أنور قرقاش.
ففي مقابلة تلفزيونية في 10 يناير/ كانون الثاني الماضي، قال قرقاش إن الإمارات ترغب بتطبيع العلاقات مع تركيا، معربا في الوقت ذاته عن تطلعه لتحسين العلاقات بين أنقرة والقاهرة.
وأضاف: “أي مؤشر إيجابي من تركيا تجاه مصر سنرحب به، لأن مصلحة تركيا هي علاقات عربية سوية”.
وتابع: “نريد لأنقرة ألا تكون الداعم الأساس للإخوان المسلمين، نريد لأنقرة بأن تعيد البوصلة في علاقاتها العربية”، وفق تعبيره.
ورغم الاختلاف في وجهات النظر بين أنقرة وأبوظبي والقاهرة، إلا أنها لم تصل إلى حد القطيعة الدبلوماسية، ما يعني إبقاء الباب مفتوحا لتحسين العلاقات.
لكن تجاوز ذلك الخلاف يحتاج سياسيا إلى دولة تجمعها علاقات مميزة بالدول الثلاث على حد سواء، ما يمكنها من لعب دور الوسيط؛ لرأب الصدع وتحقيق المصالحة.
وبفضل دبلوماسية الأردن وعلاقاته المتزنة مع دول المنطقة، يمكنه لعب ذلك الدور، لا سيما وأن الملك عبد الله الثاني، أكد في مقابلة مع وكالة الأنباء الرسمية “بترا”، أواخر يناير الماضي، حرص بلاده على تجاوز أي خلافات من شأنها التأثير على استقرار المنطقة.
وقال الملك عبدالله الثاني: “تستهدف سياساتنا بناء وتعزيز علاقات إقليمية ودولية قائمة على التعاون ومبدأ حسن الجوار، ولا نتدخل بشؤون الآخرين ولا نسمح بالتدخل في شؤوننا”.
وأضاف: “نقوم بدورنا كاملا في جهود حل الأزمات الإقليمية والدولية أحيانا، وتجاوز التحديات المشتركة وتحقيق السلام العادل خيارا استراتيجيا”.
وتابع: “نقدم الأفكار والطروحات والمبادرات التي تتفق مع ثوابتنا ومصالحنا، ونتفاعل مع طروحات الآخرين، فنقبل ما ينسجم مع ثوابتنا ونرفض ما يتناقض معها”.
وأردف: “كسب هذا الوضوح وهذا التفاعل لبلدنا، احترام المجتمع الدولي، وجعل لنا دورا دبلوماسيا يتخطى الحجم والموارد”.
احترام متبادل وتنسيق مستمر تجاه أهم القضايا، وزيارات متبادلة رفيعة المستوى، تربط الأردن بالدول الثلاث، وهو ما يؤهل المملكة، بحسب محللين، للعب دور الوسيط في تحقيق المصالحة.
الوزير الأردني الأسبق عضو لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الأعيان (الغرفة الثانية للبرلمان)، محمد المومني، قال للأناضول إن “الدبلوماسية الأردنية بقيادة الملك عبد الله، تسعى دائما لتحقيق المصالحة والتوفيق في مختلف القضايا، إيمانا برؤية المملكة في تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة، بعيدا عن أي خلافات”.
وتابع: “الأردن تجمعه علاقات مميزة مع مختلف دول العالم، بما فيها الأشقاء في الإمارات ومصر، وأصدقاؤنا الأتراك، وقد أكد الملك في مقابلته الأخيرة مع وكالة بترا أننا لا نتدخل بشؤون الآخرين، ولا نسمح بالتدخل في شؤوننا”.
وزاد بأن “الملك قال أيضا إننا نقوم بدورنا كاملا في جهود حل الأزمات الإقليمية والدولية أحيانا، وهذا يعني ضمنًا حرص المملكة على المساهمة في تحقيق المصالحة بين جميع الأطراف”.
وشدد المومني على أن “مواقف الأردن ودعوته الدائمة للحلول السلمية تجاه مختلف القضايا، يؤهله بالتأكيد لأن يكون وسيطا مقبولا لدى جميع الأطراف، فنحن حريصون على وحدة الصف وتوافق الجميع؛ للوصول إلى منطقة خالية من الأزمات والخلافات”.
رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب الأردني (الغرفة الأولى للبرلمان)، ميرزا بولاد، قال للأناضول إن “دبلوماسية الأردن حاضرة للعب دور الوساطة في حل المنازعات والمخالفات بين الأشقاء والأصدقاء”.
وتابع: “الملك قال إننا لا نتدخل في شؤون غيرنا، لكنه يسعى بالتأكيد إلى تحقيق المصالحة؛ لحفظ الاستقرار العربي والإقليمي”.
وشدد بولاد على أن “ما يؤهل الأردن لدور الوساطة في مصالحة الصديقة تركيا مع الأشقاء في الإمارات ومصر، هو المكانة الاجتماعية والدولية للملك عبد الله في كل المحافل، وعلاقاتنا المميزة مع الدول الثلاث”.
الرئيس السابق للجمعية الأردنية للعلوم السياسية (خاصة)، خالد شنيكات، اعتبر في حديث للأناضول أن “متغيرات البيئة الخارجية تساهم إلى حد كبير مع متغيرات البيئة الداخلية في الدفع بالدبلوماسية الأردنية لإعادة العلاقات بين الإمارات ومصر وتركيا”.
ومن أبرز تلك المتغيرات، وفق شنيكات، هو “مجيء (الرئيس الأمريكي) جو بايدن للسلطة (منذ 20 يناير الماضي)، ووجود العديد من الملفات العالقة بين أنقرة وواشنطن، رغم ما يجمعهما من مصالح استراتيجية”.
وأضاف أن الأزمة الخليجية هي متغير آخر، وقد انتهت بالتسوية في القمة الخليجية الـ41 التي انعقدت في 5 يناير الماضي، بين قطر وكل من السعودية والإمارات والبحرين ومصر.
وكانت المنطقة الخليجية شهدت أزمة حادة منذ 5 يونيو/ حزيران 2017، حيث فرضت الدول الأربع حصارا بريا وجويا وبحريا على قطر، بزعم دعمها للإرهاب، وهو ما نفته الدوحة، واعتبرته “محاولة للنيل من سيادتها وقرارها المستقل”.
وأردف شنيكات أن “تسوية هذه الأزمة تعني أن الأزمات القائمة بين الإمارات ومصر وتركيا يمكن حلها على طريقة الأزمة الخليجية، من خلال تدخل طرف ثالث في الحل، أي الدبلوماسية الأردنية”.
وزاد بأن “الأردن يتمتع بعلاقات وثيقة مع الإمارات ومصر وتركيا والولايات المتحدة، وهذا الوضع يؤهله لإدارة دبلوماسية ناجحة في إعادة العلاقات”.
وشدد على أن “إرث السياسة الخارجية التركية في اتباع سياسة صفر مشاكل (إنهاء المشاكل الخارجية كافة) لا زال موجودا ومؤثرا في السياسة التركية”.
واستطرد: “لهذا نجد أن تركيا فتحت قنوات حوار ومفاوضات مع الاتحاد الأوروبي، وبشكل خاص فرنسا واليونان، كما احتفظت بعلاقات وثيقة مع روسيا وإيران وقطر، وحتى السعودية بالرغم من مسألة مقتل خاشقجي”.
ومنذ عام 2013، سمحت تركيا لمعارضين مصريين بالإقامة لديها بدافع الدعم الإنساني للمظلومين، عقب الإطاحة بالرئيس الراحل محمد مرسي، وتصنيف جماعة الإخوان المسلمين “إرهابية”، ما أجبر عددا من قياداتها وكوادرها على الخروج إلى دول أخرى؛ خشية الملاحقة.
وأكدت تركيا، على لسان وزير خارجيتها مولود تشاووش أوغلو، في وقت سابق، أن الطريقة الأكثر عقلانية لعودة العلاقات التركية المصرية هي عبر الحوار والتعاون مع أنقرة، بدلا من تجاهلها.
فيما تقول الإمارات إنها الشريك التجاري الأول لتركيا في الشرق الأوسط، وتزعم أن المشكلة الرئيسية مع أنقرة تكمن في سعيها إلى “توسيع دورها على حساب الدول العربية”.
أما تركيا فهي تشدد دائما على الدور الحقيقي الذي تلعبه عالميا، وهو ما عَبَّر عنه الرئيس رجب طيب أردوغان، بقوله في أحد خطابته إن “تركيا كما فعلت طوال التاريخ، تقف بجانب المظلوم ضد الظالم دون النظر إلى هويته”.-
"الأناضول"