10-02-2021 01:16 AM
سرايا - لا تزال جائحة كورونا بعد أكثر من عام على ظهورها تلقي بظلالها على أنشطة قطاعات ومؤسسات مختلفة في المملكة سيما فيما يتعلق باستمرارية أعمالها وقدرتها على الالتزام بدفع أجور العاملين فيها.
وعلى الرغم من تحمل أصحاب العمل والعاملين أعباء مالية إضافية في كثير من القطاعات طوال فترة الجائحة، أدت الى تخفيض الأجور او تأخيرها في أحيان كثيرة، إلا ان مواطنين أكدوا أنهم يتحملون هذه الأوضاع مجبرين رغم الصعوبات المعيشية، حفاظا على ضمان استمراريتهم بعملهم وعدم فقدانه، وخوفهم من شبح البطالة.
وفي حين أكدت وزارة العمل أنها تسعى إلى كبح عملية تسريح العمالة من منشآت القطاع الخاص منذ بداية جائحة كورنا، والموازنة بين حقوق العمال وضمان ديمومة عمل المنشآت واستدامتها خلال جائحة كورونا، حيث استقبلت حتى أمس ما يقارب الـ74 ألف شكوى تتعلق بإنهاء الخدمات وتأخير الأجور، طالب مسؤولون ومتخصصون في تصريحات الى $ بضرورة تمكين القطاع الخاص لتجنب ارتفاع مستويات البطالة، إذ ان القطاعات الأكثر تضررا ما زالت بحاجة لحزم إنقاذ من الحكومة، واتخاذ اجراءات سريعة تسمح لأصحاب العمل العودة للأجور الاعتيادية والالتزام بها.
الناطق الإعلامي باسم وزارة العمل محمد الزيود أكد، ان الوزارة تسعى إلى كبح عملية تسريح العمالة من منشآت القطاع الخاص منذ بداية جائحة كورنا، من خلال تعاون اصحاب العمل في القطاع وتطبيق أوامر الدفاع والبلاغات الصادرة بموجبها، ومنها أمر الدفاع 6 والبلاغات الصادرة بموجبه، والموازنة بين حقوق العمال وضمان ديمومة عمل المنشآت واستدامته خلال جائحة كورونا.
وكشف ان الوزارة استقبلت عن طريق منصة «حماية» لاستقبال الشكاوى العمالية حتى أمس ما يقارب 74 ألف شكوى تتعلق بإنهاء الخدمات وتأخير الأجور، حيث اعادت من خلال تطيبق أوامر الدفاع والبلاغات الصادرة بموجبها ما يقارب 6 آلاف عامل إلى عملهم من أصل نحو 9 آلاف عامل تم انهاء خدماتهم من القطاع الخاص، فيما تبين أن انهاء خدمات باقي العاملين كان بشكل قانوني وغير مخالف لأوامر الدفاع ولا قانون العمل.
كما ساهمت اجراءات الوزارة حسب الزيود، بإلزام ما يقارب 10 آلاف منشأة بدفع اجور العاملين، من أصل ما يقارب 13 ألف منشأة وردت بحقها شكوى تأخير بدفع الأجور، مؤكدا انه بالتوازي مع ذلك وقع وزير العمل وزير الدولة لشؤون معن القطامين مجموعة من اتفاقيات التشغيل مع عدد من القطاعات توفر فرص عمل على مدار العام الجاري ما يزيد على 3500 فرصة عمل، في العديد من التخصصات التي طلبتها هذه القطاعات.
وأضاف الزيود، انه تم التوقيع على اتفاقية لتدريب وتشغيل ألف مواطن في مجال البرمجة المتقدمة، خصوصا أن هذا المجال فتح له أبواب جديدة في ظل ظروف الجائحة، بالإضافة لإصدار قائمة القطاعات الأكثر تضررا والتي يتم تحديثها شهريا للاستفادة من بلاغات الدفاع والتي تبين آلية دفع الأجور للعاملين فيها، ودعم القطاعات من خلال برنامج استدامة الذي تطبقه المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي الذي هدف إلى الحفاظ على ديمومة المنشآت ودفع أجور العاملين.
محمد عبيد موظف في أحد المؤسسات قال «ان حالة الركود التي تشهدها القطاعات المختلفة خلال أزمة كورونا لم يسبق لها مثيل، وتأخر الأجور وعدم انتظامها ضاعف معاناة المواطنين، حيث أصبحوا بالكاد يجدون قوتهم، مطالبا الجهات المعنية أخذ تضرر أصحاب العمل والعاملين بالاعتبار، والعمل على اجراءات سريعة تجنبهم فقدانهم لوظائفهم».
فيما أكدت مها البشير وهي موظفة انها تتحمل الضائقة المالية التي تمر بها المؤسسة التي تعمل بها وعدم انتظام الرواتب فيها، فقط بسبب خشيتها فقدانها لعملها، وعدم وجود بديل أصلا لعملها في ظل الظروف الاقتصادية والمعيشية الصعبة الحالية، داعية الجهات المختصة بتحمل مسؤوليتها ودعم القطاعات المتضررة.
من جهته، اعتبر نائب رئيس غرفة تجارة الأردن جمال الرفاعي، ان المواطنين في ظل كورونا يعانون من نقص السيولة، ما ينعكس على القدرة الشرائية لديهم، مشيرا الى ان تأخير الأجور ينعكس سلبا على القطاعات التجارية المختلفة، وبالتالي التأثير على حركة شراء المنتجات في الأسواق والقوة الشرائية.
واضاف ان أصحاب العمل في المنشآت الصغيرة والمتوسطة كذلك العاملين بالرغم من الصعوبات والإغلاقات التي يواجهونها، إلا انهم ينظرون بعين الأمل الى ما بعد انقضاء الجائحة، إضافة الى ما يعتريهم من خوف الوصول لمرحلة إغلاق منشآتهم نتيجة عدم وجود المردود الكافي لتغطية التزاماتهم كما هو الحال في هذه الأوقات، وخوفهم من شبح البطالة.
وردا على سؤال $ حول رأيه بالإجراءات التي اتخذتها الحكومة لمساعدة القطاعات الأكثر تضررا، أجاب الرفاعي، إن على الحكومة ان تقوم بعمل حزم إنقاذ عاجلة للقطاعات الأكثر تضررا والمغلقة، لأنها ما زالت بحاجة لذلك، ولأن ما تم اتخاذه من قرارات لدعمها ما زال دون المأمول ولا يلبي طموح أصحاب المنشآت العاملة فيها.
وحول مشاركة القطاع الخاص بأجور العاملين في المملكة، قال الرفاعي «ان أهمية دعم القطاع التجاري والخدمي من قبل الحكومة، ومساعدته لتجاوز محنة كورونا، تكمن أنه المشغل الأكبر للعمالة الأردنية، حيث يشغل ما يزيد على 520 الف عامل وعاملة، مشددا على ان تمكين شركات القطاع الخاص ينعكس بالضرورة على الحفاظ على نسب التوظيف، لتجنب ارتفاع مستويات البطالة في المملكة.
ودعا المحلل الاقتصادي والاجتماعي حسام عايش، الى ضرورة اتخاذ الحكومة لإجراءات سريعة تسمح لأصحاب العمل العودة للأجور الاعتيادية، لأن الوضع الاقتصادي والمعيشي أصبح صعبا للغاية خصوصا في ظل كورونا، وهذا ادى لقبول عدد كبير من العاملين خفض او تأخير اجورهم مجبرين من اجل المحافظة على وظائفهم واتقاء شر البطالة، وخوفا من خسارة دخلهم بالكامل، ما يؤشر الى انه حتى البحث عن فرص عمل بديلة أصبح أمرا يصل للمستحيل في ظل الظروف الحالية.
وتابع إن الأوضاع المعيشية لهؤلاء سيصبح اكثر صعوبة اذا ما تعرضوا لهزة اقتصادية او صحية جديدة، او تحدّ بمستوى انفاقهم، او زيادة بالأسعار وارتفاع التضخم، مؤكدا ان الحكومة يجب عليها مراجعة اوامر الدفاع بشكل مختلف، لأن دورها لم يعد فقط تنظيم العملية الاقتصادية والاجتماعية، بل تحمل المسؤولية وعكس التصريحات عن التعافي على ارض الواقع، ومراجعة شاملة لأوضاع وظروف الموظفين ودعمهم بشكل مباشر، عبر تخفيض معدلات الضريبة، وتقليل الفوائد على الشركات، وتخفيض كلف الطاقة او ما يماثلها.
وشدد على ان انخفاض المستوى المعيشي للمواطنين من شأنه ان يؤثر سلبيا سيما بالأمن المجتمعي.
وعن انعكاس انخفاض اجور بعض العاملين او تأخيرها، اشار عايش، الى ان ذلك سيؤدي لارتفاع نسب البطالة، وانخفاض انفاق المستهلكين، وتراجع العملية الاقتصادية، ناهيك عن انعكاسها على مؤسسة الضمان الاجتماعي وانخفاض عدد المشتركين والاشتراكات، محذرا من موجة ثانية وعدم اتخاذ الاجراءات اللازمة، لأن ذلك قد يدخلنا في مخاطر شديدة من حيث زيادة العاطلين عن العمل والركود كما الان، والوصول الى حالة الكساد فيما بعد، ناهيك عن مخاطر عجز الموازنة او المديونية.