14-02-2021 01:46 AM
سرايا - أكدت دراسة اجرتها غرفة صناعة عمان حول الموازنة العامة للعام 2021، انها تخلو من اي خطة مالية تعكس توجها وتخطيطا للتعافي لما بعد جائحة كورونا للعام الجاري،كما تخلو من أي توجهات حكومية نحو أولويات جديدة تتطلبها المرحلة.
وخلصت الدراسة، انها صدمت من بعض التوجهات الواردة في بلاغ الموازنة وبحقيقة الأرقام الواردة في المشروع، وتحديدا سياسة التوجه للاعتماد على الذات حيث بلغت(نسبة تغطية الإيرادات المحلية للنفقات الجارية) والتي تم تقديرها في مشروع الموازنة بما نسبته 83.4% لعام 2021، في الوقت الذي وصلت فيه لحوالي 88.2% في عام 2019، ونسبة 91.1% في عام 2018، و94.4% في عام 2018.
وبينت الدراسة ان مشروع قانون الموازنة لم يحل مشاكل التمويل لقطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة حيث تتجه الحكومة للاقتراض الداخلي، وبنسبة نمو 24.9% في عام 2021 مقارنة مع إعادة تقدير 2020، ويظهر توجها حكوميا نحو زيادة الاقتراض الداخلي وذلك يثير سؤالا حول وجود شح في مصادر التمويل الخارجي، فإذا كان الهدف الاستراتيجي الأول من استراتيجية الدين العام التي أعدتها الحكومة قبل ما يقارب 5 سنوات وتحدثها بشكل سنوي هو الاعتماد على مصادر تمويل خارجية تمتاز بأسعار فائدة أقل وفترات سداد أطول،فذلك يعتبر مزاحمة مباشرة للقطاع الخاص على مصادر التمويل المحلية.
لا رصد لمبالغ لنظام دعم الصادرات
وأضافت الدراسة الى ان تطوير الصادرات وبما يهدف لنموها بنسبة تصل إلى 6.9% بحسب ما ورد في بلاغ الموازنة، مبينة ان الحكومة لم تقم برصد أي مبالغ لنظام دعم الصادرات الذي أقرته في نهاية 2019، بالاضافة الى أن المشروع ما زال يظهر سياسات مالية وخططا حكومية تفتقر لمرونة الإنفاق التوافقية (العلاقة السببية العكسية بين الإنفاق الحكومي والنمو الاقتصادي). وأما فيما يتعلق بالفرضيات فقالت الدراسة أن الفرضيات الاقتصادية التي تم بناء الموازنة على أساسها تعتبر فرضيات نظرية لا تعكس حقيقة حالة عدم اليقين الاقتصادي والسياسي التي يمر بها العالم، خصوصاً مع علمنا بمدى الترابط الاقتصادي مع الاقتصاد العالمي الأميركي والأوروبي بشكل أساسي. وبينت الدراسة أن التفاؤل في الفرضيات الاقتصادية انعكس على الأرقام المالية خصوصاً الإيرادات المحلية التي توقع المشروع فيها نمواً يصل الى مليار دينار أو ما نسبته 14.5%، فيما يرى المتابع أن نسبة الانحراف بين المقدر والمعاد تقديره والفعلي في جميع الموازنات السابقة غير مبرر حيث وصل انحراف المعاد تقديره عن المقدر خلال عام 2020 الى ما يقارب 18.1%، وكما وصل الانحراف في موازنة عام 2019 الى حوالي 12.3%، وما نسبته 10.5% في موازنة عام 2018، الأمر الذي يدعو الحكومة غالباً الى تخفيض النفقات الرأسمالية في كل سنة تقريباً على الرغم من أهميتها الاقتصادية والاجتماعية.
الأردن ليس في معزل عن باقي العالم في سياسة الاغلاق وأشارت الدراسة ان النمو الحقيقي لم يتجاوز 2% خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة، فعلى ماذا ارتكزت الحكومة في تقدير 2.5% في ظل استمرار الارتدادات السلبية لجائحة كورونا، مشيرة الى ان توقعات صندوق النقد الدولي تؤكد على ان انكماش الاقتصاد الأردني بلغ حوالي 5% في شهر تشرين الأول الماضي، بعد أن كانت تقديراته في شهر نيسان من العام الماضي تشير إلى انكماش لا يتجاوز 3.5% الأمر الذي بدأ الاقتصاد يلمسه في ارتفاع معدلات البطالة والتي وصلت لحوالي 23.9% خلال الربع الثالث من عام 2020. وكما اظهرت الدراسة انه على الرغم من تواضع نسبة التضخم المتوقعة الا أنها تشير الى احتمالية الزيادة في الطلب كون توقعات أسعار النفط ما زالت متدنية، خصوصاً إذا ما تم مقارنتها مع النمو في المستوردات السلعية.
وأشارت الدراسة الى ان الأزمة التي سببتها جائحة كورونا لم تأت بشكل تدريجي ربما هذا ساعد في عظم حجم الأثر السلبي على الاقتصاد الوطني، أضف إلى ذلك حالة عدم اليقين الكبيرة التي سادت في الأردن نتيجة لعدم وجود خطة إدارة واضحة للأزمة وكان الأمر يعتمد على الاستجابة للقرارات الحكومية يوماً بيوم والتي كانت في بداية الأزمة تدار من الفريق الوزاري الصحي لا الاقتصادي.
وبينت الدراسة ان الاردن لم يكن في معزل عن باقي دول العالم في سياسة الإغلاق، إلا أنها لربما استمرت لفترة أطول حتى لو بشكل مختلف (أيام الجمعة على سبيل المثال والحظر الليلي) التي أثرت على النمط الاستهلاكي والمعيشي للمواطن وعلى مختلف القطاعات الاقتصادية التي تقوم على مبدأ الاستهلاك الاجتماعي كمحلات البقالة ومشاغل الحلويات والمقاهي والصالات..إلخ، والأمر يتجاوز هذه القطاعات نظراً للترابطات الرأسية والأفقية بينها وبين مختلف القطاعات ومنها القطاع الصناعي. وأشارت الدراسة الى ان السياسة المالية كانت إلى حد ما محايدة، إذ لم نشهد إعادة ترتيب لأولويات الإنفاق من خلال التركيز على القطاع الصحي أولاً ومن ثم على رافعات النمو الاقتصادي من القطاعات الإنتاجية لمحاولة تخفيض حجم الانكماش ولو بنسب قليلة.
وأضافت الدراسة انه وعلى الرغم من ذلك شهدت المالية العامة هذا العام انخفاضاً غير معهود في حجم الإيرادات العامة على أساس المقارنة بذات الفترات من العام السابق أو بتقديرات الموازنة للعام 2020 مدفوعة بانخفاض الإيرادات غير الضريبية بأكثر من 51% خلال الشهور الثمانية الأولى من العام 2020، في الوقت الذي ارتفعت فيه الإيرادات الضريبية بما يقارب 8% خلال ذات الفترة، هذا على الرغم من تراجع استهلاك المحروقات التي تشكل نسبة لا يستهان بها من الإيرادات الضريبية والسبب في ذلك أن انخفاض أسعار النفط عالمياً لم ينعكس على المستهلك بشكل مباشر نظراً لتثبيت قيمة البدلات والضرائب على المحروقات بدلاً من أن تكون نسبة، أما النفقات العامة فقد شهدت ارتفاعا على الرغم من القرارات الحكومية بداية الأزمة بوقف الحوافز والزيادات المقرة مسبقاً إلا أن فاتورة خدمة الدين العام وفاتورة التقاعد ساهمت بارتفاع النفقات الجارية بما نسبته 2.6% خلال الشهور الثمانية الأولى، وهو ما ساهم بارتفاع عجز الموازنة العامة قبل المنح بما يزيد عن 16%.
وأشارت الدراسة الى إن غياب مفهوم مرونة الإنفاق التوافقية التي تربط نمو النفقات الحكومية بنمو الناتج المحلي الإجمالي، أدى إلى انعكاسات سلبية على تعزيز معدلات النمو الاقتصادي والقدرة على استخدام السياسات المالية المعاكسة للدورات الاقتصادية، ذلك لأن السياسة المالية اعتمدت مبدأ تأجيل الإيرادات لا إلغاء الإيرادات الجائرة ووقف وتخفيض النفقات الاستهلاكية. وبينت الدراسة انه وعلى صعيد السياسية النقدية، كان واضحاً اتجاه البنك المركزي الأردني لتعزيز احتياطيات الذهب التي ارتفعت قيمتها بأكثر من 1.1 مليار دينار بعد شهر نيسان من العام 2020 وهو أمر يعكس تخطيطا اقتصاديا سليما، في حين جاءت برامج التيسير الكمي التي أطلقها بشكل ومضمون اجتماعي يهدف للحفاظ على العمالة للحد من ارتفاع نسبة البطالة فيما ساهمت بشكل بسيط في خلق واستحداث فرص عمل جديدة في القطاعات الاقتصادية التي استمرت في العمل، إلا أن البرامج الأخرى اصطدمت بتفضيل البنوك للسيولة، وخاصة في مجال إيداعها في نافذة الإيداع لليلة واحدة لدى البنك المركزي مقابل رغبتها لإقراضها الافراد والشركات.
الخزينة تخسر 5 ملايين عن كل يوم لتوقف القطاع الصناعي عن العمل وقالت الدراسة انه وعلى الصعيد القطاعي، لا يمكن القول ان قطاعاً اقتصاديا لم يتأثر بالأزمة بصورة كلية أو جزئية، إلا أن الأثر جاء متفاوتاً على القطاعات الاقتصادية الرئيسية، حيث تأثر القطاع الصناعي بشكل لا يستهان به، حيث تضررت بعض القطاعات الصناعية بشكل كبير مثل قطاع الصناعات الهندسية وقطاع الصناعات الانشائية والخشبية والأثاث وغيرها، كما تأثر نتيجة لترابطاته الداخلية والخارجية مع القطاعات الأخرى التي شهدت عدم استقرار في نشاطها إما لعدم استقرار سلاسل التزويد الدولية أو ارتفاع الأسعار العالمية للمواد الأولية أو للإغلاقات الداخلية، وبحسب قراءات غرفة صناعة عمان فإن الاقتصاد الأردني يخسر ما يقارب25.5 مليون دينار عن كل يوم يتوقف فيه القطاع الصناعي عن العمل، كما وتقدر خسارة الخزينة العامة بحوالي 5 ملايين دينار يومياً عن كل يوم يتوقف فيه القطاع الصناعي عن العمل.
وأشارت الى أن القطاع السياحي من أكثر القطاعات تأثراً بعد توقف غالبية الأنشطة السياحية عن العمل ما يقارب 3,151 نشاط سياحي (فنادق، مكاتب سياحة، مطاعم سياحية، مكاتب تأجير سيارات..الخ)، إذ قدر التراجع في الدخل السياحي 48% حتى شهر أيار 2020، و70% حتى شهر آب 2020 أي خسارة ما يقارب ملياري دينار من الدخل السياحي لما يقارب أكثر من 2.4 مليون سائح مقارنة مع ذات الفترة من العام 2019، وكما عانى قطاع المقاولات والإنشاءات أيضاً خلال العام الماضي من الإغلاقات المتعددة ولفترة طويلة على الرغم من أهمية هذا القطاع الاقتصادية من جهة، ومن جهة أخرى توفيره فرص عمل لأكثر من 150 مهنة مختلفة.الراي