14-02-2021 08:33 AM
بقلم : فدوى خصاونة
على سور المدرسة وجدران الدكان وعلى الأرصفة وفي كلّ مكان ألمح سهما مغروسا في قلب أحمر وألمح نقشاً لحرفين على طرفي السَّهم الأبيض داسته أقدام الريح فأصبح باهتا كالخيال .
حملني الفضول لأقف على حافة السهم راح خيالي يشبك الحروف حاولت أن أقرأ أسماء العشاق وأفك رموز حروف السهم ولكن كيف ؟
هذا محال
كبف أفك نقش العاشقين منذ سنين ؟
وأنا لا أعلم عنهم شيئا و لا أدري إذا ظلوا على وعدهم بالحب والوصال ، أو كان حالهم كحال طائر يحوم في البستان أو كحال أسراب الحمام ، كحال كل الغادرين .
تعلقت روحي بالرسم تساءلت هل الحب وسم مرسوم على الجدران أم أنه محفور على ماء البحر ؟
عندما يفترق المحبين بإرادتهم مخيرين ومع أول لحظات البعد سيدركان معنى انفصال الروح عن الجسد ، وتبدأ الصراعات الداخلية تحطم الجسد فيصبح هزيلا لا يقوى على أي شيء ، و يبقى العقل مأسورا لذلك الحب ، وتبقى تلك الأيام عالقة في كل تفاصيلها لا تغادر صغيرة ولا كبيرة ، عندها سيفعلان كل ما بوسعهما ليتخلصا من قرار الفراق وبقوة جذب أشبه ما تكون شحنات سالبة وموجبة تعود وتقترب وتلتصق الروح بالجسد وتعود الحياة من جديد .
وعندما يكون الفراق إجباريا تموت الروح ويبقى الجسد هائما في هذه الحياة ، يظل مشلولا ثقيل ظله لا يقوى على الحراك ، لا قدرة لديه على أي تقدم ، و يخلد في نار الأحلام .
لا نحتاج لعيد (فالنتاين) لتسويق الورد الأحمر ، الحب لا يحتاج إلى تسويق ؛ فهو مخلوق في الروح كما خلقت الشرايين وخلق النبض ؛ كما هي الحواس الخمس .
ما عادت الوردة الحمراء بيد الفارس تغني شيئا على اعتبار الحب ما سيكون ، وكأننا نبيع حقل قمح لم نزرعه ولم نحصده بعد فما أبخسها من تجارة !
يتزامن (الفالنتين)مع انهيار منظومة الأخلاق الإنسانية مع الوباء الإلكتروني الذي جعل الحب حرفين متتاليين دون معنى ؛ فأنا اليوم أحبك بجنون وغدا أهجرك وأغدرك وأحب غيرك ، و بضغطة واحدة على لوحة المفاتيح تبدأ كل يوم قصة حب خالية من أي مضمون أو معاناة .
تأتي المناسبات للشيء الذي يتكرر برتابة للشيء المقدس وهل عاد للحب أي وجود أو قداسة ؟
نخوض تجربة الحب وكأننا في حقل ألغام وبأي وقت قد تنفجر القذيفة وتحرق المشاعر وتنتحر الأشواق بأي لحظة .
نشعر و كأننا نحاول أن نشعل النار بقطعة من الثلج ؛ فيموت الحب بالمكابرة ويحيا بالتضحية .
وكتبت ذات مرة في دفتر مذكراتي قصة امرأة جاءت لتشكو لي همها من نصفها الثاني وتقول: نذرت له قلبي وأفنيت شبابي ووصلت الى نصف العمر وتجاوزت عمر الصبا فأعد لي زوجي مكافاة أراد تكريمي بها فاختار زوجة له في نصف جمالي ونصف ثقافتي و في نصف عمري و ضاع الحب .
كسلة فواكه تختلف في اللون والشكل والمذاق و تسقى بماء واحد ، تجمعنا المشاعر و الحاجة للحب الصادق .
فما أحوجنا ان نحب الحياة و الخير ونحب الله قبل كل شيء ؛ فهو الحب الأدوم و الألصق بالأخلاق ، ومنه تنبع كل الفضائل ؛ و يتوحد به الناس ؛ فيتراحمون ويتعاطفون فيما بينهم وتتعافى القلوب من براثن الغل والغدر .
وكما يقول أينشتاين : (المثل التي أنارت طريقي و منحتني ، مرة بعد مرة الشجاعة ؛ لمواجهة الحياة بمرح ، هي الحب و الجمال و الحقيقة وكل الجمال والحقيقة ؛ مصدرها الله .
فدوى بهجت خصاونه