حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الإثنين ,18 نوفمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 2669

الزميله علا عبداللطيف تنعي زوجها بكلمات مؤثره .. مرور أربعين يوما على سرير رقم "4"

الزميله علا عبداللطيف تنعي زوجها بكلمات مؤثره .. مرور أربعين يوما على سرير رقم "4"

الزميله علا عبداللطيف تنعي زوجها بكلمات مؤثره .. مرور أربعين يوما  على سرير رقم  "4"

14-02-2021 10:24 PM

تعديل حجم الخط:

سرايا - في غرفة العناية المكثفة بالطابق التاسع في مستشفى الملك المؤسس عبدالله الجامعي ، كنت أنتظر السماح لي برؤية زوجي بعد أن تم تحويله من مستشفى الأميرة بسمة بعد مرور ما يقارب حوالي أسبوعين في ذلك المستشفى .
قالت ممرضة لزميلها: "سرير رقم 4".
ناداني الممرض: ادخلي.
قلت لنفسي: لحظة، هذا اسمه علي محمد علي !
ذهب الممرض وبدأ مع زميلته حديثًا لم أسمعه رغم ارتفاع صوتيهما.
كان في صدري ضجيج وصخب وضوضاء وصور وذكريات تتزاحم وشريط ذكريات مضى عليها حوالي 19عاما .

تذكرت في تلك اللحظة ، التي أقف بها أمام الممرضين وهم يتجادلون عن وضعك الصحي ،شريط الذكريات منذ ارتباطي بك كنت لي الأب بعد أن فقدت والدي والزوج والحبيب، والأخ والصديق ، كنت الداعم لي في عملي ورفيق دربي رغم صعوبة العمل وتنقلي بين هنا وهناك تحملت الكثير، من اجلي ومن اجل لقمة العيش .

إنه ليس علي ، ولا محمد علي، بل محمد علي أكبر ولكنها ملامح زوجي التى لم تغيب عني ، كورونا اللعينة حاولت ان تغير من ملامح زوجي ولكن لم تستطيع ولم تتمكن بل تمكنت من تغير وظائف الرئة والكلى والتنفس وتمكنت من حبس الأوكسجين .

زوجي ليس سرير رقم 4، بل علي أبو زينة ، وهو أبو 5، وأخو 11، بل كان أبًا الجميع، على حداثة سنه.
ترك المدرسة صغيرًا ليعيل أسرة كبيرة ربّها رجل صارع الحياة وحيدا ، وإخوته صغار الذين فقدوا والدتهم ، تحمل قلبة منذ الصغر ما لا احد ان يتحملة ورغم ذلك كان قويا شامخا عزيزا ، وأخفى قلبه تعب ابن سبعين.
دخلت عنده، وكان نائمًا، بل منوّمًا ووعدني الطبيب ان سيتحسن وان علي بحالة جيدة ، ولكن مضى اليوم الثاني والثالث والرابع ، وعلي ما زال ممد على سرير رقم (4)دون حراك .

حوله أجهزة تزعق بغير نظام، وأرقام كثيرة غير مفهومة، رغم محاولاتي بمعرفة تلك الأجهزة وأمصال متعددة وأسلاك هائلة تدخل إلى جسده من أربعة أطرافه، والبرابيش تخفي ملامح وجهه.

22يوما والشمس تشرق علينا وتغرب، ونحن في ساحة المستشفى، نمضي نهارنا على مقاعد خشبية، كأن هدف مصممها ألا تكون مريحة، كي لا يطيل أحد القعود.

كنا نقعد قليلاً، ثم نمشي لنرتاح.
ولولا المبالغة، لقلت إنني أحصيت عدد بلاط الساحة وأعمدة الإنارة وتعرفت على كل قريب وبعيد ليس الغاية قضاء الوقت وإنما البحث عن ذرة أمل وحالة شفاء تكون مشابهة لحالة زوجي .

تعرفت على الأطباء والممرضين وعمال النظافة، وكانوا في غاية الروعة والاحترام وعيونهم تنظر إلية نظرات الشفقة على حالي ، اسألهم في اليوم 30 مرة كيف صار زوجي في كل مرة اطرح نفس السؤال ولكن با أسلوب مختلف عن الأخر ولكن نفس النتيجة .

يسكت واحدهم، ثم يقول: آها، سرير رقم 4، ثم يتحدث، ولم أكن أسمع.
عمره 43 عامًا، وذو بنية جسدية قوية، ورياضي ومحب للعمل التطوعي ولا يعاني أي مرض مزمن.
أصيب في منتصف الشهر الماضي بكورونا، وساءت حالته يومًا إثر يوم.

لم يعد قادرًا على التنفس، فأخبرنا الأطباء أنهم سيضعونه على جهاز التنفس في العناية الحثيثة وسيكون في حالة صحية أفضل .

وكان معه في العناية سبعة أو ثمانية، والأطباء يقولون إن "سرير رقم 4" هو أسوأ حالة عندنا.

مات كل من العناية. وظل النائم على سرير رقم4.
قاوم كثيرًا، وكنا ننتظر فقط معجزة إلهية، كنا نظن أي تحسن طفيف في أي فحص يومي، أحد إرهاصاتها، رغم فشل أعضائه تباعًا.
فجر يوم الثلاثاء الخامس من شهر يناير الماضي ، فارق النائم في سرير رقم 4 الحياة على وفاة أربعون يوما .
مات علي ابو زينة ، رقمًا آخر في إحصاء وزارة الصحة لموتى كورونا.

وما زال البعض منكم يتهاون في التعامل مع ذلك الفيروس الخبيث أرجو الالتزام با التعليمات الصحية حماية لكم ولا أنفسكم .








طباعة
  • المشاهدات: 2669

إقرأ أيضا

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم