17-02-2021 08:35 AM
بقلم : الدكتور رافع البطاينه
من المعلوم أن النظام الإنتخابي لأي بلد هو نتاج ظروفه التاريخية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية، والنظام الأمثل لبلد ما ليس هو بالضرورة الأمثل لبلد آخر، ولا يوجد نظام إنتخابي حسن وآخر سيء، حيث أنه يوجد في العالم العديد من الأنظمة الإنتخابية منها، نظام الأغلبية التعددي الفردي، ونظام التمثيل النسبي، أو نظام مختلط يجمع بينهما.
وبشكل عام، فإن الديمقراطيات العريقة التي اتسم نظامها الحزبي بالإستقرار كما هو الحال في بريطانيا، والولايات المتحدة الأمريكية، وفرنسا، تأخذ بنظام الإنتخاب الفردي، فيما تأخذ معظم الديمقراطيات المعاصرة بنظام التمثيل النسبي. ومن الأنظمة الإنتخابية المعاصرة هي :
- نظام الدوائر، يقوم على تقسيم البلاد إلى مجموعة مناطق، أو دوائر إنتخابية صغيرة أو كبيرة يترشح فيها عدد من المرشحين المتنافسين، وقد يكون للدائرة نائب واحد، أو أكثر من نائب.
- نظام الإنتخاب الفردي، يقوم هذا النظام على أساس أن يكون لكل دائرة نائب واحد، ويفوز المرشح الذي يحصل على أعلى الأصوات بمقعد الدائرة. ومن الدول التي أخذت بهذا النظام كندا وبريطانيا.
- نظام قائمة التمثيل النسبي، يستخدم هذا النظام القوائم المغلقة، التي تعدها الأحزاب حيث يعرض على الناخبين قوائم بأسماء مرشحي الأحزاب المتنافسة في الإنتخابات في ظل دوائر موسعة، تشمل اكثر من نائب للدائرة الواحدة. بحيث يقوم الناخب باختيار قائمة كاملة من قوائم الأحزاب في دائرته، دون إجراء أي تعديل عليها. وقد يتم الإنتخابات على مستوى البلاد ككل، أي اعتبار البلاد دائرة انتخابية واحدة، وتكون أسماء المرشحين في القوائم الحزبية متساو لعدد أعضاء البرلمان، ومن أمثلة الدول التي تأخذ به، إيطاليا، تركيا، إسبانيا، النمسا، وغيرها الكثير من الدول.
- نظام القائمة المفتوحة، يأخذ هذا النظام بمزيج من نظام القائمة، ونظام الإنتخاب الفردي، ويصلح في الدول التي لم تتبلور فيها حياة حزبية واضحة، حيث تقدم الأحزاب في هذا النظام قوائم بمرشحيها، كما يمكن تشكيل إئتلافات بين المرشحين، وتشكيل قوائم للمستقلين، وبخاصة في الدول التي لا تكون فيها أحزاب، أو تكون الأحزاب غير فاعلة، ويعطى الناخبون حرية اختيار عدد من المرشحين يساوي عدد المقاعد المخصصة للدائرة.
ومما تقدم، يتضح لنا أنه لا يوجد إجماع أو أغلبية في العالم على اتفاق على نظام انتخاب محدد، فلكل دولة لها نظامها الانتخابي الذي يخدمها ويخدم شعبها بما يتناسب مع ظروفها السياسية والاقتصادية والاجتماعية. لأن تشريعات الإنتخاب تشكل حجر الأساس في النظام الديمقراطي.
لذلك علينا في الأردن أن نتفق ونتوصل إلى نظام انتخاب يتوافق عليه معظم التيارات والأطياف السياسية والمجتمعية، ويلبي المصالح الأردنية العليا التي تعزز الإستقرار الإجتماعي والسياسي والأمني، ويعيد الثقة الشعبية بمجلس الأمة.
وباعتقادي أن النظام الإنتخابي الذي يخدم الأردن هو أن يكون لكل ناخب ثلاثة أصوات على أن يكون من ضمنها صوت للكوتا النسائية، وبذلك نكسر قاعدة الصوت الواحد، ونتيح الفرصة سواء للأحزاب أو للتيارات السياسية او المجتمعية ان تتآلف بكتل مصغرة وفق برامج إنتخابية واضحة، على أن يكون التصويت للقائمة كاملة حتى نحد من عملية بيع وشراء الأصوات، وحجب الأصوات بين المرشحين عن بعضهم البعض. لأنه من الصعب أن يتفق جميع مرشحي القائمة على شراء الأصوات، أو قد تكون الظروف المالية لبعض مرشحي القائمة متواضعة، ولا تسمح بشراء أصوات بمبالغ طائلة. كما أنني لست مع تخصيص مقاعد كوتا للأحزاب السياسية لأنه مخالف للدستور الأردني، فعلى الأحزاب السياسية في الأردن أن ترتقي بعملها وأدائها لمستوى تستطيع معه إقناع الناس ببرامجها وأهدافها، لجذب الناخبين لانتخاب مرشحيها. لا أن تعتمد على الكوتا وكأنها أقلية أو حالة إنسانية.
وفي المحصلة، فإن قانون الإنتخاب في غالبية المجتمعات والبلدان هو قانون جدلي، لأنه لا يوجد إجماع على نظام انتخابي معين، ولكن المهم هو الوصول إلى توافق حوله.
وختاما، فإن النظام الانتخابي وبشكل عام، يكون ناجحا كلمااستطاع أن يعكس الإرادة الشعبية ويعبر عن توجهات الناس بصدق، وفي هذا المجال يصعب الحديث عن نظام انتخاب مثالي.
إن الإنتخابات أولا وأخيرا، ليست معركة من أجل البقاء، وإنما هي تنافس على الخدمة.