21-02-2021 07:31 PM
بقلم : المحامي علاء مصلح الكايد
تتيح مهمة المحاماة لصاحبها إطلالة بانوراماتية تجعل منه شاهد عيانٍ على القطاعات المختلفة، ومن أبرز تلك القطاعات الإستثمار.
وكما نلاحظ، يخضع ملف الإستثمار للعديد من الجولات التقييمية غير المترابطة والتي يغلب عليها التعامل مع الملف بالقطعة حيناً وبالفزعة في أحيان أخرى، بشكل موسميّ أو طارئ.
ولم يسفر عن الجهود المبعثرة جديد، فما زالت الكتب المتعلقة بالإستثمار تنتظر البريد لينقلها من وزارة أو دائرة لأُخرى، أو تراوح مكانها على طاولة مسؤول أملاً بإجابة طلب، وتساوي في أهمّيّتها المعاملات الروتينية اليومية، فالعين التي تطالع شؤون المستثمر ضمن حدود إختصاصها مجرّدةٌ لا تؤمن بقيمة النتيجة المرتجاة والتي يحتاجها الوطن وينتظرها.
كما دفعت الريبة المتزايدة للغرق في تفاصيل فحص أصول رؤوس الأموال ومنابت أصحابها، وتراكمت الإختصاصات ليضيع دم الملفّ بين الجهات ذات العلاقة، وقد يضيع حقيقة أو مجازاً!
وبالمقابل، فُتِحَت طرقٌ موازية أتاحت عبر ما وفّرته من وسائل غير مشروعة حالة زواجٍ ( قسريّ )يلتجئ عبره صاحب رأس المال للإرتباط مع بعضٍ ممّن في السلطة أو على مقربة منها بحثاً عن ظهرٍ ومُعين يذلّل العقبات ويكسح المطبات الصناعية في طريقه عند الحاجة، ليكون الناتج المتمثل بصورة ( مولود غير شرعي ) فسادٌ وإستثمارٌ للوظيفة وتربُّح وإثراء!
ليحلّ التفاضل بدلاً من التكامل، بين مستثمر يعيث في الأرض فساداً وآخر لم تنفعه المنافسة الشريفة.
وبالمحصّلة، راوحت مشاريع مكانها بين كتب معطوفة وإشارة تتلو أختها لتشبه بعض أضابير الإستثمار أضابير الدعاوى في أروقة القضاء! وغادر مستثمرون مع شكاياتهم التي شكّلت حاجزاً نفسيّاً لدى أقرانهم، وبقي السؤال الكبير برسم الإجابة : ما هي موانع الإستثمار و/أو معوّقاته في الأردن ؟!
أما الموانع فهي كثيرة تزيد عمّا أسلفنا وأُشبِعَت ذِكراً ونقاشاً، لكنّ الأهمّ هو الحلول.
ما من أحد يملك العصا السحرية لتبديل الحال، ولا شك بأنّنا نتحدث عن منظومة تبدأ في سفاراتنا بالخارج وتنتهي بأصغر موظف في دائرة معنية بالإستثمار، لكن - برأيي - فإن " المركزية " هي الدّواء.
وعليه؛ قد تُختزل البداية بشخص واحد، يتولى زمام هذا الملف برتبة وزير، تجمّع الصلاحيات بيد مجلس يرأسه ويتفرغ كل مفوّض فيه لعمله، يكون لقراراتهم صفة إدارية قطعيّة لا سلطان عليها إلّا للقضاء، يجتمع مع المستثمرين بصورة دوريّة ويقدم طلباتهم للجهات المختصة لغايات التنفيذ، كما يتولى الرقابة على سير العمل لدى الجهات المختصة لغايات مكافأة المنتج ومحاسبة المقصّر و/أو إقصاءه، شخص لا يغريه زخرف الوظيفة بل مستعدّ لإستقبال المستثمر الخارجي عند درج الطائرة والمحلّي على باب مركبته.
لقد أثبتت تجارب الدول كـ- سنغافورة - وغيرها أن الإستثمار إرادة وقرار، وأن كثرة الطباخين في أي ملفٍّ يفسده، فالزحام يعيق الحركة ويعدم القرار ويُغيِّب التقييم فلا يُعرف من المُجِدُّ من المعطِّل!
إن المقصود بالإستثمار في هذه المقالة هو الداخلي والخارجي على حدٍ سواء، ومن المؤلم أن نمتلك ميزاً يندر أن تجتمع في دولة واحدة، ولا نحافظ على الإستثمار رغم ذلك!
وما طُرح ليس إلّا نقطة الإنطلاق الرئيسية، والحديث بقيّة.