25-02-2021 01:11 AM
سرايا - يتناقض معيار اشتراط الشهادة الجامعية، أو مؤهل علمي معين، للمترشحين القادمين للانتخابات البلدية، مع بنود الدستور التي تؤكد أن "الأردنيين سواء أمام القانون لا تمييز بينهم”، بل و”يخل في مبدأ العدالة الانتخابية”، وفق خبراء في الشأن البلدي.
ورغم أن هذا الشرط، لم يتم التأكيد على إدراجه في معدل مشروع قانون الإدارة المحلية، الذي يتم إعادة النظر في بنوده حاليا من قبل الحكومة، لكن الخبراء يؤكدون أن "المؤهل العلمي لا يعني بالضرورة أن يمنح المترشحين قدرات ومؤهلات عملية تمكنهم من قيادة العمل البلدي بنحو أفضل، في ضوء تجارب سابقة أثبتت أن قياديي البلديات ممن حققوا إنجازات كبيرة كانوا يتمتعون بالحد الأدنى من المؤهلات العلمية”.
وتنص المادة السادسة من الدستور الأردني، في الفقرة الأولى منه، على أن "الأردنيين أمام القانون سواء لا تمييز بينهم في الحقوق والواجبات وان اختلفوا في العرق أو اللغة أو الدين”.
لكنهم شددوا على "ضرورة أن يتم خفض عمر المترشح ليصبح 18 عاما بدلا من 25، لإتاحة المجال أمام الفئة الشبابية لخوض التجربة، كون العديد منهم يمتلكون جرأة في طرح الأفكار، والمبادرات غير المألوفة، مع إطلاعهم الواسع على التكنولوجيات الحديثة”.
وأكد مدير عام مركز الحياة لتنمية المجتمع المدني "راصد” عامر بني عامر أن "من يحق له التصويت يملك ذات الحق في الترشح، وهذه تعد من إحدى الممارسات الفضلى في الانتخابات، لذلك فإن اشتراط شهادة جامعية، أو مستوى تعليمي معين للمترشح يخل بالعدالة الانتخابية”.
واستند، في رأيه، على أن "حملة الشهادة الجامعية ليس لهم أفضلية على أولئك الذين لم يحصلوا عليها، حيث أن كثيرا من التجارب أثبتت أن قيادات البلديات على مر أعوام ماضية، لم يتحصلوا على مؤهلات علمية كبيرة، لكنهم أداروا بلدياتهم على نحو جيد”.
لكنه شدد في حديثه له على أن "البلديات الكبرى تحديدا لا بد أن يتمتع من يرأسها بفهم علمي معين، لأن طبيعة المشاريع الهندسية والموازنات المالية، وغيرها من الشؤون، تتطلب حدا أدنى من المعرفة العلمية، وباستثناء ذلك فإن اشتراط المؤهل غير مبرر”.
وأشار إلى أن "مدراء البلديات يتولون زمام إدارة الشؤون التقنية في البلدية، لذلك لا بد أن تمنح الحرية للمواطنين في اختيار مرشحيهم، وحتى وإن كانوا لا يمتلكون أية مؤهلات علمية، لكنهم يتمتعون بالمهارات العملية الكبيرة والمتراكمة”.
ومن وجهة نظره فإن "الفئة الشبابية أمامها فرصة كبيرة في الانتخابات البلدية القادمة، لأن التجربة الماضية أثبتت أن لديهم الرغبة في المشاركة، لذلك لا بد أن يصبح السن القانوني للترشح 18 عاما وليس 25، لأنه سيفتح المجال أمام العديد منهم لخوض غمار التجربة”.
ورغم ذلك "فأنا غير متفائل أن يفوز الشباب بأغلبية المقاعد في الانتخابات البلدية، بسبب أن تفكير المجتمعات ما يزال ينصب نحو انتخاب من هم الأكبر عمرا”.
وحول مشروع قانون "الإدارة المحلية”، شدد بني عامر على "ضرورة أن يتم تضمينه تعديلات من أهمها إزالة أية بنود تمس في استقلالية البلديات، أو تسمح للسلطة التنفيذية بالسيطرة على صلاحيات المجلس البلدي المنتخب”.
كما لا بد من أن "يتم تشكيل مجالس المحافظات بشكل يضمن عدم تنازعها مع المجالس البلدية، بحيث يصبح العمل بينهما تكامليا وتنسيقيا، مع الحفاظ على حق المواطنين باختيار ممثليهم”.
وأكد "أهمية إدخال تعديل على الصلاحيات المرتبطة في مجالس المحافظات، دون أن يكون هناك مجال للتأويل والتفسير فيها، والتي كانت سابقا جعلت العلاقة بينها وبين المجالس التنفيذية والبلدية يسودها نوع من التوتر والتنازع في الصلاحيات”.
ويتفق وزير البلديات الأسبق علي الغزاوي مع سابقه في أن "الشهادة الجامعية رغم أهميتها لكنها لا تعني بالضرورة أن يتمتع صاحبها بالمؤهل العملي المطلوب، وإذا كان هناك توجه لتطبيق هذه المسألة على المترشحين للبلديات، كان الأجدى تنفيذه على مترشحي مجلس النواب”.
وأكد أن "المساواة والعدالة أمر كفله الدستور الأردني بين المواطنين كافة، بغض النظر عن دينهم أو مؤهلهم العلمي وغير ذلك من الأمور الأخرى، ما يستدعي أن يكون هذا الحق هو الأساس في الترشح للانتخابات البلدية”.
وأضاف، إن "المرحلة المقبلة ستكون للفئة الشبابية، حيث أن الإمكانيات والاطلاع على التكنولوجيا واستخدام التقنيات الحديثة التي يمتلكونها مع روح المغامرة، وخوض غمار التحديات، التي يتمتعون بها، بعيدا عن العمر، تجعلهم أكثر جرأة على طرح الأفكار والمبادرات غير المألوفة”.
ووجه الخبير في الشأن البلدي رائد سامي العدوان "انتقادا للحكومة لتسميتها مشروع القانون بالإدارة المحلية، لأن ما يعنيه هذا المصطلح في الدول التي لديها وزارات تحمل هذا المسمى، تُعنى بشكل حقيقي بالوحدات الإدارية والبلدية”.
وأوضح أن "المحافظين يتبعون لتلك الوزارات في دولهم، وبذلك لا يعقل ومنذ تأسيس الدولة الأردنية أن تكون الإدارة المحلية مقرونة بقطاعي البلديات، والمحافظات والوحدات الإدارية، لذلك فإن التسمية في غير مكانها الصحيح”.
وبخصوص المؤهل العلمي فإنه، وبحسب العدوان، "يصطدم مع المادة السادسة من الدستور الأردني، والتي تشير إلى أن كل الأردنيين سواسية، لكن لا يعقل أن العمل البلدي في المملكة، الذي يتميز بأنه تنموي وفني وتنظيمي، أن لا يتمتع قياديوه بالمؤهل العلمي الذي يتناسب وهذه الإمكانيات”.
ولفت الى أن "تعريف الفئة الشبابية في الأردن غير واضح، بمعنى أن كل فرد عاطل عن العمل يندرج تحت تلك الصفة، ولهذا فإنه من الصعب إدراجها ضمن التعديلات”.
ولكن في رأيه فإن التعديلات التي تسهم في تحسين العمل البلدي لا "تكمن في عدم وجود رئيس بلدية، وإنما رئيس للمجلس البلدي، يتولى مهام وضع وتنفيذ السياسات والاستراتيجيات، والقيام بعمليات المتابعة والرقابة، وأن يمتلك مكونا ماليا إداريا حكوميا، يعمل تحت إشرافه”.
وهذه الخطوة، بحد قوله "ستمكن البلديات من تحصيل مواردها المالية، والضرائب، والمستحقات المترتبة على المواطنين لصالحها، جراء الخدمات التي تقدمها لها”.
والقضية الأخرى، من وجهة نظره، والتي يجب أن تولى الأهمية في التعديلات "عدم اشتراط التفرغ للعمل البلدي للمترشحين، والذي لا يوجد لها أي مبرر واضح ومفهوم”.
وبين أن "التعديلات في القانون لا بد أن تجعل المنتخبين القادمين قادرين على التعامل بكل سهولة ويسر مع العمل البلدي، وأن تلبي بنوده احتياجات المواطنين في المناطق المختلفة، مع مراعاتها للأمور التنظيمية بين البلديات المختلقة”.
وشدد على أن "الاستعجال في إصدار مشروع القانون المعدل غير صحيح، لا بد أن يفتح للنقاش بشكل موسع، ومتأن، كي يتواءم والمتطلبات العصرية، ويضمن الاستجابة لمتطلبات المواطنين ويوجد الحلول لمشكلاتهم”.