25-02-2021 04:14 PM
سرايا - قال جلالة الملك عبدالله الثاني، الخميس، إن الولايات المتحدة بالطبع ليست غريبة عن الشرق الأوسط، ولها دور قيادي محوري في تعزيز أمن واستقرار المنطقة.
وأضاف، خلال كلمة في معهد بروكنجز، الذي يعقد افتراضيا بعنوان "الشرق الأوسط والإدارة الأميركية الجديدة": "من المشجع أن نرى التزام الرئيس بايدن المتجدد بانخراط الولايات المتحدة على الساحة الدولية".
وتابع الملك: "في هذه الأوقات الصعبة تزداد الحاجة لصوت أميركا المتزن وجهودها لاستعادة الزخم للنظام العالمي المبني على الشراكة، الذي يضع صحة ورفاه جميع الشعوب في عمق أولوياته. وستجد الولايات المتحدة في الأردن دوما شريكا ثابتا، فعلاقتنا هي صداقة والتزام مشتركان ممتدان عبر أكثر من سبعة عقود، بنيناها بفخر معا على مر السنين".
وقال الملك إن التحدي الأكثر إلحاحا هو فيروس كورونا، الوباء الذي حصد أرواح ما يزيد عن 2 مليون شخص حول العالم، ولكن قد يكون بإمكاننا تجنب المزيد من المأساة وأعداد الوفيات المرتفعة من خلال ضمان التوزيع العادل للقاح في جميع أنحاء العالم.
وأضاف: "لا يمكننا التخلي عن أحد، والأردن يقوم بدوره في هذا الصدد، فنحن دائما على قدر المسؤولية، حيث شملنا اللاجئين في خطة الاستجابة لفيروس كورونا وخطة توزيع اللقاحات، فأول لاجئ تلقى اللقاح في العالم مجانا، كان في الأردن".
وقال الملك: "على الرغم من غياب قصص اللاجئين عن عناوين الأخبار اليومية، لا بد من تذكير العالم بأن أزمتهم لم تنته بعد".
وأضاف أن "تقديم الدعم للوكالات الدولية التي تتصدر جهود الإغاثة، مثل منظمة الصحة العالمية، ومفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، ووكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، متطلب أساسي لتمكينها من مساعدة المجتمعات المعرضة للخطر، لتجنب تبعات الجائحة بعيدة المدى على الصحة، والمعيشة، والتعليم، والأمن الغذائي".
وتابع الملك أن مخاطر الأمس، وإن كانت مختبئة بعيدا عن الأنظار، لا تزال تهدد عالمنا اليوم. إن تكريس اهتمامنا ومواردنا لمكافحة الوباء، جاء على حساب تركيزنا على محاربة الإرهاب والتطرف، وقد نكون كسبنا المعركة، لكن الحرب لم تنته بعد، فغياب المساواة والأزمات المتزايدة التي تلوح في الأفق بسبب الجائحة ستغذي عمليات التجنيد التي تنفذها العصابات من أمثال داعش وبوكو حرام والشباب والقاعدة.
وقال الملك "بالإضافة إلى الآثار الاقتصادية والإنسانية لجائحة كورونا، تواصل المنطقة التصدي لتداعيات الصراع والنزوح في دول مثل سوريا واليمن"، مضيفا: "نتطلع، مرة أخرى، لدور الولايات المتحدة الأمريكية القيادي وتعاونها مع شركائها في الشرق الأوسط وحول العالم، للتصدي لهذه التهديدات".
وأضاف الملك: "كان لي شرف التحدث أمام معهدكم الموقر عند افتتاح مركزكم لسياسات الشرق الأوسط قبل 19 عاما، وتحدثت حينها عن الحاجة لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وهو القضية المركزية في الشرق الأوسط".
وتابع الملك: "أنا متأكد أن زملاءكم كتبوا عددا لا يحصى من المقالات حول هذا الموضوع بالتحديد، لذا يمكنكم تخيل حجم الإحباط الذي يعاني منه الذين ما زالوا يعيشون في خضمّ ذلك النزاع الذي طال أمده، غير قادرين على المضي قدما".
وقال الملك: "الاحتلال والسلام، بكل بساطة، نقيضان لا يجتمعان. وللشعب الفلسطيني الحق بقيام دولتهم المستقلة، ذات السيادة والقابلة للحياة، على خطوط الرابع من حزيران/ يونيو عام 1967، لتعيش بأمن وسلام إلى جانب إسرائيل".
وأكد الملك على أن "لا بديل عن حل الدولتين، والخطوات الأحادية المستمرة ستقتل فرص السلام.
وأضاف الملك "الاحتلال، الظلم، اليأس، التمييز العنصري ... هذه وصفة علمنا التاريخ ألا رابح فيها، فهي تنتج الخاسرين والمعاناة فقط".
وتابع الملك: "هناك فرصة للبناء على التطورات التي شهدناها أخيرا. علينا إعادة إحياء الأمل في فرص نجاح السلام، كما علينا أن نمكن شبابنا من الاقتراب من مستقبل لطالما بدا لهم بعيد المنال. ويحمل الدور القيادي للولايات المتحدة هنا أهمية حيوية".
وأكد على الأردن "سيبقى مستعدا على الدوام للمساهمة في أي جهود لإعادة إطلاق مفاوضات السلام، كما سنظل ملتزمين بالوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، للحفاظ على هوية المدينة. فالحفاظ على القدس الشريف، مدينة للإيمان والسلام، مسؤولية نتشارك بها جميعا".
وتابع الملك :"يحتفل الأردن هذا العام بالذكرى المئوية لتأسيس الدولة. خلال المئة عام الماضية، تعلمنا كيفية التعامل مع العديد من الأزمات الإقليمية والدولية، واكتسبنا صمودا وثقة، يحثان خطانا اليوم نحو الأمام".
وأضاف: "لكننا تعلمنا أيضا أن استمرار غياب العدالة في منطقتنا سيقوض تقدمنا جميعا، فالازدهار في الشرق الأوسط لا يمكن أن يؤتي أكُله دون السلام، علاوة على المكاسب الإيجابية التي سيحققها ذلك للعالم بأسره".
واختتم الملك كلمته قائلا: "حان وقت العمل على حل النزاعات بدلا من إدارتها، والتركيز على الهدف النهائي، بدلا من فقدان البوصلة في حيثيات العملية. نحن مدينون بهذا لعالمنا، فلنتعلم من أخطاء الماضي، ولنسلك الطريق الأسمى، طريق السلام".