بقلم : رهف العلي

العنف بشكلٍ عام هو سلوك سلبي يؤذي الآخرين سواء أكان هذا العنف جسديّاً باستخدام القوة الجسدية كالضرب مثلاً ، أم نفسياً باستخدام بعض التصرفات السلبية التي ينتج عنها اذى نفسي عميق كحملات التحريض ضد المرأة ، أم لفظياً باستخدام الالفاظ والعبارات النابية ، وينتج عن العنف آثار سلبية للفرد والمجتمع على حد سواء ، حيث لا يمكننا انكار ان العنف اصبح إحدى الظواهر المجتمعيّة المنتشرة في جميع المجتمعات ، مع عدم اغفال ان العنف بشتى اشكاله لا يقتصر على فئةٍ عمريّةٍ معينة ، ومن هنا يمكننا تعريف العنف انه عبارةٌ عن قوةٍ جسديةٍ أو لفظيةٍ أو حركيةٍ تصدر من طرفٍ ما تجاه طرفٍ آخر، فتلحق به الأذى الجسدي والنفسي.

يعتبر العنف الممارس ضد المرأة احد انواع العنف المجتمعي الذي يستهدف المرأة المعنفة بشكلٍ خاص ، كما ان العنف الموجه ضد المرأة جذوره ضاربة بعمق التاريخ وليس وليداً جديدأ فهو ظاهرة قديمة تتعرض المرأة من خلالها للتهميش والتمييز العنصري الذي يمارسه الرجال عليها في بعض بلدان العالم بشكل عام , وفي بعض المجتمعات بشكل خاص , ويُعد من أحد اكبر الانتهاكات لحقوق الإنسان انتشاراً واستمراراً , بالرغم من التشريعات والقوانين والاجراءات التي وجدت للحد من انشاره وديمومته السلبية .

تتنوع اشكال التعنيف ضد المرأة من خلال ممارسة افعال التعنيف الجسدي أو النفسي او اللفظي او الجنسي او التهديد والحرمان من الحرية وسلبها ، سواء من قبل المجتمع ككل أو من قبل الأشخاص ، ومهما كان شكل التعنيف الذي يمارس ضد المرأة , فان هناك اسبابا تؤدي الى استخدامه يجب علينا محاربتها , لمكافحة تعنيف المرأة .

أسباب العنف ضد المرأة :
1. السبب الرئيسي هو استسلام المرأة للعنف والرضوخ وعدم رفضها لممارسة العنف ضدها وتقبلها له , ، فلن يستطيع أحد من التمادي على المرأة إن رفضت ذلك ودافعت عن نفسها بمختلف الوسائل المتاحة أمامها.

2. الجهل عند البعض من اهمية المرأة وانها نصف المجتمع , وهذا الجهل ناتج عن عدم المقدرة على تمييز أهمية المرأة في المجتمع ولزوم احترامها ، وقد يكون هذا الجهل موجوداً لدى المرأة نفسها , أو لدى الرجل الذي يحب أن يسيطر عليها ويجعلها تخضع لأوامره ورغباته.


3. التربية البيتية لدى بعض الرجال قبل الزواج , والتي تُبنى على أساس العنف ، مما يَخلق عنده شخصية ضعيفة ومهزوزة محبة للسيطرة ، لا يستطيع التخلص منها إلا بطريقة ممارسة التعنيف على من هم أضعف منه جسدياً كالمرأة التي تقع بين يديه وتحت سلطته ، وكذلك تربية الأبناء في بيئة تفتقر لإحترام المرأة وخاصّةً من قبل الأب على الأم.


4. وجود بعض العادات والتقاليد التي تصغر من حجمِ المرأة وقدرها في المجتمع ، وتضخم من قدر الرجل ، مما يؤدي إلى جعلِ الرجل يمارس سلطاته على المرأة دون أي رحمة أو وعي.


5. وجود بعض الأعراف الاجتماعية السائدة في بعض المجتمعات والتي تعزز العنف ضد المرأة ، وذلك وفقاً للعديد من الدراسات الثقافية الإثنوغرافية والأنثروبولوجية ، فقد بيّنت تلك الدراسات وجود قبول للعقابِ الجسديّ للزوجاتِ في نلك المجتمعات ، بل إنّ بعض المجتمعات الأخرى إعتبرته شيئاً ضرورياً.


6. يمكن إعتبار تبعية المرأة ماديا للرجلِ وعدم استقلالها المادي وإعتمادها على الرجل في العيش ، سبباً من أسبابِ العنفِ ضد المرأة حيث سيشعرها ذلك في بعضِ الأحيان بالضعفِ والحاجة للرجل بالرغم من عدمِ إحترامه لها وعدم حفظه لكرامتها وكيانها.


7. تدني المستوى التعليمي للمرأةِ وعدم معرفتها بواجباتها وحقوقها , حيث يجهل أفراد المجتمع بحقوق المرأة وطريقة معاملتها وأيضاً عدم معرفة المرأة بحقوقها والمطالبة بها يجعلها من أكبرِ العوامل المساعدة والمحفزة للرجلِ في إظهارِ العنف ضدها بأي شكل من أشكال العنف.


وقد أحسنت صنعاً مملكتنا الحبيبة في إيلاء المرأة الإهتمام اللازم من خلالِ إنشاء المؤسسات الحكومية التي تهتم بشؤون النساء المعنفات , وهذا يظهر جلياً من خلال إنشاء إدارة حماية الأسرة التابعة لمديرية الأمن العام عام 2003 .

وأخيراً علينا جميعا كمؤسسات , وأفراد نشر الوعي في المجتمع عن أهمية المرأة في المجتمع , وعن كونها تشكل نصف المجتمع ولا يجوز ممارسة أي شكل من أشكال العنف عليها , كونها إنسانة لها نفس حقوق الرجل وواجباته. كما علينا توعية المرأة بحقوقها وبقيمتها في المجتمع ، وتعليمها كيف تكون إنسانة متعلمة ومثقفة ومستقلة فكرياً ومادياً عن الرجل , بشكل مبني على إحترام كل منهما للآخر , لتحقيق الحياة الكريمة وإزدهار الوطن .