01-03-2021 08:48 AM
سرايا - مشهد عميق جدا في دلالاته لم يكن مألوفا في الماضي الأردني و يثير غابة من الأسئلة و يقرأ من سلسلة طويلة من الزوايا الحرجة.
شرطي وموظف مسؤول عن تفتيش المطاعم لصالح وزارة السياحة يلتقطان صورة لعشاء في أحد مطاعم عمان الراقية “لمخالفة” نظامية لمضمون أوامر الدفاع.
يدخل موظف وزارة السياحة بـ”سروال جينز” و تي شيرت أحمر وإلى جانبه يقف على باب المطعم شرطي بالزي الرسمي.
يحضر المفتشان مع غيرهما من موظفي التفتيش بعد اتصال هاتفي مع صاحب المطعم فيلتقط موظف السياحة صورة لـ9 أشخاص مهمين جدا وبجرأة غريبة إلى حد ما و بمرافقة الشرطي.
ثم أمام الأشخاص الذين ظهروا في الصورة يأمر الموظف صاحب المطعم.. “راجع الوزارة يوم الأحد لتوقيع تعهد”.
تلك الرواية لم تكتمل وحصلت مساء الخميس الماضي و تم سماعها على لسان طبيب معروف جدا كان بين الضيوف على طاولة المطعم التي أطاحت بوزيرين كبيرين في الحكومة هما وزير الداخلية سمير المبيضين و وزير العدل بسام التلهوني.
الرواية نفسها تم الإفصاح عنها من قبل "المضيف" في تلك المأدبة الشهيرة وهو المقاول ضرار الصرايرة المصر على عدم حصول مخالفة من أي نوع في ذلك العشاء الذي انتهى على مأدبته في عاصفة سياسية أطاحت بوزيرين اتهما علنا بمخالفة أوامر الدفاع رغم أنهما المعنيان المختصان في الحكومة عن تنفيذ تلك الأوامر والتعليمات.
تلفت النظر جدا كيفية تصرف الوزير البيروقراطي العتيق سمير المبيضين فقد تقبل الأمر بهدوء ولم تبرز لا منه ولا من وزير العدل التلهوني ردة فعل ضد موظفي التفتيش الذين يقومون بواجبهم الوظيفي والقانوني.
حاول أحد الضيوف الاعتراض على التقاط الصورة.
زجره الوزير المبيضين رافضا أي اعتراض على موظف يقوم بعمله لكن المضيف الصرايرة كان في الأثناء يؤكد بأن العشاء لم يتخلله أي مخالفة للقانون ولا للتعليمات.
التقط الضبط مساء الخميس الماضي وجلس المبيضين في المكان نحو 40 دقيقة فقط وانتهى العشاء قبل ساعة وربع من بدء سريان حظر التجول الشامل.
تفاعلت القصة مع نهاية الأسبوع وانتهت بإقالة الوزيرين.
ثارت لاحقا ضجة واسعة النطاق واستفسر الأردنيون علنا عن غداء حضره وزراء ونواب في الماضي القريب
ويبدو أن طاقم التفتيش الذي لاحق الوزيرين كان قد تحرك بناء على معلومة وليس على “صدفة” لأن المخالفات توثق بالعادة بدون صور مع أن رئيس الوزراء الدكتور بشر الخصاونة قد لا يملك الصمت إزاء محضر يوثق مخالفة من هذا النوع حتى وإن كانت الكلفة تفكيك طاقمه ومحاسبة ومغادرة وزيرين سياديين بارزين.
هل مشهد وجود شرطي وموظف صغير يحرران مخالفة تطيح بوزيرين في الحكومة مبرمج ومقصود؟ سؤال في غاية الأهمية لأنه يدلل على صحوة كبيرة في مجال تطبيق القانون بعد الآن إذا كان الجواب بنعم.
وإذا كان الجواب بـ“لا“ فالفرصة متاحة لامتداح الإجراء بإقالة الوزيرين وهي خطوة وصفها الناشط أحمد أبو غنيمة بأنها “نقطة مضيئة في واقع مؤلم” متمنيا تكريس نهج إقالة المسؤولين بأثر رجعي لمن خالفوا القسم بالعشرات وانتهكوا القوانين.
لاحقا تنشر نسخة من وثيقة الضبط لمخالفة المنشأة وهي المطعم وتقول الوثيقة بأن الضبط صادر عن وزارة السياحة والآثار وقيمة المخالفة نحو 1500 دينار واسمها “وجود أكثر من ستة أشخاص على طاولة واحدة”. تقريبا لأول مرة تتسرب تفاصيل قصة من هذا النوع.
ولأول مرة أيضا يطيح موظف صغير برفقة شرطي برأسين كبيرين في الحكومة ومباشرة بعد حديث الملك عبد الله الثاني علنا عن تمكين المؤسسات الدستورية.
"القدس العربي"