06-03-2021 10:00 AM
بقلم : د. مارسيل جوينات
تضم ارض الرافدين رموز ومعتقدات الأديان السماوية عبر التاريخ، والتنوع الديني والثقافي والمذهبي والقومي وهذه الميزات يجب علينا تقديرها لما تحمله من محبة وسلام.
على هذه الأرض المقدسة العديد من أقدم الكنائس المسيحية في الشرق والعالم وكذلك العديد من الطوائف المسيحية من كلدان وسريان واشوريين وغيرهم. ومن يقرا التاريخ سيتعرف على الإرث الثقافي والديني الحضاري الذي مر عليها.
وتعد زيارة الباب فرنسيس راس الكنيسة الكاثوليكية الى ارض المشرق الزيارة المثالية في الوقت الصعب، ورغم المخاطر الأمنية وتفشي وباء كورونا لم تمنعه من الإيفاء بوعده للشعب العراقي الذي انتظر هذه الزيارة التاريخية، والتي تحمل رسالة المحبة والتآخي والعيش المشترك وتعزيز الحوار بين الاديان.
فهذه الزيارة تترجم وثيقة الاخوة الإنسانية، حرية المعتقد واحترام هوية كل ديانة.
وزيارة الحبر الأعظم البابا فرنسيس الى النجف واجتماعه مع مرجعية شيعية السيد علي السيستاني. وزيارة سهل أور « الرمزية الإبراهيمية» مسقط رأس النبي إبراهيم، واربيل والتي تعد محطة محورية في هذه الزيارة حيث سيقام القداس البابوي في ستاد فرانسوا حريري والموصل عاصمة محافظة نينوى وقرقوش التي كانت تضم مجتمع مسيحي لكن تم التهجير لهم والتدمير اثر هجمات « داعش». هذه المحطات العديدة تحمل معاني ورسائل ومضامين واضحة على المستويان الديني والسياسي لكونه رئيس دولة الفاتيكان بالإضافة للمكانة الدينية التي يحملها بكل مسؤولية ومحبة.
إن حلم القديس البابا يوحنا بولس يتحقق بهذه الزيارة اذ لم يتمكن قداسته من زيارة العراق عام 2000.
الشعب العراقي شعب معطاء وكريم وله فضل على العديد من الشعوب، وهو الان بجميع اطيافه واديانه ومذاهبه ومعتقداته من اشد الشعوب عوزاً وحاجة الى التفات العالم اليه، والى المآسي الذي يعيشها، وخاصة في العقود الثلاثة الأخيرة. هذا الشعب الجريح الذي واجه العديد من الحروب والانقسامات والاحتلال بشكل مباشر او غير مباشر بحاجة الان لان يضم جراحه ويعود الى حياته الطبيعية في ظل وجود العدالة والحرية والسلام.
ولا أستطيع إلا ان اذكر هنا الانتهاكات من جماعة داعش من استرقاق النساء والأطفال والعنف والجرائم والتهجير والتدمير، والتاريخ يسجل.
بلد الرافدين بلد الحضارات والثقافات والأديان تستحق منا النظر اليها بمحبة، ولنطلب من الله ان يعم السلام والاخاء بين أبناء شعبة وتعود وحدة واحدة يجمعهم انتماؤهم الى وطنهم اولاً. والنظر إلى ما يجمع هذا الشعب وليس إلى ما يفرقه.