13-03-2021 04:53 PM
بقلم : دينا زرقا
أجلسُ هُنا.. كل الأشياء حولي ملموسة لكنها جمادات ساكنة يا أيلول..
غارقة في الهدوء روحي ولا صوت إلاّ صوت أنفاس لا مصدر لها، يُخيّل إليّ أنها طيفك قد جاء إليّ من مدينة بعيدة يجلس إلى جانبي بُرهة من الزمن محاولًا الإطمئنان عليّ.
اطمئن، أحوالي كما هي لا جديد فيها إلّا أنني افتقدك وأنّ بُعدك صيّرني امرأة وحيدة ومجردة من إلهامك الدائم لي
كنتَ وحدك من تُعلمني كيف أصوغ ألاميَ نثرًا أو أنظم حبي قصيدة شِعرٍ مُخمليّة.
بعدك ما عاد قلبي يقدر على الحُب، أتوّسل إليه ألا ينزع نفسه مني أَو أن يلفُظْني مُستعينًا بالندم وحُجج أخرى واهية وأحاول أن أعقد صفقة صُلح وجبر خاطر بينه وبين عقلي ولكنه رافض تمامًا معتبرًا هذا استخفافًا بأوجاعه أو تحايُلًا عليها
لا يُؤلمني بُعدك هذا طالما أنك لم تختره، ما يؤلمني حقًا ملامح الخيبة البادية على راحة كفيك كلما مررتها على شاشة الهاتف اللعينة محاولًا لمسَ وجنتيّ، تنطقُ أصابعك أنك ها هنا بجانبي لسانك يُكبّلهُ عجزك عن القدوم إليّ..
أعرفُ أن خوفك عليّ لا يقلّ عن خوف أم على نُطفةٍ تتكون في جوفها، أفهم غضبك وغيرتك مهما حاولت التستُر عليها بأسباب غير منطقية ولا قادرة على إقناعي.
أصبحتُ أصحو من نومي خاوية من أيّ شعور -عدا الحنين والفزع- مُفرغة روحي من الفرح تمامًا
لا شيء قد جَدّ بحالي يا أيلول سوى أنّ قلبي صار أبكمًا وكفيفًا عن البشر كلهم ما عداك وغارقًا في حيرته منك وبين البُكاء على صدرك ومشاطرتك الحزن الذي يسكنُ كلينا أو البُكاء من قسوتك كعاشق تحول المسافات بينه وبين محبوبة لايستطيعُ ضمها إلى صدرها
آتيتُك خائبة ومليئة بالخطايا والندوب وعاهدتني أن لا تفلتَ يديّ مهما حدث
هذا طيفك زارني إذن، يجيءُ إليّ الآن يقتربُ مني بهدوء يحاول خطف قُبلة ما من شفتيّ، يجثو على رُكبتيه ويحاول إزاحة خصلات شعري المُنسدلة على ظهري ثم يطبعُ قُبلة علي كتفي الأيسر بشفتيه الدافئتين، فترجع لجناجيّ عافيتها بعد أن كسرهما فراقك وتعود لي الدُنيا ببهجتها مُحمّلة بكل الذي سرقَتهُ مني ومعتذرة عما أحدثته
وتعيدُك إليّ بشغبك ذاته الذي لطالما أحببته فيك وذات الابتسامة الوادعة وذات الحُب الذي لا ينتهي يا أيلول ولا يَنضَبْ ولا يَفنى ..!