13-03-2021 10:57 PM
بقلم : الدكتور مدين جمال المحاسنة
ما حدث في مستشفى السلط دفعني لأكتب هذا المقال حيث لا يخفى على اي مواطن يقوم بمراجعة بعض دوائرنا الحكومية مقدار الترهل الاداري الذي تعيشه هذه الدوائر ودائما يدورالتساؤل التالي ما سبب كل ذلك ؟ وللاجابة على هذا التساؤل سأطرح بعض النقاط بصفتي مواطن يقوم بمراجعةهذه الدوائر الحكومية وبصفتي قدكنت موظفا عاما بوقت من الاوقات
أولا:التشريعات التي تحكم الوظيفة العامة والتي شهدت العديد من التعديلات وخاصة نظام الخدمة المدنية والتي تحتوي على نصوص جامدة لا تواكب التطورات التي تشهدها الادارة العامة، وخاصة فيما يتعلق بآلية تقييم الموظف العام ، فلا توجد ضوابط واضحة على ارض الواقع تبين هذه الآلية ،للتمييز بين الموظف النشيط والموظف الضعيف، فهذه الآلية وبالأغلب قائمة على العلاقة الشخصية مع المسؤول فقط وفي هذه الحالة ينعكس الامر سلبا على الادارة وموظفيها.
ثانيا : تفتقد دوائرنا ومؤسساتنا بشكل عام الى القادة الميادين وليس (مدراء) حيث ان توافر القادة الذين ينكرون انفسهم في سبيل عملهم وموظفيهم ومراجعيهم ويعملوا على ان يكون هناك تواصل مع موظفيهم وكذلك متلقي الخدمة، وهذا امر مهم فعدم وجود التواصل ما بين المسؤول والموظف اول خطوات فشل منظومة العمل داخل اي دائرة، وأيضا نفتقد لغة الحوار بين المسؤول الذي يعتقد انه على صواب ومتلقي الخدمة الذي يحتاج الى جواب مقنع.
ثالثا: التدريب الفعلي والواقعي لتطوير اداء الموظفين العمومين بشكل عام ضعيف من جميع النواحي والعمل على تطوير عقلية الموظف العام لمواكبة التطورات وتقبلها وعدم محاربتها فتدريبهم يكون فقط باوقات استحقاقهم للترفيع يعني(رفع عتب)وهذا الامر لا ينعكس بالايجاب على المرفق العام وكذلك تفتقد هذه التدريبات الى اعداد قادة لدوائرنا ومؤسساتنا فكلمة قائد تحتاج لموهبة وتحتاج الى تدريب عميق يؤهل الموظف العام لمواجهة الظروف الصعبة وكيفية اتخاذ القرار بالشكل السريع والسليم وكيفية بناء فريق قوي يساهم في ادارة هذا المرفق العام وللاسف موضوع التدريب يفتقر للنوعية والجودة وقلة الامكانيات في اوقات اخرى.
رابعا: نلاحظ ضعفا واضحا في الرقابة الميدانية الفاعلة لآداء الموظف العام فعندما نرى مسؤولا يقوم بالتجوال بين موظفيه وبين متلقي الخدمة نفرح ونقول (البلد بعدها بخير) وجلالة الملك ينادي بالعمل الميداني لكن هؤلاء قلة فالرقابة المبنية على الثقة والفاعلية تؤتي اكلها باسرع وقت بتحسين اداء الموظفين لعلمهم بوجود ثواب وعقاب .
خامسا : مما يحزننا ان بعض المسؤولين لا يعلموا بتفاصيل الاقسام الموجودة لديهم ولا بطبيعة عمل الموظفين لديهم ولا بواجباتهم وحتى اعدادهم فكيف تريد من هذا المسؤول الاداء القوي وهو جاهل بتفاصيل عمل دائرته.
سادسا: آلية اختيار الموظفين المسؤولين في مرافقنا العامة سواء رئيس قسم او مدير مديرية وغيرها من المسميات الوظيفية يجب ان تكون فعليا وفق آليات واضحة بعيدا عن المجاملة وبعيدا عن الخدمة في الوظيفة(العمر الوظيفي) بل يجب ان تكون وفق معيار الكفاءة فقط لاننا نعاني من المسؤولين المفروضين علينا في مواقعهم فقط لان خدمته كبيرة .
سابعا: يجب ان تكون انتاجية الموظف العام مرتبطة بآلية تقييمه واستحقاقة لاي منصب اداري مهما كان مسماه وانه في حال عدم الانتاجية يجب ان يكون هناك اجراءات فعلية تطبق على ارض الواقع بحيث يشعر بها متلقي الخدمة .
ثامنا: عدم الاهتمام بالكفاءات الادارية وافكارهم التي يقدموها والتي تنتهي عند أول مسؤول لا يهتم بابداع الموظف وتشجيعه حتى لو كانت هذه الفكرة صعبة التطبيق فتوضع في الادراج مع حلم هذا الموظف بالتميز.
تاسعا: اختلاف الاجراءات بين الدوائر الحكومية حتى التي تتبع وزارة واحدة وهذا امر يدفع متلقي الخدمة للسؤال عن سبب هذا الاختلاف وذلك في ظل عدم وجود اية ادلة ارشادية تبين الاجراءات التي تتم داخل هذه الدوائر.
عاشرا : عدم قيام الموظفين اصحاب الخبرة بنقل المعرفة للموظفين اصحاب الخبرة القليلة حيث أدى ذلك عند الاحالات الاخيرة للتقاعد الى حدوث فراغ كبير بسبب عدم وجود موظفين قادرين على سد هذا الفراغ ولذلك يجب على جميع الاجهزة الادارية بالزام اصحاب الخبرة بنقل المعرفة الموجودة لديهم لتستمر المرافق العامة بأعمالها.
حادي عشر: يجب ان تكون هناك دراسة للبنية التحتية للمرافق العامة وخاصة وان بعضها لا يليق بالمراجع ولا بالموظف وتنعكس سلبا على آلية تقديم الخدمة.
وفي النهاية هذه بعض الاسباب التي اعتقد انها سبب للترهل الاداري والتي أشار جلالة الملك وفي اكثر من موقع لضرورة محاربته لكن لغاية الان الاستجابة ضعيفة والدليل حجم المشاكل التي يواجهها الجهاز الاداري والتي تثير السخط الشعبي.