14-03-2021 05:58 PM
بقلم : هناء الاعرج
لم يذكر ان شهد الاقتصاد الاردني اي حالة من حالات الاكتفاء الوطني والإنتاجية سوى في بعض محاولات خجولة سرعان ما اجهضت في السنوات الاولى من الثمانينات.
ذلك أن الاقتصاد الاردني الناشئ اولا في عهد الامارة اعتمد على المساعدات البريطانية منذ اول يوم لها وحتى تاريخ انهاء المعاهدة البريطانية حيث كانت بريطانيا تمول الانفاق العام من 60% الى 70%
وما حدث بعد ذلك هو أن الأردن بدل وجهته في المساعدات من بريطانيا الى امريكا في السنوات التي تلت عام ١٩٥٧ الى اليوم.
هذا يؤكد شروط قيام الدولة الأردنية مع بريطانيا ان تكون دولة dead state يمكن انعاشها عبر المساعدات.
ولا يسمح لها باستغلال مورادها الطبيعية والسيادة عليها.
ومع ذلك حاول الاقتصاد الاردني محاولات خجولة في الاعتماد على الذات عبر تشجيع القطاعات المنتجة الزراعة والصناعات الخفيفة الا ان ذلك لم يحدث وبالتالي لم يحقق الاقتصاد الوطني المنتج
بل هيمنت القطاعات الخدمية السلعية والمصرفية على جسد الاقتصاد المحلي
وانتقل عبر ذلك الاردن في بداية التسعينات الى نموذج الدولة الريعية / اقتصاد لا يقوم على الانتاج / بل على الضرائب والخدمات والجمارك
ويطرد القوى الوطنية العاملة المنتجة لتحل محلها قوى عاملة وافدة
مع الاستمرار ايضا بالتوسع بالاقتراض والمساعدات الخارجية الامريكية العربية.
في عام ١٩٨٠ مثلا غطت الايرادات المحلية ما نسبته ٦٧% ووصلت الى ٨٩% من الانفاق الجاري
وما تبقى كان يغطى عبر المنح والاقتراض.
حيث بلغ قيمة الاقتراض ٧ مليار انذاك.
ادى ذلك الى الى ارتفاع الدين العام هامش ٦٦.٦% في عام ١٩٨٥.
الالفية والخصخصة،
حتى دخول الالفية الجديدة بقي الأردن اقتصاديا يتأرجح محققا الى حد ما معدلات ثبات علنية الا ان البنية التحتية الاقتصادية كانت على عكس ذلك
حيث دخل الأردن موجة جديدة في ادارة الاقتصاد المحلي
تتمثل بخصخصة القطاع العام وقد جرى ذلك من تخصيص مؤسسات وطنية مهمة مثل الفوسفات والبوتاس والاتصالات الأردنية وشركة الكهرباء الوطنية... الخ
وتم السماح للقطاع الخاص بالتغول على الاقتصاد بما يعرف بشركات متعددة الجنسيات.
ادى ذلك الى ارتفاع ملحوظ بنسب المديونية التي وصلت عام ٢٠١٩ هامش ٩٧% من الناتج المحلي الإجمالي
وبلغ الدين العام ما يقارب ٤٧ مليار دولار
وارتفعت نسب البطالة الى هامش ٢٥%
.
الثمن جراء مشروع الخصخصة الذي قادها الفريق اللييرالي والنيوليبرالي هو تفكيك القطاع العام كاملا
وتحديدا اهم ٣ قطاعات
التعليم
الصحة
العسكر
الذي يقوم عليها اي دولة
وهذا ما تمخض عنه مؤتمر لندن عام ٢٠١٨
حيث عرض صندوق النقد الدولي خارطة الطريق للاقتصاد الاردني
ورهن تقديم المساعدات مقابل الاحراء السريع بتفيكك هذه القطاعات
واذا نظرنا الى موازنة الدولة خلال العقد الاخير نجد انخفاص في موازنة قطاعي الصحة والتعليم
وهو ما ادى الى انخفاض الخدمة وانتاجية هذين القطاعين
ويكفي أن ننظر الى واقع المستشفيات الحكومية وقصة حادثة السلط يوم امس
والى مخرجات التعليم الحكومي حتى نستوعب المستقبل الاسود في ظل عقلية التاجر .