15-03-2021 02:33 PM
سرايا - لعبة "الدومينو" في كوبا هي الأكثر شعبية. يلعبها الرجال والنساء كما الكبار والصغار. موجودة في كل مناسبة، خاصة كانت أو عامة، وفي كل مكان. لعبة يعتز بها الكوبيون وتنتقل من جيل إلى جيل، مع عبارات خاصة بها من توقيع الكوبيين.
هناك عادات وتقاليد تعكس هوية بلد ما أو منطقة ما أو حتى مدينة ما. تعكسها في تفاصيلها حيث تكمن أصالته وطابعه المنفرد. كوبا بلد لها طابع خاص للغاية، خليط من الثقافات تجمعت لتجعل منها جزيرة مثيرة للاهتمام.
تنتقل تلك التقاليد من جيل إلى جيل. وخطر فقدان هذه التقاليد، يشكل على الدوام حافزاً للحفاظ عليها. تتمتع كوبا بالكثير من المميزات، ولكن أكثر ما يطبع فرادتها هو حفاظها على عاداتها وتقاليدها.
هذه هي حال لعبة "الدومينو". هي لعبة لوح معروفة على المستوى الدولي، لكنها في كوبا هي رمز للثقافة الشعبية. فهي مصاحبة للعادات العائلية والاحتفالية للكوبيين. ليست ألعاب "البنغو" ولا "الداما" ولا "الشطرنج" ولا حتى "الورق" ما يفضله الكوبيون، بل هي تعبير آخر عن أصالة هذه البلاد وثقافتها الشعبية.
إذا كنت تعيش في هذه الجزيرة الجميلة أو زرتها ومشيت في شوارعها، ستدرك بالتأكيد هذه الحقيقة. ستدرك أن "الدومينو" هي اللعبة الشعبية التي يستمتع بها الكوبيون. وإذا أردت مشاركة السكان حياتهم البسيطة، عليك مشاركتهم لعبة "الدومينو" على النمط الكوبي.
يقال إن الصينيين هم من أتوا بهذه اللعبة إلى كوبا. والبعض يقول إن الصينيين الذين يعيشون في كاليفورنيا على وجه التحديد؛ البعض الآخر يقول إنهم الأوروبيون. لكن في الواقع، ليس معروفاً على وجه التحديد كيف وصلت لعبة الدومينو إلى الجزيرة الكاريبية.
لا يخلو بيت في كوبا من وجود أحجار "الدومينو"، فهذه اللعبة الشعبية حاضرة في كل مناسبة، وفي كل مكان. من حفلات أعياد الميلاد، إلى أيام العطل، حتى في الشوارع و في زوايا الأحياء الشعبية، تجد الكوبيين صغاراً وكباراً، نساءً ورجالاً، يتشاركون المشروب الكوبي ولوحة "الدومينو"، لقضاء أوقات جميلة تصل حتى ساعات الفجر احياناً.
الكوبيون يقولون إن رجلاً أعمى وأصم اخترع لعبة "الدومينو"، حتى لا يغش اللاعبون بالنظر إلى أحجار بعضم، وحتى يصمت الجميع أثناء اللعب. لكن هذا ليس هو الحال في كوبا، ففي هذه البلاد تمارس هذه الهواية بكثير من الحماس، حتى أنه تمت إعادة تسمية العديد من أحجار اللعبة وأرقامها بعبارات شائعة أو شخصيات تاريخية.
وجراء سحر هذه اللعبة فإن الصغار والكبار في كوبا يستمتعون بلعبة "الدومينو"؛ يمكن لجميع الأجيال أن تجتمع على طاولة واحدة. يقال إنه منذ سنوات كان من الشائع العثور عليها داخل المنازل وفي الحفلات، لكن اليوم من الممكن أن تتحول أي زاوية أو حديقة أو ركن في الشوارع إلى مكان للقاء ولعب "الدومينو". في بعض الأحيان، حتى بدون طاولة، مجرد لوح خشبي يضعه اللاعبون على أرجلهم، وتبدأ اللعبة.
ليس بمشهد غريب أن تجد مجموعة من كبار السن، فتحوا لوحتهم تحت إحدى عواميد إنارة الشوارع في الأحياء الشعبية، ليقضوا بعض الوقت بحماس كبير، لدرجة تظن انهم في العقد الثاني من العمر.
هيكتور الذي يعيش في ميامي بالولايات المتحدة، يأتي سنوياً لقضاء عطلة رأس السنة مع عائلته الكوبية. أولى اهتمامه أثناء التحضير للسفر إلى كوبا هو تأمين طاولة لـ"الدومينو". ولدى وصوله إلى منزل عائلته في كوبا، أول ما يسأل عنه "أين هي الطاولة؟". ويبدأ بتنسيق اللعب ويشترط أن يكون جده شريكه خلال أيام العطلة، ويطلب من جدته أن تختار شريكاً لها، ويمازح جدته بألا تجعل من موضوع الشريك حجة لتبرر بها خسارتها. فالآن يملكون طاولة لـ"الدومينو" ولا يوجد ذريعة أنها لا ترتاح في اللعب على الطاولات العادية، "فإن كنت تحترفين هذه اللعبة كما تقولين، عليك أن تفوزي"، يقول هيكتور.
للعبة "الدومينو" في كوبا عبارات خاصة، يتم تداولها على مر السنين ولها أصول مختلفة، لكنها في المجمل تشكل تعبيراً عن كوبا اليومية، وهي لغة أخرى يعرفها الكوبيون فقط. يستخدمونها ويفهم الجميع تماماً ما يتحدثون عنه، على سبيل المثال، الثمين "كوردو" يعني الحجر الكبير الذي يحمل تسعة أرقام. وأخرى الشاطئ "بلايا" أي الحجارة ذات الأرقام الصغيرة. و"أعط الماء" التي تعني جمع الحجارة وخلطها في نهاية كل لعبة. وهي عبارة شائعة، يستخدمها الناس هنا للتعبير عن أن شيئاً ما قد انتهى أو على وشك الانتهاء.
تعتبر "الدومينو" في كوبا، وسيلة للتواصل الاجتماعي والتعرف على الأصدقاء. وقد حرمت جائحة كورونا الكوبيين من التجمع ولعب "الدومينو"، فإن سؤال يتبادله الأصدقاء في كوبا اليوم هو "متى تنتهي هذه الجائحة؟ لنتشارك الموسيقى والدومينو من جديد".