حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الإثنين ,23 ديسمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 1767

أرهقتنا الشعبوية و نخرَنا التسكين

أرهقتنا الشعبوية و نخرَنا التسكين

أرهقتنا الشعبوية و نخرَنا التسكين

16-03-2021 11:14 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : المحامي علاء مصلح الكايد
هذه مقالتي رقم ( ٣٠٠ )، رغم أني أكتب منذ إثني عشر عام إلّا أنّني غادرت مربّع الكتابة مؤقّتا لفترات متقطّعة يأساً منّي، فقد ضاع القلم مراراً والفكرة تكراراً وفقدت بوصلة الكتابة لشدّة الإمتعاض من فكرة أن ( لا شيء يتغير )!

ولعلّ أبرز ما حوته مقالاتي وحملته كلماتي هو ظاهرة أطلقت عليها " المتنافرات المقبولة ".

وإنّي لأجزم بأنّ ما دعانا للتراجع على الصُّعُد كافّة - رغم تعدّد الأسباب - هو مثلّثٌ إستجدّ على بيئتنا وإستقرت أضلاعه الثلاث حتى بات كلّ منها ركنٌ ليس بالسهل تحريمه أو حتى مجرد تحريكه!

فقاعدة المثلث قائمة على فكرة أن بوابة الوظيفة العامة هي " واسطة " مهما بلغتَ من العلم أو المهارات، وضلع المثلّث الأوّل يمثل نظرية أنك ممنوع اللّمس طالما أن قوانين وأنظمة الخدمة لا تسمح بإنهاء خدماتك بغير أحكام قضائية جزائية أو حالات نادرة، والضلع الأخير المستنبط من القاعدة هو أن ترشيحك وتزكيتك للمغانم الوظيفية والحيلولة دون خضوعك للمغارم العقابية مرهون بقدر المسافة بينك وبين المسؤول الأعلى أو في حال وجود مركز نفوذ داعم لك يمارس الضغط لصالحك.

وسأركز على ما أعُدّه بيت الدّاء وبؤرة البلاء، طبقة المسؤولين الذين عاثوا في الأرض فساداً بصورتين؛ مباشرة وغير مباشرة.

أما المباشرة فجميعنا يعرفها وأشبعناها ذِكراً وأسلنا من أجلها الكثير من الحبر، بينما الثانية المُنسلّة كالنار أسفل الهشيم هي في زراعة المسؤول للنبتة الحرام التي ينتظر قطافها بعد إنتهاء خدمته.

فمن يصادر حقّ أردنيٍّ أو أردنيّة في منفعة علمية أو عملية أو مادية ليجيّرها لمن ليس له حقٌّ فيها من ذويه أو يذود عن قريب أو صديق ليأمن عقاباً يستحقه قد دفع بالمواطن المظلوم لإستعداء الوطن، وكرّس نهجاً من الفساد والتمييز يزداد طرديّاً جيلاً بعد جيل، لتكون النتيجة إما الذود عنه بالمقابل من قبل قاعدته إذا طاله العقاب أو حجز مقعد الصدارة مستقبلاً لتمثيل قاعدته في المجالس والمحافل.

أما الفئة الأُخرى من طبقة المسؤولين فهي المُرتجفة المتصالحة مع قاعدة " سكِّن تسلم "، ولعل في محيط الكثير منّا نماذج لأشخاص نتساءل بيننا كيف وصلوا لهذه المرتبة أو تلك الرتبة ؟! لكن تلك الفئة المهزوزة أشدّ فتكاً بالوطن فهي ضعيفة تبحث عن الإستقرار والإستمرار ما أمكن دون ضجيج أو مجابهة تطبيقاً للمثل الإنجليزي " من لا يفعل شيئا لا يخطئ " رغم أن التأخر في القرار قرار سلبيّ، والتنصل منه كذلك قرار لكنها سلبية بما تهدر من حقوق أو تزيد من مشكلات.

إن ما ذكر أعلاه مجرد خلاصات ليس إلّا، وقد نشرت سابقاً عبر صحيفة الرأي سلسلة ثلاثية من المقالات كانت بعنوان " تشخيص الحالة "تناولت الظواهر التي مزقت في جسدنا الوطني ونالت منه ما نالت عبر صراعات القوى ومناطق النفوذ التي رسّمت كلّ فئة حدودها منذ زمن.

تلك المتنافرات المذمومة مقبولة في حدود إستطاعتنا وإستفادتنا، فإذا إقتربت حلالٌ هي وإن إبتعدت فحرام، رغم أن الأدوات والمعايير هي ذاتها في كلتا الحالين وكلٌّ يُديرُ النار على قُرصه!

أخيراً، أستذكر مقولة لجلالة الملك " بدّي رجال "، وفعلاً ما أمسّ حاجتنا اليوم لرجال لا يخشون في الحق لومة لائم، يقومون بصيانة ما إقترفته أيدي نخب مستهلكة شربت من خير الوطن حتى الثمالة، وليست بقادرة اليوم أن تظهر لتردّ له أيّ جميل، والأنكى؛ قد يظهر منها من يرى لنفسه فرصة أن يقتصّ هو من الوطن كيف شاء ومتى شاء، فحتى من نال المراتب وتنعّم بالتقاعد ينأى بنفسه عن الوقوف إلى جانب الوطن عند الشدائد، وليته يقف عند ذلك الحدّ!

نريد اليوم أصحاب قرار، لا يبحثون عن الشعبوية، يكافحون الفساد كلّ في موقعه، لا يعرفون إلّا الله والوطن والملك.

وكما قال سيدنا بالأمس " خلص،بيكفي".

حفظ الله الأردن قيادة وشعباً








طباعة
  • المشاهدات: 1767
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
16-03-2021 11:14 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
لا يمكنك التصويت او مشاهدة النتائج

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم